الكويت – اختار الشاب الكويتي عبداللطيف البدر (34 عاما) التخصص في مجال صناعة الزيوت العطرية، بدل الالتحاق مثل أقرانه بالوظيفة الحكومية، بعد أن تلقى عدة دورات في مجال الطبخ وصناعة العطور. وقال البدر لوكالة أنباء “شينخوا” إن الوظيفة الحكومية توفر الأمان المالي بالنسبة إلى كل شاب، لكنها لا تستطيع أن تشبع شغف الطامحين إلى التغيير والابتكار والتطوير. وأضاف “أفضّل الصناعات اليدوية على تكرار العمل نفسه يوميا، لأنها تمنح الشاب فرصة للنجاح وتحقيق أرباح تفوق مدخول راتب الوظيفة الحكومية إن تمكن الواحد من النجاح”. وعشق عبداللطيف البدر الطبخ في البداية ثم صناعة القهوة، ودفعه شغفه بالنكهات والعطور إلى اقتحام عالم الزيوت العطرية ليستقر ويتخصص قبل ثلاثة أعوام في صناعة الزيوت العطرية الغذائية، برفقة شريكه عبدالعزيز اليتامى. ويجري الشريكان حاليا عدة اختبارات في مصنعهما بمنطقة أسواق القرين لإطلاق وتسويق أنواع جديدة من الزيوت العطرية الغذائية مثل زيوت اللافندر والزعفران والقهوة ومستخلص الهيل بعد أن نجحا في تسويق مستخلص الفانيلا. والبدر هو واحد من الشباب الكويتيين الذين فضلوا تعلم صناعات تقليدية على الانخراط في العمل الحكومي الذي يعد حقا دستوريا في الكويت، وقد تلقى العديد من الدورات التدريبية في صناعة العطور والزيوت العطرية ولا يدخر جهدا في البحث عن طرق جديدة لتحسين مستواه المعرفي وتطوير عمله. النشاط الحرفي في الكويت إرث وطني ومجال لتوفير فرص العمل وتنويع مصادر الدخل ويرى سلامة الغريب، رئيس مركز “نيو وورلد أكاديمي” المتخصص في تعليم العديد من الحرف التقليدية، أن النشاط الحرفي في الكويت إرث وطني ومجال لتوفير فرص العمل وتنويع مصادر الدخل بالنسبة إلى الكثير من الشباب والعائلات التي لا تسمح لها مداخيلها بتلبية كل متطلبات العيش الكريم في ظل موجة الغلاء المتنامية. ويساهم الغريب منذ أربع سنوات في تعليم عائلات برمتها حرفا تقليدية، وقد بلغ عدد هذه العائلات حتى الآن 400 عائلة. وقال الغريب إنه يستعد لإطلاق مبادرة “حرفة في كل بيت” منتصف الشهر المقبل بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لتنمية قطاع الحرف التقليدية والصناعات اليدوية من خلال دورات تدريبية مجانية تتم عن بعد بسبب تدهور الأوضاع الصحية نتيجة انتشار فايروس كورونا. وأضاف متحدثا عن أهداف هذه المبادرة “تهدف هذه المبادرة التطوعية والمجتمعية في الأساس إلى تحسين صورة الحرف التقليدية وتحويل الأسر المتعففة إلى أسر منتجة ومنافسة، بالإضافة إلى تطوير إمكانيات الحرفيين وقدراتهم، وتوجيه فئة الخريجين إلى العمل في القطاع الحرفي وتشجيع الاستثمار في هذا المجال”. وتقترح المبادرة على المتدربين 17 حرفة، أبرزها حرفة صناعة العطور والبخور وتشكيل الإسمنت، بالإضافة إلى صناعة الإكسسوارات وإعادة التدوير على أيدي مدربين كويتيين متطوعين ومتخصصين في هذه المجالات. وترى مديرة المبادرة نادية الحمادي أن لمثل هذه الدورات أهمية كبرى باعتبار أنها تنمي عقول الشباب وتسد الكثير من الفراغ الذي يعانون منه، كما تساعد العائلات على تحسين مداخيلها. وقالت الشابة أنفال، التي سبق أن تعلمت صنع الإكسسوارات خلال إحدى هذه الدورات، إنها تعلمت الكثير وأصبحت تجيد صنع الكثير من المشغولات الفنية باستخدام مادة الريزن. ولفتت المدربة نادية الحمادي، التي تنظم هي الأخرى دورات منذ سنوات، إلى أن الكثير من الشباب الذين دربتهم في مجال صناعة العطور أو البخور أو في اختصاص تشكيل الإسمنت أو في مجال الطبخ الكويتي تمكنوا من إنشاء مشاريع ناجحة. وأضافت “نحن ندعمهم ونتابعهم دوما ولا نتخلى عنهم بعد هذه الدورات”. ومن بين التخصصات التي تشهد إقبالا مكثفا من الشباب نجد الطبخ الكويتي التقليدي، حيث تقول نادية الحمادي إن الكثير من المقبلات على الزواج والشبان يرغبون في تعلم أصول بعض الطبخات القديمة. وأوضح الغريب أن الشباب يرغبون في تعلم كيفية تحضير بعض الحلويات القديمة كالرهش والتمرية واللقيمات، علاوة على بعض الأطباق التقليدية كالمرقوق والمطبق الزبيدي والمموش والهريس والجريش، بالإضافة إلى بعض الحرف التي ارتبطت بتاريخ الكويت كتشكيل سعف النخيل لصناعة الحقائب وصيد السمك الذي يعد من أقدم المهن التي امتهنها سكان الإمارة. وبرزت هذه الأعمال الحرفية بشكل كبير في الكويت خلال أزمة كورونا، إذ هرعت خياطات متطوعات إلى خياطة وتوزيع آلاف الكمامات على أفراد الشرطة والجيش والأطباء بسبب ندرتها في الأسواق العالمية وغلاء أسعارها أيضا.
مشاركة :