شهد سبتمبر أقل مكاسب توظيف منذ أن بدأ سوق العمل الذي اجتاحه الوباء في التعافي في مايو. ومع تحول المزيد من عمليات التسريح إلى دائمة، يواجه الاقتصاد الأمريكي طريقا طويلا ووعرا نحو التعافي الكامل. وأضاف أرباب العمل الأمريكيون 661 ألف وظيفة في سبتمبر، مما خفض معدل البطالة بمقدار 0.5 نقطة مئوية ليصل إلى 7.9 في المائة، وفقما أفاد مكتب إحصاءات العمل التابع لوزارة العمل يوم الجمعة. ويقارن هذا بمكاسب منقحة صعودا بلغت 1.49 مليون وظيفة في أغسطس، عندما انخفض معدل البطالة بمقدار 1.8 نقطة مئوية ليسجل 8.4 في المائة. وبلغ نمو التوظيف ذروته في يونيو مع نمو قياسي للوظائف وصل إلى 4.8 مليون. وقال مايكل هيكس، مدير مركز الأعمال والبحوث الاقتصادية في جامعة بول ستيت في إنديانا، إن "هذا تقرير وظائف مخيب للآمال للغاية، يشير إلى أن التعافي من التسريح المبكر والمؤقت جراء كوفيد-19 يقترب من نهايته". وأفاد هيكس أن "الجزء الأكبر من البطالة المتبقية والانخفاض التاريخي في مشاركة القوى العاملة لا يزالان حاجزين كبيرين أمام التعافي الاقتصادي". وأظهر تقرير إحصاءات مكتب العمل أن معدل مشاركة القوى العاملة، الذي شهد زيادة في أغسطس، انخفض بنسبة 0.3 نقطة مئوية إلى 61.4 في المائة في سبتمبر، وهو أقل بمقدار 2.0 نقطة مئوية عن فبراير. وأشار المكتب إلى أنه في الوقت نفسه، ارتفع عدد الخاسرين الدائمين للوظائف بمقدار 345 ألفا ليصل إلى 3.8 مليون في سبتمبر، مضيفا أن هذا العدد ارتفع بمقدار 2.5 مليون منذ فبراير. وكتبت سارة هاوس، كبيرة الاقتصاديين في "ويلز فارغو" للأوراق المالية، في تحليل، أنه "إلى جانب الانخفاض في معدل المشاركة، يشير ارتفاع عدد الخاسرين الدائمين للوظائف إلى انتعاش شاق مع ضعف علاقات العمال بأرباب العمل وسوق العمل على نطاق أوسع". وتم تسريح قرابة 22 مليون شخص في مارس وأبريل وسط عمليات الإغلاق بسبب كوفيد-19، مما رفع معدل البطالة إلى رقم مزدوج الخانة. وحتى مع بيانات سبتمبر، فإن كشوف الرواتب أقل بأكثر من 10 ملايين من مستويات ما قبل الوباء. ولفت كل من جيسون فورمان، وهو زميل كبير في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي وأستاذ بجامعة هارفارد، وويلسون باول، وهو زميل أبحاث في كلية كينيدي بجامعة هارفارد، إلى أن معدل البطالة الرسمي الذي صدر حديثا يقلل من مستوى البطالة بنسبة 1.7 في المائة. وفي تحليل نُشر يوم الجمعة، أشار الخبيران إلى أن 773 ألف شخص إضافي "لم يكونوا يعملون لأسباب أخرى" تم احتسابهم كعاملين، وأن 4.4 مليون شخص تركوا القوى العاملة منذ فبراير، مما يعني أن "معدل البطالة الواقعي" كان 9.6 في المائة في سبتمبر. ويبلغ متوسط التوقعات لمعدل البطالة 7.6 في المائة في نهاية هذا العام، و4 في المائة بحلول نهاية عام 2023، وفقا لآخر التوقعات الاقتصادية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي. ولا يزال هذا أعلى من أدنى مستوى تاريخي يبلغ 3.5 في المائة شهدته البلاد قبل وباء كوفيد-19. وجاء تقرير التوظيف الشهري بعد يوم واحد من صدور التقرير الأسبوعي لطلبات إعانة البطالة الذي أظهر أن التقديم لأول مرة للحصول على إعانات البطالة الحكومية انخفض بمقدار 36 ألفا ليصل إلى 837 ألفا الأسبوع الماضي، وهي المرة السادسة في الأسابيع الـ28 الماضية التي ينخفض فيها العدد إلى ما دون المليون. غير أن العدد الإجمالي للأشخاص الذين يطالبون بمزايا في جميع البرامج-- الولاياتية والفيدرالية مجتمعة-- للأسبوع المنتهي في 12 سبتمبر ارتفع بمقدار 484856 ليصل إلى أكثر من 26.5 مليون، مما يشير إلى استمرار الاضطراب الكبير في سوق العمل. وذكرت هاوس أن تقرير التوظيف الشهري يبدو متخلفا إلى حد ما أكثر من المعتاد بسبب الطبيعة سريعة التغير للوباء وفترة المسح المبكرة نسبيا. وقالت الخبيرة الاقتصادية في ويلز فارغو إن "موجة من إعلانات التسريح الجماعي البارزة في الأيام الأخيرة ومطالبات البطالة المرتفعة بعناد تشير إلى أن سرعة التعافي من المرجح أن تنخفض أكثر في الأشهر المقبلة". وأضافت أن ضعف وتيرة الأرباح في سوق العمل، فضلا عن انخفاض إعانات البطالة، ستمثل "رياحا معاكسة" على الإنفاق الاستهلاكي في الأشهر المقبلة وتقلل المدخرات أكثر. وقد جادل خبراء الاقتصاد، وكذلك مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي، بأن هناك حاجة إلى المزيد من الإغاثة المالية للحفاظ على الانتعاش الاقتصادي، محذرين من عواقب وخيمة إذا لم يتم توفير المزيد من الدعم المالي في الوقت المناسب.
مشاركة :