مقالة خاصة: صاروخ أمريكي أهوج يحول حياة عائلة عراقية إلى جحيم ومعاناة دائمة

  • 1/14/2022
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

في ليلة شتوية من أيام ديسمبر الباردة في العراق عام 2005، كان عبدالله محمود ابراهيم يتسامر مع عائلته وأقاربه وجيرانه في أجواء ودية يدفئها الحديث المتبادل، لكن صاروخا أمريكيا أهوج ضرب منزله ليحوله إلى دمار ويقتل ثلاثة ويصيب 12 آخرين من الحضور ليقلب الفرح والسرور إلى تعاسة ومعاناة دائمة. قتل الصاروخ الأمريكي زوجة عبدالله وابنته البالغة من العمر 11 سنة وابن عمته الشاب العشريني وكسر ظهر والدته، وأصاب اثنين من أفراد عائلته بالعوق، وقذف عبدالله من البيت إلى فوق شجرة على بعد 20 مترا من منزله، مما أدى إلى إصابته بالشلل التام. ويستذكر عبدالله (كان عمره 35 سنة في ذلك الوقت) تلك الليلة التي وصفها بالجميلة في بدايتها لكن قوات الاحتلال الأمريكي حولتها إلى سوداء بعد قتلها للأبرياء، قائلا "كنا نتسامر هنا في المنزل وسمعنا أصوات المدرعات الأمريكية وعلمنا بوجود مداهمة فصعدت إلى الغرفة في الطابق العلوي لجلب هويتي لأن الأمريكان إذا دخلوا المنزل ولم يجدوا كل شخص يحمل هويته في جيبه فإنهم ينهالون عليه بالضرب ويعتقلونه". وقال عبدالله لوكالة أنباء ((شينخوا)) في منزله الذي أعاد بناءه رغم عدم حصوله على أي تعويض "أثناء صعودي للغرفة ضربنا الصاروخ حيث كان في المنزل 18 شخصا منهم أبناء عمي وأبناء عمتي وجيراني ومن اخوالي فاستشهدت زوجتي وابنتي وابن عمتي". ما يؤلم عبدالله الذي أصيب بالشلل ولا يستطيع الحركة إلا بواسطة عربة خاصة ويزيد من معاناته أنه يعمل في الشارع كبائع دجاح. وعندما يرى الطالبات يذهبن إلى المدرسة يذكره هذا المشهد بابنته الطالبة في الخامس ابتدائيا والتي قتلت في الضربة الأمريكية. وقال بنبرة حزن وأسى "ابنتي كان عمرها 11 سنة، أتذكرها يوميا عندما أشاهد الطالبات يذهبن إلى المدرسة، وأقول "لو أن ابنتي باقية على قيد الحياة الآن لأصبحت خريجة كلية". فقد عبدالله الوعي بعد الضربة مباشرة ولم يستعد وعيه إلا بعد 15 يوما وهو راقد في المستشفى وقد كسر ظهره والفقرتين السادسة والثامنة وحاليا مصاب بالشلل الرباعي ولا يسيطر على الإدرار الأمر الذي أجبره على وضع كيس للإدرار يرافقه مدى الحياة. أما بيته فقد دُمر بالكامل هو وآثاثه مما اضطره إلى إزالة أنقاضه لإعادة بنائه، قائلا "بيتي دُمر بالكامل لم يبق منه أي شيء فرفعته بالجرافة وقمت ببنائه من جديد بمجهودي الشخصي، ولم أحصل على أي تعويض أو أي شئ من الأمريكيين". وفي محاولة بائسة لتطييب الخواطر اصطحب الأمريكان عبدالله وأطفاله إلى أحد مقراتهم وقدموا لهم هدية عبارة عن لعب بلاستيكية ثم قالوا له "نأسف"، متسائلا "زوجتي قتلت وابنتي وأصيبت بالشلل وكل ما قالوه لنا "نأسف" لذلك لكني لا أعرف معنى هذه الأسف"، متسائلا "هل ستعيد كلمة آسف لي زوجتي وابنتي وابن عمتي وهل ستعيد لي صحتي؟" وعن الديمقراطية وحقوق الإنسان التي جلبها الأمريكان إلى العراق، أجاب عبدالله "دمروا العراق وذهبوا، لا توجد ديمقراطية أبدا فهم قوات احتلال، والمحتل يضرب هذا الشخص ويصيب الآخر وخربوا آثاث العراقيين وسرقوا آثار العراق وكل شيء نفيس، شاهدتهم في القاعدة الأمريكية يحملون الحجر العراقي ويضعونه في الطائرة وينقلونه إلى أمريكا". واحتلت القوات الأمريكية العراق في أبريل عام 2003، وارتكبت أفظع الجرائم بحق آلاف العراقيين، الذين ما زالوا يعانون من نتائج هذا الاحتلال رغم مرور أكثر من 18 عاما، وما عبدالله وعائلته إلا مثالا بسيطا على بشاعة وقسوة من يدعون حقوق الإنسان زورا وبهتانا. وأكد عبدالله أنه وعائلته أحد ضحايا الديمقراطية الأمريكية، واصفا الأمريكان بأنهم قتلة كونهم قتلوا زوجته وابنته وأحد أقاربه وحولوا حياته إلى جحيم دائم. ويوجد في العراق مثل عبدالله الكثير من الأبرياء الذين قتلوا أو قتل أحد أفراد عائلتهم أو أصيبوا بالعوق بضربات جوية أمريكية كون تلك القوات كانت تتعامل مع العراقيين بعنف ووحشية وقسوة وكأنهم ليس ببشر لهم حق العيش والكريم، وحتى المعتقلين الأبرياء كانت تعاملهم بنفس الأسلوب وخير شاهد على ذلك فضائح سجن أبو غريب التي تزكم الأنوف. من جانبه، قال المحلل السياسي والخبير لدى المنتدى العربي لتحليل الدراسات الاستراتيجية ناظم علي عبدالله الجبوري لـ((شينخوا)) "دأبت القوات الأمريكية منذ العقد الأخير من القرن الماضي على استخدام الطائرات المسيرة والصواريخ بعيدة المدى في استهداف أعدائها وفي كثير من مناطق العالم بحجة مكافحة الإرهاب دون الإكتراث لحياة المدنيين". وأضاف أن "استخدام واشنطن لهذه الطائرات بهذا الكم الهائل يثير التساؤل والاستغراب وأحيانا كثيرة يثير الاشمئزاز مع وجود الكثير من الشواهد على أن الأهداف التي تضربها القوات الأمريكية هي أهداف مدنية ويذهب ضحيتها الكثير من النساء والأطفال وخاصة في البلدان التي احتلتها مثل العراق وأفغانستان". وأكد أن الوثائق التي خرجت من البنتاغون أثبتت أن الآلاف من المدنيين قتلوا بسبب عدم دقة المعلومات ومن أمثلة ذلك في العام 2016 نفذت تلك الطائرات ضربات في ثلاث مناطق شمال سوريا وأدت إلى مقتل وجرح المئات ليتبين لاحقا أنهم مزارعون وقرويون. وأشار إلى أن القوات الأمريكية لديها سجل حافل في العراق بقتل المئات من الأبرياء جراء الاستهداف الخاطئ، دون محاسبة أي من جنودها وكأن الضحايا الذين يقتلونهم جنودها هم ليس ببشر. واختتم "لواشنطن سجل حافل بانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ليس فقط من خلال استخدام الطائرات ولكن قواتها أثناء الاحتلال نفذت الكثير من حملات الإعدام ضد المدنيين وأمام عوائلهم دون أدنى رحمة أو رادع وهذا يثبت أن القوات الأمريكية دائما تستعمل القوة المفرطة ضد أعدائها بغض النظر عما إذا كانت هناك أهداف مدنية وتمنح لنفسها حق الدفاع المشروع وتبطل استخدام هذا الحق لمن يدافع عن حقوقه".

مشاركة :