نجاح العملية الانتخابية مرهون بتكثيف الحملات التوعوية وتثقيف الناخبين

  • 8/4/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في كل دورة انتخابية نشهد زيادة في أعداد الهيئات الانتخابية، حيث وصلت في الدورة الحالية إلى 66%، فيما تجاوز العدد 224 ألف عضو هيئة انتخابية في الدورة السابقة في العام 2011، وكانت نتائج مشاركة الناخبين بسيطة جداً، إذ امتنع نحو 70% من إجمالي الناخبين المسجلين عن التصويت، ولم تحقق التجربة الثانية للعملية الانتخابية نتائج أفضل من سابقتها، رغم زيادة عدد أعضاء الهيئات الانتخابية، ولم ترتق إلى ما طرحته قيادة الدولة من برنامج تدريجي للعملية السياسية. فما السبب وراء غياب الناخب عن الدورة الانتخابية السابقة؟ وهل سنشهد تفاعلاً أكبر من الناخبين في الدورة الحالية ليكون العرس البرلماني مختلفاً؟ سنتناول ذلك خلال التحقيق التالي.. أكد الدكتور محمد المزروعي الأمين العام للمجلس الوطني الاتحادي، أن نسبة المشاركة في التصويت خلال انتخابات عام 2011 كانت ضعيفة بالمقارنة مع المشاركة بالتصويت في عام 2006، وقال: جاء التصويت دون المتوقع في انتخابات عام 2011، ومخيباً للآمال والتطلعات التي كانت تأمل في أن تحقق التجربة الثانية للعملية الانتخابية نتائج أفضل من سابقتها، من خلال مشاركة أوسع للناخبين خاصة مع زيادة عدد أعضاء الهيئات الانتخابية بمضاعفات كبيرة، وتنوع الشرائح العمرية والاجتماعية المشاركة فيها، فالمشاركة في العملية الانتخابية لم ترتق إلى ما طرحته قيادة الدولة من برنامج تدريجي للعملية السياسية، وما أكدته خطابات وكلمات قادة الدولة وخطابات وكلمات صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، في العديد من المناسبات الوطنية. إن انتخابات المجلس الوطني الاتحادي 2015 طرأت عليها تعديلات كبيرة سواء على مستوى أعداد الناخبين أو المراكز الانتخابية أو التسهيلات في إجراء انتخابات مبكرة، والسماح للمواطنين من أعضاء الهيئات الانتخابية بالتصويت من خارج الدولة في مقار السفارات والبعثات الدبلوماسية للدولة في الخارج، وهناك عوامل أخرى ستثري المشهد الانتخابي في الدورة الحالية كزيادة مدة الحملات الدعائية للمرشحين من أسبوعين إلى 25 يوماً. وحول الأسباب الرئيسية التي أدت لقلة الإقبال على الانتخابات في الدورة السابقة، قال: عدم اقتناع الناخبين بالعديد من المرشحين المتنافسين، لأن الكثير منهم لم يقدم برامج انتخابية ذات اعتبار مجتمعي ومقنعة للناخبين، فالبرامج التي أعلن عنها بعض المرشحين وكأنهم سينتخبون لعضوية الحكومة، وليس عضوية المجلس الوطني، حيث طرحوا أفكاراً ورؤى تتعلق بالعمل التنفيذي أكثر منها بالعمل التشريعي أو الرقابي، إضافة إلى غياب التواصل الحقيقي بين الناخب والمرشح أثناء العملية الانتخابية، مما نجم عنه أن نصف الناخبين لا يعرفون المرشحين، ويتضح من الانتخابات الأخيرة في عام 2011 أن البعد الاجتماعي كان حاضراً بقوة، فإذا كان المرشح ينتمي إلى إحدى عوائل الناخبين يكون للناخب دافع الإدلاء بصوته، وهناك العديد من العوامل المتعلقة بالمراكز الانتخابية، منها مشقة الوصول إليها، وهذا يتطلب إعادة النظر في المراكز الانتخابية سواء بزيادتها أو بتحديد أماكن أفضل. المستشار القانوني منصور محمد بن نصار، مدير الإدارة القانونية بمكتب سمو الحاكم بإمارة الشارقة، رئيس لجنة إمارة الشارقة لانتخابات المجلس الوطني الاتحادي 2015، أكد أن ثقافة الانتخاب جديدة في الإمارات، وتجربة وليدة، وهذا الأمر يفرض علينا الصبر والتأني، ومشاركة 30% من الناخبين بالتصويت في الدورة السابقة أمر إيجابي، ومشاركة فعالة، وقال: قلة المراكز الانتخابية نجم عنها قلة الإقبال على المشاركة في التصويت، وشاهدت من خلال تواجدي في المركز الانتخابي إقبالاً كثيفاً من الهيئة الانتخابية على المشاركة في التصويت، ولو عدنا للإحصاءات سنجد أنها بسيطة، ولكن تبقى تجربة حديثة، وستتطور في الفترات المقبلة، وفي كل دول العالم التي لها تجارب سابقة في الانتخابات، نشهد أن هناك إحجاماً من البعض عن التصويت، فالحقوق السياسية لا تكون دائماً من ضمن أولويات المواطن. إن مبادرات المجلس الوطني الاتحادي وأداءه مؤثر بشكل كبير، وهذا يدفع الناخبين على الإقبال على التصويت، والمرشح له دور في التأثير على الناخب من خلال حملته الانتخابية، فإذا لم يدر الحملة بطريقة ناجحة، ولم يسوق بطريقة صحيحة سيكون الإقبال ضعيفاً، والمرشح الذي يوعد بحملات فضفاضة ويخالف اختصاصات المجلس الوطني الاتحادي سيضعف المشاركة في الانتخابات بشكل كبير خاصة أن الناخب أكثر وعياً اليوم باختصاصات المجلس. الدكتور جمال المري المستشار القانوني، نائب القائد العام لشرطة دبي سابقاً يقول: عدد كبير من الأفراد لا يعلمون أن أسماءهم ضمن الهيئة الانتخابية، وهناك أشخاص من الهيئة الانتخابية لا يملكون القدرة على التصويت سواء المريض والبعيد، وكل تلك الأسباب تؤدي حتماً إلى غياب الناخب، ولابد من التأكد من وصول المعرفة إلى الهيئات الانتخابية لضمان مشاركة أكبر، فمن تم اختياره ضمن الهيئة الانتخابية لابد أن تكون هناك آلية للتأكيد من معرفته بالمعلومة أو توقع إدراكه الأمر، وإن عولج الأمر سنشهد مشاركة أكبر. وأشار إلى أهمية التركيز الإعلامي لدور الناخب في العملية الانتخابية، فدوره حيوي ووطني، وعلى الناخب التحرك وتلبية النداء الوطني، وتحريكه من خلال الحس الوطني. وحرصت الدولة على عدم حرق المراحل في عملية المشاركة السياسية، بل وضعت خطة مقسمة إلى مراحل زمنية يتم فيها الانتقال تدريجياً نحو المشاركة الفاعلة، ومأمول من المجلس الكثير في المراحل المقبلة، والأهم أن المرشح لابد أن تتوفر فيه مواصفات قوية تؤهله لتلبية تطلعات الناخبين والمواطنين، بحيث يكون قادراً على تلبية طموحات ونقل أفكار الناخبين إلى المجلس وتحريكه بشكل سريع لتحقيق ما يسعى إليه المواطنون، وتجب إعادة النظر في الشروط التي لابد من توافرها في المرشح لعضوية المجلس الوطني، فالشروط بسيطة جداً تناسب الناخبين وليس المرشحين، فهل المرشح الذي لا يملك المؤهلات القوية سيكون قادراً على أن يتبنى القضايا ويمحورها ويدرسها ويترجمها من خلال واقع، ويطرحها للمناقشة في المجلس حتى تخضع للآلية المتبعة في المجلس عند طرح كل نقاش، فالمرشح هو حلقة وصل، ولابد أن يكون قادراً على إيصال صوت المواطن، ولابد أن تعاد دراسة شروط المرشح وتغييرها، فالمرشح لابد أن تكون له اشتراطات أعلى. إن الثقافة البرلمانية مفقودة، وليست واضحة أمام الهيئة الانتخابية، هذا ما أشار إليه أحمد المنصوري عضو المجلس الوطني حيث يقول: تكثيف الحملات التوعوية مطلب رئيسي لتجاوز مسألة غياب الناخب في الدورة الحالية، وهناك أسباب عدة أدت إلى إحجام الناخبين عن التصويت في الدورة السابقة، أهمها النظام الإلكتروني في تجربة حديثة، واقتصار التصويت على يوم واحد، ولم تكن المعلومات كافية عن المرشحين، فالمدة لم تكن كافية، وهناك عدد كبير من الناخبين لم يستطيعوا الوصول لمراكز الاقتراع، وهناك أفكار مسبقة عن مراكز الانتخابات والتصويت أثرت سلباً على الناخبين. إن البعض مازال يخلط بين المجلس الوطني الاتحادي والمجلس البلدي، واعتقادهم أن المجلس الاتحادي لا يخص الأفراد والمجتمع، رغم أن هناك العديد من القوانين التي عدلت والتوصيات التي اعتمدت في المجلس الوطني الاتحادي تمس الأفراد والمجتمع بشكل مباشر. ويجب على الناخبين أن يعتبروا المسألة تكليفاً، وعليهم طاعة ولي الأمر، ويجب أن يكونوا سنداً للحكومة، والدور الأهم يقع على الإعلام، كونه يتعامل مع المجلس باستحياء، ولا يسلط الضوء بشكل كبير على ما يحدث تحت قبة البرلمان. والمرشح أدواته بسيطة ومحدودة، وفي دورة 2011 لم تكن البرامج الانتخابية واضحة ومفهومة أمام المرشحين، فلم يكونوا على علم تام باختصاصات المجلس، فوجدنا طموحات عالية تتجاوز سقف صلاحيات المجلس. إن البرنامج الانتخابي هوية المرشح، ويتوجب على المرشح أن يصرح ويعلن ويبني حملته الانتخابية بناءً على ما يستطيع تقديمه فعلاً من دون مبالغة، وأن يكون المرشح متشرباً للسياسات المحلية ومستوعباً لكل مجرياتها، وأن تكون لديه القدرة على تمثيل الشعب ونقل طموحاته واحتياجاته في المجلس فضلاً عن تمثيل مصالح الدولة في المحافل الدولية والخارجية، والقيام بدراسات واقعية مع تلمس الاحتياجات والتوقعات واستقصاء الواقع والمستقبل. أحمد الزعابي عضو المجلس الوطني أكد أن غياب الحافز للناخب وراء امتناعه عن التصويت، وقال: الناخب يتساءل عادة، ماذا يقدمه عضو المجلس الوطني للناخب؟ خاصة أن الناخب تابع لمؤسسة اتحادية ومحلية، ونظرتهم أن معظم الخدمات تقدم محلية، والقيادة توفر تلك الخدمات، بالتالي يعتبر أنه لا يوجد حافز للتصويت. صلاحيات المجلس الوطني الاتحادي محددة سلفاً بالدستور، والمرشحون عادة يقدمون سقفاً عالياً من الطموحات في برامجهم الانتخابية، وهذا يؤثر سلباً في العملية الانتخابية، إذ تفقد مصداقيتها وتؤدي إلى الإحجام عن إدلاء الناخب بصوته، فوجدنا في دورة 2006 أن المرشحين ليس لديهم تصور كامل عن دور المجلس الوطني، فالمرشح كان يعطي تخيلات من ذهنه تتعارض مع حدود إمكانات وصلاحيات عضو المجلس، ونجم عنه إقبال بسيط في دورة 2011 من قبل الناخبين، لأن الناخب بات يدرك صلاحيات أعضاء المجلس الوطني الاتحادي. إن الناخبين بحاجة إلى جرعات تثقيفية وتوعوية بأهمية مشاركتهم في الانتخابات، ودور الإعلام والأمانة العامة للمجلس مهم في هذا الجانب، لكن للأسف نجد صمتاً كبيراً يستمر لمدة 4 سنوات، نريد أن نثقف الناخبين فلن تكون النتيجة كما نريد، وأيضاً مسألة جعل فترة الانتخابات والتوعية في الصيف غير مجدية، لأنها فترة ركود، وبالتالي نجد ضعف الإقبال من قبل الهيئات الانتخابية، فلابد أن تكون الثقافة مستمرة على مدار السنة وبطريقة ممنهجة ومدروسة. وغياب دور الإعلام بصورة عامة يؤدي إلى غياب الناخب، فلابد من نقل أعمال المجلس واللجان بشكل كامل. إن نظام الصوت الواحد له أثر سلبي في عملية إقبال الناخب على العملية الانتخابية، فالناخب سابقاً كان يذهب ليدلي بصوته لثلاثة مرشحين، والآن لمرشح واحد فقط، وهذا الأمر قد يجعله يحجم عن التصويت، خاصة وأن التصويت معتمد بالدرجة الأولى على نظام القبائل، فالناخب يصوت للأقرب منه وليس للأفضل، وبشكل عام فالانتخاب لا يأتي بأفضل المرشحين. مروان بن غليطة عضو المجلس الوطني أكد أن قلة معرفة الناخبين بأهمية المجلس الوطني ودوره أسهم في قلة المشاركة في الانتخاب في الدورة السابقة، وقال: نحن بحاجة إلى توعية أكبر بدور المجلس خاصة أنه همزة وصل بين الحكومة والشعب، إضافة إلى الالتفات إلى مسألة سهولة الوصول إلى المراكز الانتخابية، فلابد أن تكون هناك مبادرات ذكية تسهل وصول الناس إلى مراكز الاقتراع. إن جهود وزارة شؤون المجلس الوطني جبارة في مجال التسهيل والتسويق، وبإذن الله سوف تؤتي ثمارها في الدورة الحالية للانتخابات. الثقافة البرلمانية لابد أن ترسخ في المواطنين، ليتحمسوا على الإقبال على الانتخاب، والأهم متابعة أعمال وإنجازات المجلس، وأرى أن المرشح جانب قوة، لأن من يرشح نفسه يكون ذا ثقافة وإنجاز وبصمة، ويشهد له الناس على قدرة أدائه.. ونظام الصوت الواحد سيترتب عليه مسؤولية أكبر على المرشح ليقنع الناخب، فالمرشح عنصر جذب للناخبين، ولن يدلي الناخب بصوته إلّا إذا كان مقتنعاً. إقناع الناخبين بأهمية الانتخابات أكد د. محمد المزروعي الأمين العام للمجلس الوطني الاتحادي، أن عدم توفر معلومات كافية ومقنعة عن العملية الانتخابية أدى إلى قلة المشاركة في العملية الانتخابية، إضافة إلى ضيق الوقت المخصص للحملات الانتخابية ما صعب على المرشحين تقديم أنفسهم وشرح برامجهم بالقدر الكافي للناخبين، وهناك إشكالية في نظام التصويت الإلكتروني، الأمر الذي يتطلب توفير بديل ورقي، واقتصار برامج الدعاية والإعلام بالانتخابات على تعريف الناخبين بعملية التصويت من دون الاهتمام بأهمية العملية الانتخابية ودورها في بناء المجتمع، وعلاقة المجلس الوطني الاتحادي بها وغيرها من متطلبات الثقافة الانتخابية.

مشاركة :