أنقرة- عاد التوتر ليخيم على منطقة شرق المتوسط، رغم الدعوات الأميركية لكل من تركيا واليونان بالتهدئة والتوصل إلى تسوية سياسية. وأفادت وكالة "بلومبرج" للأنباء بأن تركيا أجرت مناورات بحرية بالقرب من المياه اليونانية الثلاثاء، في المقابل، أعلن وزير الدفاع اليوناني، نيكوس بانايوتوبولوس، أمام البرلمان، الشروع في إنشاء قاعدة عسكرية ثانية في جزيرة كريت القريبة ردا على استمرار الخروقات التركية. وقال وزير الدفاع اليوناني في بيان الثلاثاء أمام لجنة الدفاع والشؤون الخارجية بالبرلمان اليوناني، إن القرار جاء بناء على المعطيات التي فرضتها الظروف الحالية لتعزيز وجود اليونان العسكري في شرق المتوسط. وتأتي هذه التطورات في وقت تواصل فيه الولايات المتحدة جهودها للدفع نحو تسوية سياسية عن طريق المفاوضات حيث أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الثلاثاء أن بلاده تدعم "بقوة" حواراً بين اليونان وتركيا، "الحليفتان في حلف شمال الأطلسي"، لإيجاد حل لنزاعهما في مناطق التنقيب عن مشتقات النفط في شرق المتوسط. وقال بومبيو وإلى جانبه رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس من قاعدة بحرية للأطلسي في سودا على جزيرة كريت خلال اليوم الثاني من زيارته لليونان "ندعم بقوة الحوار بين اليونان وتركيا، الحليفتان في حلف شمال الأطلسي، ونشجعهما على العودة إلى المفاوضات حول هذه المسائل بأسرع ما يمكن". نننننن واتفقت تركيا واليونان الأسبوع الماضي على استئناف المحادثات التي تهدف إلى حل النزاعات حول الحدود البحرية، وذلك بعد توتر بحري في الصيف كاد أن يجعل البلدين العضوين بحلف شمال الأطلسي (ناتو) على شفا الحرب. لكن المتابعين يرون أن موافقة أنقرة على استئناف المفاوضات يدخل في باب المناورة السياسية لا غير، وقللوا من إمكانية التوصل إلى حل عبر آلية التفاوض في ظل إصرار كل طرف على رفض تقديم أي تنازلات لاسيما أنقرة المتشبثة بتحقيق مشروع "الوطن الأزرق". والوطن الأزرق هو طموح تركي ليس بالجديد وكان الأدميرال التركي، جيم غوردنيز، أول من أطلق عليه هذه التسمية ويستهدف المشروع الهيمنة على المياه الإقليمية المجاورة، في مناطق شرق المتوسط، البحر الأسود، وبحر إيجة. وفي تصريحات لصحيفة واشنطن بوست الأميركية أكد اللواء التركي المتقاعد غوردنيز أنّ الهدف من تنفيذ مخطط الوطن الأزرق الوصول إلى منطقة عازلة واسعة تبلغ ما يقارب 180 ألف ميل مربع من البحر، تمتد إلى ما وراء الجزر اليونانية قبالة الساحل الغربي لتركيا. ووضع نظام الرئيس التركي نصب عينيه تحقيق هذا المخطط لتكريس مطامعه التوسعية في المنطقة الإستراتيجية البحرية. ويثير التوتر اليوناني التركي قلق المجتمع الدولي من تحوله مواجهات مباشرة بيت البلدين، ما قد يؤدي إلى كارثة في منطقة تعتبر أغنى مناطق العالم بالثروات النفطية. وفي العاشر من أغسطس أرسلت تركيا في خطوة وصفت بالاستفزازية، سفينة رصد زلزالي ترافقها سفن حربية إلى المياه بين اليونان وقبرص ما أجج المخاوف من كارثة مرتقبة في المنطقة. ويرى مراقبون أنه لن يكون رادع لأنشطة تركيا التصعيدية شرق المتوسط ما لم تتوفر إرادة سياسية دولية صارمة من شأنها كبح أنشتطها المزعزعة للاستقرار ليس فقط في تلك الرقعة الجغرافية بل وأيضا في عدة أنحاء وآخرها في القوقاز.
مشاركة :