زينت صورة للقمر الاصطناعي الجزائري "ألكومسات1"، وهو أول قمر صناعي للاتصالات تقوم الصين بإطلاقه للبلدان الشرق أوسطية والعربية، واجهة الأوراق النقدية الجزائرية الجديدة من الفئة 500 دينار، جنبا إلى جنب مع خريطة البلاد وجسر الطريق السريع بين الشرق والغرب فيها. ورأى خبراء معنيون أن هذا لا يسلط الضوء فقط على الأهمية الكبيرة التي توليها البلاد لأول قمر اصطناعي للاتصالات لها، وإنما يؤكد أيضا على الصداقة التقليدية العميقة بين الصين والجزائر. لقد تم إطلاق القمر الاصطناعي في ديسمبر من عام 2017، من مركز شيتشانغ لإطلاق الأقمار الاصطناعية في مقاطعة سيتشوان جنوب غربي الصين، ما شكل علامة هامة على طريق الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين الصين والجزائر، وأوجد سابقة في التعاون في مجال الفضاء بين الصين والدول العربية، ولعب دورا مهما في تعزيز التنمية الاقتصادية في الجزائر وتحسين معيشة المواطنين والتقدم الاجتماعي. وحاليا، يوسع "ألكومسات1" خدماته تدريجيا من مجالات مثل الإذاعة والتلفزة الجزائرية إلى الوصول الأوسع إلى شبكة الإنترنت والاتصالات المتنقلة ومؤتمرات الفيديو والاتصالات في حالات الطوارئ، وتعزيز الملاحة وغيرها. في شهر مايو من هذا العام، زود القمر الاصطناعي المنصة الوطنية للتعليم عن بعد المفتتحة حديثا بخدمات البث عبر الأقمار الصناعية، وقدم الإرشاد الأكاديمي لطلاب المدارس الابتدائية والثانوية التي تم تعليق الدوام فيها بسبب الوباء، لينعكس بذلك التعاون الفضائي بين الصين والجزائر بنتائج ملموسة ومحسوسة على كافة فئات الشعب الجزائري. وتعد العملة الوطنية أفضل بطاقة عمل لبلد ما، وما تحمله من صور على واجهتها يختزن تاريخا وحضارة عميقة. لذا فصورة القمر الاصطناعي للاتصالات على العملة الجزائرية شاهد بارز على تعاون وثيق بين الصين والجزائر للاستفادة من الفضاء لما هو في صالح الشعوب، كما يمثل تأكيدا مباشرا لخطى الصين المتسارعة نحو استكمال طريق الحرير الفضائي. لقد أحرزت الصين بعد عدة أجيال من النضال المستمر، تقدما كبيرا في مجال علوم وتكنولوجيا الفضاء، وشكلت نظاما صناعيا متكاملا لعلوم وتكنولوجيا الفضاء بما في ذلك إطلاق الأقمار الفضائية، وتطوير المركبات الفضائية، وأنظمة قياس ومراقبة الفضاء، وخطت خطوات كبيرة لتصبح دولة قوية في علوم وتكنولوجيا الفضاء. وخلال هذه العملية، تتمسك الصين بـ"روح طريق الحرير" القديمة والإصرار على بناء "مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية"، وتضافرت جهود الصين والدول الأخرى المشاركة في بناء الحزام والطريق لتمهيد "طريق الحرير الفضائي" الذي يفيد جميع الدول، بما فيها الدول العربية. وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ قد شدد خلال حفل افتتاح الدورة السادسة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي في عام 2014 على أهمية التعاون التكنولوجي بين الصين والدول العربية، مؤكدا على ضرورة الارتقاء بمستوى التعاون العملي الصيني العربي في ثلاثة من مجالات التكنولوجيا الفائقة كنقاط اختراق تشمل الطاقة النووية والفضاء والأقمار الاصطناعية والطاقات الجديدة. واستمرت الصين والدول العربية في العمل على تعزيز التعاون الفضائي منذ ذلك الحين، محرزة العديد من التقدمات الأولية تتمثل بشكل أساسي في نظام بيدو، الذي يعد أول بنية تحتية فضائية صينية تقدم خدمة عامة للعالم، حيث تشارك الدول العربية بنشاط دائما في عملية بناء نظام بيدو. ووقعت الصين مع كل من السعودية والمنظمة العربية لتكنولوجيات الاتصال والمعلومات والأكاديمية العربية لتكنولوجيا العلوم والنقل البحري في يناير 2016 على مذكرات تعاون بشأن نظام بيدو، مما أنشأ بذلك آلية التعاون الرسمية. ومنذ عقد الدورة الأولى للمنتدى في مايو من عام 2017 بمدينة شانغهاي الصينية، شرع الجانب الصيني في إجراء تعاون مع كل من السعودية والجزائر ومصر وتونس في هذا المجال، وتم تحقيق الكثير من الإنجازات. ودُشن أول مركز "بيدو" لنظام الملاحة الصيني لتحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية بالخارج في تونس في أبريل عام 2018، حيث يُدار بشكل مشترك من قبل المكتب الصيني للملاحة عبر الأقمار الصناعية والمنظمة العربية لتكنولوجيا الاتصال والمعلومات. كما أعلنت الصين في ديسمبر عام 2018 نجاحها في إطلاق قمرين صناعيين للسعودية على متن الصاروخ الحامل "لونغ مارش-2 دي" من مركز جيوتشيوان لإطلاق الأقمار الصناعية في شمال غربي البلاد، حيث من المتوقع أن يلعبا دورا هاما في التصوير الأرضي. في أبريل 2019، عقدت الدورة الثانية لمنتدى التعاون العربي الصيني لنظام "بيدو" للملاحة بالأقمار الصناعية لتأسيس آلية طويلة الأجل للمنتدى رسميا؛ وفي سبتمبر عام 2019، وقعت الصين والعراق على مذكرة تفاهم للتعاون في مجال بيدو، تأكيدا على إجراء التعاون في تطبيق النظام في شتى المجالات. ونظام الملاحة عبر الأقمار الصناعية، بوصفه ركيزة أساسية للتواصل والترابط، يحمل إمكانات كامنة ضخمة لدفع التعاون الصيني العربي في مجالات المواصلات والاتصال والخدمات اللوجستية، وبإمكانه أن يخلق نقاطا مضيئة جديدة في التعاون البراغماتي بين الجانبين. وفي الوقت الراهن، تعمل الصين على تعزيز بناء مشروع ممر للمعلومات الفضائية في إطار مبادرة الحزام والطريق، بهدف توفير دعم معلوماتي يشمل تخطيط استخدام الأراضي وحماية البيئة والتنبؤ بالكوارث، فضلا عن دفع السياحة وغيرها من الصناعات للدول على طول المبادرة، بما فيها الدول العربية، وذلك عن طريق دمج مزاياها في مجالات مثل الاتصال والملاحة والاستشعار عن بعد. وفي هذا السياق، ستعمل تكنولوجيا وخدمات الطيران الصينية على تسريع الانفتاح والمشاركة، وتعزيز التعاون الفضائي بين الصين والدول العربية، مما يعود بالفائدة على التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوثيق الروابط الشعبية والتبادلات الثقافية بين الجانبين. وخلال السنوات الأخيرة، أصبح التعاون الفضائي نقطة ساخنة ضمن إطار التعاون الشامل بين الصين والدول العربية، لينعكس الأمر على زيادة تعزيز المنفعة المتبادلة والكسب المشترك للجانبين والعالم أجمع.
مشاركة :