قال محمد الحمادي عضو مجلس إدارة غرفة الرياض ورئيس لجنة الزراعة والأمن الغذائي إن الآليات والمعايير التي أقرها صندوق التنمية الزراعية لتمويل مشاريع الاستثمار الزراعي في الخارج يصعب على صغار المستثمرين تنفيذها بل وضعت تعجيزاً وإبعاداً لهم من السوق ولا تخدم أهداف الأمن الغذائي. وأكد الحمادي على أهمية الإبقاء على مورد زراعي محلي يكون سنداً عند حدوث أي طارئ، مطالباً جهات الاختصاص والعلاقة من مسؤولين ومستثمرين بتعزيز المطالبات بإيجاد بيئة زراعية وإدارية تحفز على الاستثمار الزراعي في بعض المناطق المهيأة للإنتاج الزراعي في المملكة. اختلاف وجهات النظر عطل إنجاز الإستراتيجية الزراعية وقال إن لجنة الزراعة والأمن الغذائي تنظر لكل الرؤى التي يعود ريعها على المملكة وتعزيز الأمن الغذائي سواء في الزراعة الخارجية أو الداخلية أو عن طريق مبادرة خادم الحرمين الشريفين للاستثمار الزراعي في الخارج، غير أنه بين أن هناك نقاطاً كثيرة لا بد من الحديث عنها طالما كان الحديث عن الأمن الغذائي وأولها الترشيد والتسويق الغذائي وغيره، الكثير من القضايا الشائكة التي ترتبط بالزراعة والأمن الغذائي تحدث عنها محمد الحمادي في هذا الحوار: واقع المبادرة * ما هو تقييمكم حتى الآن لواقع مبادرة الملك عبد الله للاستثمار الزراعي، بالنظر لمفهوم الأمن الغذائي ؟ - لا شك أن المبادرة كانت نابعة من حرص واهتمام خادم الحرمين الشريفين على إيجاد أمن غذائي للمملكة، غير أنه من المهم أن نقر أولاً بأن مفهوم الأمن الغذائي لا زال يكتنفه الكثير من الضبابية حتى بالرغم من كل التركيز الذي تم بشأنه، من جهة أخرى نحن ننظر في لجنة الأمن الغذائي بغرفة الرياض لقضية الأمن الغذائي باعتبارها قضية عامة ترتبط بجميع شرائح المجتمع وليس كأي قطاع آخر قد يرتبط بشريحة معينة، وهذا ما يضعنا أما ثقل وهم إرضاء جميع الأطراف المعنية بالأمن الغذائي.. والأمن الغذائي قضية شائكة من حيث مفهومه وتفسير معناه باعتبار الأمر معنياً بأمان وتوفير السلعة الاستهلاكية الأساسية في المملكة من قمح وأرز وخلافه، وقد يكون الأمن من جهة أخرى معنياً بمفهوم ترشيد استهلاك الأسر والاكتفاء بالحوائج قيد الاستخدام فقط وذلك إن ربطناها مع احصائية أصدرتها "منظمة الفاو" بأن فائض الأطعمة في العالم يكاد يسد جوع جميع المحتاجين للغذاء، ولدينا مفهوم آخر في الأمن الغذائي وهو المحافظة على الموارد الغذائية عن طريق الاستزراع الخارجي عن طريق تشجيع المبادرة التي طرحها خادم الحرمين الشريفين في الأمن الغذائي وهذه أيضا تأخذ منحى جديدا في الأمن الغذائي، ومن المعروف أن الماء من منطلق قوله تعالى(وجعلنا من الماء كل شيء حي) يعد شيئاً ضرورياً وأساسياً للحياة، ولدينا الموارد المائية تكاد تكون شحيحة جداً، والمعروف أن زراعة القمح والأعلاف والمحصولات الأخرى تكاد تستهلك المياه الجوفية بشكل كبير جداً، وهناك قضايا شائكة وفرعية أخرى ترتبط بالأمن الغذائي، من هنا فإن مبادرة خادم الحرمين الشريفين تعد إحدى أهم طرق تعزيز الأمن الغذائي، ويجب تعزيز متطلبات تنفيذها على أرض الواقع ومعالجة أي قصور إجرائي في أدوات تنفيذها. ولجنة الأمن الغذائي لدينا عبر الإدارة الزراعية بالغرفة تقوم بعمل دراسات وأبحاث واجتماعات تجمع المهتمين بالقطاع الزراعي، وهناك إقرار مجلس الوزراء الأخير حول عمل آلية الصندوق الزراعي بإقراض المزارعين من المستثمرين خارج المملكة فيما يخص السلع الاستهلاكية التي تغطيها مبادرة خادم الحرمين الشريفين، وأقول إن الأمن الغذائي استراتيجية طويلة الأمد تتطلب جهود الباحثين من أكاديميين ومهتمين بالاقتصاد الزراعي وتحتاج جهوداً من القائمين بالأمن الزراعي، رغم أنه يجب أن لا يفوتنا أن نشكر جهود الدكتور فهد بالغنيم وزير الزراعة في النظر لكل ما من شأنه تعزيز وتنمية هذا الأمن، إلا أن القطاع لا زال بحاجة لجهود القطاع الخاص، وهو ما تقوم به لجنة الأمن الغذائي بغرفة الرياض من لملمة الجهود القائمة والالتقاء مع مستثمري الغذاء في الداخل والخارج وتركيزها ضمن قاعدة استثمارية استراتيجية زراعية، مع ما تقوم به اللجان الأخرى في المملكة من جهود لوضع هذه المبادرة الموضع الذي يأمله من أقرها -حفظه الله- والمواطنون. آليات إقراض المشاريع * كان لكم تحفظ على آليات إقراض المشاريع الزراعية في الخارج التي أقرها الصندوق الزراعي مؤخراً، ما أسباب ذلك التحفظ؟ - من أسباب التحفظ توجيه الصندوق إلى الشركات الكبرى التي لا تحتاج إلى دعم مادي، والشروط التي وضعت يصعب على صغار المستثمرين تنفيذها بل وضعت تعجيزاً وإبعاداً لهم من السوق ولا تخدم أهداف الأمن الغذائي، وكنا نأمل ان تطرح الآليات للنقاش والمقترحات ومن ثم إقرارها، لكننا تفاجأنا ان الصندوق يضع الآليات والمعايير ويركز من خلالها على الشركات الكبرى، وهي محدودة في المملكة، بينما كان هناك مستثمرون لديهم خبرة في الزراعة وكانوا يأملون ان يكون لهم نصيب من هذا المشروع الوطني الهام. * بعض أزمات السوق سواء موسمية أو غيره، هل هناك توجه من لجنتكم لتتولى دراستها وإصدار بيان اقتصادي بشأنها؟ - مرصد السلع الغذائية الأساسية والذي أطلقته غرفة الرياض قبل فترة من مهامه مراجعة الأسعار ومعرفة أسباب ارتفاعها، إلا أن هناك دراسة عامة قامت بها اللجنة حول أسعار السلع الغذائية بشكل عام، علماً بأن دراسات مثل هذه لا يمكن الأخذ بها مطلقاً مع التغيرات الجديدة التي قد تطرأ، إلا أنني أؤكد أن اللجنة قامت ببعض الدراسات الخاصة بالسلع، ومنها دراسة عن اللحوم الحمراء وتم رفعها لمعالي وزير الزراعة، وهناك دراسة قامت بها اللجنة عن احتياجات السوق للسنوات القادمة، ايضاً دراسة تم نشرها عن سوق الدواجن، ونعمل قدر الإمكان لنعطي رؤية شاملة حول الأمن الغذائي للمملكة ككل وليس فقط لمنطقة الرياض للسنوات القادمة وذلك عبر دراسة متكاملة تقوم بها اللجنة الآن. اختلاف في وجهات النظر * هناك إشكالية لدينا في إيجاد استراتيجية زراعية بسبب ارتباط الزراعة باستراتيجية المياه، وحتى الآن الأمر مشتت بين وزارة الزراعة ووزارة المياه، كيف ترون الوضع في اللجنة ؟ - ليس هناك إشكالية بل اختلاف في وجهات النظر، هناك سياسة تقوم بها وزارة المياه حول ترشيد المياه وليس عدم استخدامه، وهناك بالمقابل استراتيجية أخرى تقوم بها وزارة الزراعة حول تشجيع المنتجات التي يحتاجها السوق المحلي في ظل المحافظة على الموارد المائية، ووضع الأمور في ميزان معتدل وفق هذا المنطلق لا بد وأن يخلق كما ذكرت ضبابية حول مفهوم الأمن الغذائي، والجهود الآن تسير بشكل جيد بين الوزارتين بحسب تداولات هاتين الجهتين مع قطاع الأعمال الزراعي، وهناك تعاون وتشجيع من قبل وزارة الزراعة حول المنتجات التي لا تستهلك مياها أكثر والمنتجات التي يحتاجها السوق من خضراوات وخلافه. * هل أنتم مع إيقاف الزراعة بالمملكة؟ - بصفتي رئيساً للجنة الأمن الغذائي فسأكون على نفس المسافة بين الأطراف كافة بهدف إيجاد توازن معتدل ومطلوب ولا يؤثر أحدهما على الآخر، بمعنى قد أكون من المحفزين لمبادرة خادم الحرمين الشريفين لكن لا يمنع ذلك من أن نذكر بوجود عدة مناطق في المملكة لا زال بالإمكان الاستفادة منها وجعلها مناطق منتجة زراعياً بالاستفادة من ميزها النسبية العديدة، وللوصول لهذا الهدف، سنسعى لعقد ندوات مختصة بذلك تجمع مجلس الغرف السعودية وغرفة الرياض بوجود الغرف التجارية في المناطق المعنية بهدف تفعيل دور تلك المناطق، على أن نسعى في هذه الندوات لتغيير مفهوم التمركز في مناطق معينة، فهناك مزارعون تعدوا حدود المملكة في الاستزراع لكن لم يكلفوا أنفسهم لدراسة الاستثمار في هذه المناطق، وأذكر فقط بالعائد الكبير لقيام مشاريع زراعية في هذه المناطق والتي تتعدى مفهوم الأمن الغذائي إلى تحفيز الدورة الاقتصادية، ولها فوائد جمة من حيث التوظيف وإعادة الهجرة العكسية لتلك المناطق وغيره الكثير، مع دورها في إيجاد سوق زراعي يكتفي بالمنتج المحلي.
مشاركة :