بائع الورد.. التسول بلغة نشر المحبة!

  • 8/4/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

ما أن يمدّ بائع الورد يده كي يعرض على زبونه بضاعته حتى يستقبلها الأخير بكل ود وترحاب، إلا أن هذا الورد ربما يتحول إلى «شوك» يرتد على البائع ويقذف به إلى السجن، وهذا ما يلخصه أحد المتسولين الذين يتخذون من الورد غطاء لتسولهم في شوارع العاصمة الرياض. ويقضي أحد المتسولين، ويدعى سعيداً، 13 ساعة في التسول يومياً، يتعمد خلالها البقاء حول الفنادق «فئة الخمس نجوم»، في شوارع العاصمة الرياض، ولاسيما شارع العليا العام (وسط المدينة)، وبتوجيه من والده الذي أصر عليه بأن يستهدف أصحاب المركبات الفارهة دون غيرها، من خلال تنكره ببيع الورود تحت غطاء التسول. ويقول سعيد (يمني الجنسية) أثناء حديثه إلى «الحياة»، إنه أتى إلى المملكة بعد أن سبقه كثيرون من أبناء جلدته، الذين عادوا إلى بلدانهم بوضع مادي واجتماعي أفضل، وهو ما شجعه، بحسب تعبيره، على شد الرحال إلى المملكة والانتظام في مهنة التسول منذ ما يقارب الـ6 أشهر، ولم يخف المتسول أنه تمكن من دخول المملكة بطرق غير قانونية عبر التهريب. ويشير إلى أن دخله اليومي من مهنة التسول عبر «الورد» يراوح بين 150 و250 ريالاً، بيد أن هذا الدخل يتصاعد أحياناً ليصل إلى 500 ريال، ولاسيما في الـ14 من شهر شباط (فبراير) من كل عام. وفي كل مرة يخرج فيها سعيد (23 عاماً)، لممارسة مهنته، يعتمد على عاملين أساسيين، أن يبقى بمظهر جيد يميزه على رفاقه الآخرين، بحيث يبدو للوهلة الأولى وكأنه بائع ورد حقيقي، أو رجل يمشي في الشوارع لنشر الحب فقط، إلا أن هذه الحيل ربما لا تجدي نفعاً في بعض الظروف، كالتي تلقى من خلالها «صفعة» من أحدهم، أو عندما تم اقتياده من قبل رجال البلدية ليمضي ليالي في السجن قبل أن يخرج من جديد ويعود لممارسة مهنته. وفي حين تعتبر وزارة الشؤون الاجتماعية أن التسول وسيلة ممقوتة وبغيضة ومن وسائل الكسب السهلة وغير المشروعة التي تفرز أفراداً يكونون عالة على المجتمع ويسهمون في ضعفه وهوانه، فإن ذلك لم يشفع في كبح جماح هذه الظاهرة التي أصبحت في تصاعد مستمر وتلقى رواجاً كبيراً في ظل غياب شبه تام للأجهزة الحكومية المعنية بهذا الأمر، ولاسيما مكاتب مكافحة التسول التي يتعذر رؤيتها في الشوارع والأماكن التي ينشط بها هؤلاء المتسولون. وهو ما يؤكده بائع الورد سعيد، أنه لا يخشى ملاحقات مكتب مكافحة التسول: «لاوجود لهم»، ومشدداً أنه يمارس مهنته بشكل اعتيادي، إلا أنه عند مشاهدته أفراد البلدية أو حتى الدوريات الأمنية، يفر هارباً ويختفي عن الأنظار حتى يذهب الخطر. وبعد مضي شهر على تحذير وزارة الداخلية السعودية المواطنين والمقيمين في المملكة من عدم التعاطف مع المتسولين، أو تقديم أية مساعدة لهم، كي لا يُستغل هذا الأمر في دعم أية جماعات مشبوهة، نجد أن هذا التحذير لم يلق اهتماماً واسعاً، وخصوصاً من المتسولين أنفسهم الذين تغص بهم شوارع العاصمة الرياض، ولاسيما مع أوقات الذروة، التي يستغلونها عادةً ليتخذوا من إشارات المرور والأماكن العامة والمساجد نقطة انطلاقهم نحو الثراء المنتظر بحسب ما يطمح إليه أحد المتسولين.

مشاركة :