يشهد قطاع الصيرفة في السعودية هذه الفترة انتعاشا كبيرا، مدعوما بالتراجع الذي سجلته بعض العملات العالمية لهذا العام مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، حيث يكشف عادل ملطاني، وهو شيخ طائفة الصرافين في مكة المكرمة، بأن حجم التداولات وصل إلى نحو 50 مليون ريال (13.3 مليون دولار) يوميا، خلال الثلاثة أسابيع الماضية، ما بين عمليات الشراء والبيع، مرجعا ذلك إلى انتعاش موسم السفر والسياحة للخارج خلال هذه الفترة. ويوضح ملطاني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الدولار الأميركي يستحوذ على نحو 40 في المائة من هذه التعاملات، في حين أن كلاً من اليورو والجنيه الإسترليني يأتيان في المرتبتين الثانية والثالثة بعد الدولار، وبسؤاله عن العملات العربية، أفاد ملطاني بأن الطلب على الجنيه المصري سجل زيادة ملحوظة، مرجعا ذلك إلى تحسن أوضاع السياحة في مصر ورغبة كثير من السعوديين في قضاء إجازاتهم هناك، يليه الدرهم الإماراتي الذي يشهد انتعاشا طيلة العام تقريبا. ويؤكد شيخ طائفة الصرافين أن أزمة اليونان جاءت لصالح القطاع، قائلا: «الطلب على اليورو ازداد، خاصة مع كثرة السائحين السعوديين هذا العام للوجهات الأوروبية، فكلما ينقص سعر العملة يزداد حجم الطلب لدينا، وسعر اليورو هبط عن العام الماضي بنحو 25 في المائة، أي أن الذي كان يصرف العام الماضي 1000 يورو أصبح يصرف الآن 1250 يورو، مما رفع الطلب على اليورو، والأمر ذاته مع الجنيه الإسترليني». من جهته، يوضح الدكتور فاروق الخطيب، أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، أن تزايد الطلب على اليورو في التداول له أسباب عدة، بقوله: «من أهمها تذبذب الدولار الأميركي، فالدولار خلال الآونة الأخيرة أصبح غير مستقر مقارنة بالعملات الأخرى، بينما اليورو كان أكثر ثباتا، ولا توجد تغيرات جذرية لليورو، خاصة بعد الانخفاض الكبير الذي واجهه أمام الدولار، مما دفع الكثيرين للتحول إلى التعامل باليورو نظرا لثباته النسبي». ويتابع الخطيب حديثه لـ«الشرق الأوسط»، موضحا أن السياسية النقدية للسعودية كانت قائمة في معظمها على الدولار الأميركي والذهب، ويضيف: «لكن نظرا للتنويع الذي استخدمته السعودية مع دول مجلس التعاون الخليجي في النزول إلى عملات أخرى مثل اليورو والجنيه الإسترليني، وهي عملات قوية في حد ذاتها، فإن ذلك شجع الكثير من السعوديين على تفضيل التعامل باليورو». من ناحية أخرى، يعود شيخ الصيارفة في منطقة مكة المكرمة ليؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن التذبذب العالمي في أسعار العملات لا يؤثر بصورة كبيرة على حجم الطلب، قائلا: «عندما ينخفض السعر نشتري بالناقص وعندما يزيد نشتري كذلك، فيكون هناك تعادل ما بين متوسط سعر الشراء وسعر البيع»، مشيرًا إلى نمو القطاع في ظل تزايد مكاتب الصرافة وكون مؤسسة النقد العربي السعودي توجهت لإعطاء التراخيص بصورة مقننة. يأتي ذلك في حين تكشف تقديرات غير رسمية أن عدد محلات الصيرفة في السعودية يصل إلى نحو 3200 محل، تتمركز غالبيتها في مكة المكرمة وجدة والمدينة المنورة، في حين يتجه بعضها إلى الاتجار بالعملة في محاولة للاستفادة من تذبذب أسعار بعض العملات، مثل اليورو والجنيه الإسترليني، مقابل الريال السعودي، لتحقيق أرباح أكبر، رغم أنها تجارة محفوفة بالمخاطر. تجدر الإشارة إلى أن مؤسسة النقد العربي السعودي كانت قد أعادت فتح المجال لإصدار تراخيص جديدة لمهنة الصرافة قبل نحو 4 سنوات، مرجعة ذلك إلى أنه يأتي استجابة لزيادة الطلب على أعمال الصرافة من تبديل للعملات وشراء وبيع للنقد الأجنبي وشراء وبيع الشيكات السياحية وشراء الشيكات المصرفية ولا سيما في الأماكن المقدسة (مكة المكرمة، والمدينة المنورة)، إضافة إلى الحاجة إلى المزيد من محلات الصرافة في المنافذ البرية. وتشدد مؤسسة النقد العربي السعودي على أهمية الامتناع عن مزاولة أي من أعمال الصرافة في السعودية دون ترخيص من المؤسسة، معتبرة أن من يزاول أي عمل من أعمال الصرافة دون ترخيص فإنه ستطبق بحقه العقوبات الواردة في نظام مراقبة البنوك، إضافة إلى الحرمان من الحصول على ترخيص بمزاولة أعمال الصرافة.
مشاركة :