الفقاعة العقارية.. مضاربات غير مدروسة وخطر يهدد الاقتصاد

  • 9/9/2020
  • 01:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

في بدايات عام 2006 بلغت أسعار العقارات السكنية في الولايات المتحدة الأمريكية ذروتها. ولكن سرعان ما بدأت بالانخفاض بعد ذلك بشكل كبير ليعلن مؤشر كايس شيلر لأسعار المنازل في ديسمبر 2008 عن أكبر انخفاض في الأسعار حصل في تاريخه. وهو ما سمي بانفجار الفقاعة العقارية. وهذا ما شكل أزمة ائتمان، وكان احد الأسباب الرئيسية للركود الذي شهدته الولايات المتحدة خلال الفترة بين عامي 2007 و2009. وتخللت ذلك أزمة الرهن العقاري نتيجة التزايد في معدلات حبس الرهان بين مالكي المنازل في أمريكا. ووصف وزير الخزانة الأمريكي آنذاك فقاعة الإسكان التي انفجرت بأنها «أعظم خطر يهدد الاقتصاد الأمريكي».وهذا ما يجعلنا نتساءل: ما هي الفقاعة العقارية؟ ما هي أسبابها وكيف تحدث؟ ما هي انعكاساتها؟ وهل من الممكن التنبؤ بها؟الفقاعةيعرف المختصون الفقاعة العقارية بأنها نوع من الفقاعة الاقتصادية التي تحدث بشكل دوري في أسواق العقارات المحلية أو العالمية نتيجة ارتفاع الطلب والمضاربة في العقارات قبالة العرض المحدود منها. فالاشكالية هنا ان الارتفاع في الطلب يكون بشكل اسرع بكثير من زيادة المعروض. ونتيجة للطلب المتزايد تحدث طفرة سريعة وبشكل غير عقلاني في أسعار العقارات خاصة الإسكانية، حتى تصل إلى مستويات عالية، ولكنها غير مستدامة.. ففي مرحلة معينة، يبدأ الطلب بالانخفاض خاصة بعد العجز عن السداد، ليبدأ معه نوع من الركود التدريجي مع استمرار التزايد في العرض. مما يؤدي إلى انخفاض حاد في الأسعار. وبالتالي تنفجر الفقاعة. لماذا يتضاعف الطلب؟وفقا للمبادئ الاقتصادية، ترتفع الأسعار نتيجة عاملين، إما ازدياد الطلب أو نقص العرض. ولكن تتضاعف المشكلة عندما تحدث هذه الزيادة بشكل غير طبيعي أو بشكل مفاجئ، كأن يزداد الطلب على العقارات بسبب المضاربة غير المدروسة في السوق العقاري.والأمر الاخر انه حينما يستقر الاقتصاد أو ترتفع معدلات النمو يزداد الطلب على العقارات. وبنفس الوقت تقوم البنوك بالتساهل في شروط الإئتمان ومنح القروض. ويصبح الناس أكثر ميلاً إلى أخذ قروض غير مدروسة من البنوك لشراء العقارات، وغالبًا ما يتسبب ذلك في فقاعة عقارية. لذلك يصف البعض الفقاعة العقارية بأنها نتيجة تخمينات أو مضاربة كاذبة متضخمة واستثمارات غير مدروسة بما يرفع السعر بشكل غير مستقر. حيث يندفع الأفراد للشراء على أمل خادع بأرباح أو أسعار مستقبلية. فيشترون طمعا في البيع بأسعار أعلى في المستقبل، والكثيرون يقترضون بغرض المضاربة.وكرد فعل طبيعي لزيادة الطلب تبدأ العقارات المعروضة في السوق في التزايد بشكل مفاجئ وسريع لتلبية الطلب المتزايد. وهذا ما يسبب غالبًا خفض السعر فجأة ومن ثم انفجار الفقاعة العقارية. وأحيانًا تصل الأسعار إلى مرحلة لا يستطيع الناس بعدها الشراء. فيتوقف الطلب، من ثم تنخفض الأسعار بشكل مفاجئ وتنفجر الفقاعة!لذلك يبقى النمو المدروس المستقر وكذلك الاستثمار العقاري العقلاني والمدروس امرا صحيا للسوق، أما الارتفاع والانخفاض المفاجئان فهما شديدا الخطورة.انعكاسات الفقاعةانعكاسات الفقاعة الاقتصادية لا تؤثر فقط على سوق العقار أو الأسعار. بل لها تأثيرات اقتصادية واجتماعية خطيرة. فمثلا، مع اشتداد الفقاعة تزداد المضاربات في سوق العقارات، وبشكل مواز ترتفع وتيرة سلوكيات غير مدروسة مثل شراء المزيد من الناس لعقارات لا يمتلكون ثمنها بالفعل عن طريق قروض غير مضمونة من البنوك. كما يؤدي ارتفاع أسعار العقارات بسبب الفقاعة العقارية إلى اضطرار الكثيرين للجوء إلى طرق مختلفة من اجل سداد قروضهم العقارية. وكثيرا ما يفقدون كل مدخراتهم ليستطيعوا العيش في منازلهم. وهذا ما يقود إلى ازمة مستقبلية لهؤلاء الأفراد. وبمجرد أن تنفجر الفقاعة، ومع الإحجام عن الشراء، تنهار الأسواق العقارية ويخسر البعض منازلهم ومدخراتهم، ويضطر المستثمرون الذين اشتروا خلال الفقاعة إلى بيع ممتلكاتهم بأقل بكثير من قيمتها الفعلية. ويؤثر ذلك على الاقتصاد ككل نتيجة اتساع دائرة التأثر والتأثير في القطاع العقاري، مثل القطاع المصرفي والبورصة وكل المهن المرتبطة بقطاع العقارات.وتسبب الفقاعات الاقتصادية آثارا سلبية نتيجة المضاربة غير العقلانية والتوزيع غير العادل ورواج مؤقت لقطاع مثل العقارات، وبالتالي يقود ذلك إلى اضعاف الاقتصاد بعد انفجار البالونة السعرية. لذلك فإن حالات الكساد التي ضربت الولايات المتحدة مثلا ارتبطت إلى حد كبير بفقاعات اقتصادية. والكساد بحد ذاته بداية لنتائج سلبية شديدة الخطورة تتمثل في ارتفاع البطالة، وتوقف الاستثمارات، وتراجع أرباح الشركات، وهبوط معدل انفاق المستهلكين.إجمالا، من الصعب التنبؤ بموعد حدوث الفقاعة قبل حدوثها، أو بموعد انفجارها. لذلك يطلق عليها اسم فقاعة لأنها تنفجر فجأة، ولا يتم اكتشاف وجودها إلا بعد حدوثها بالفعل. ويعتمد الامر إلى حد ما على السياسة الاقتصادية للدولة وحالة الاقتصاد ومراقبة المؤشرات العقارية والاقتصادية، ولكن لا يمكن منع حدوث الفقاعة قطعيا. ويرى الاقتصاديون ان هناك مؤشرات يمكن ان تمثل جرس انذار بفقاعة قادمة داخل السوق، من أبرزها تباطؤ وانخفاض معدل الطلب على العقارات، وفي حالة استمرار هذا الانخفاض يمكن أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع نسبة المعروض وتحول وجهة الملاك إلى إعادة البيع مما سينتج عنه انخفاض أسعار العقارات بصورة مفاجئة مما ينتج عن ذلك حدوث مشكلة في المجال العقاري. ومن المؤشرات أيضا ارتفاع أسعار الفائدة، وبالتالي ينخفض الطلب على العقار، وهو ما يعتبر علامة على وجود فقاعة عقارية.    

مشاركة :