ارتفع سقف توقعات «البورصة السياسية» في الأردن، بطرح أسماء من سيتم تكليفه برئاسة الحكومة الأردنية الجديدة، خلفا للدكتور عمر الزاز، الذي تقدم باستقالة حكومته، أمس السبت، وكلفه الملك عبد الله الثاني بتصريف الأعمال لحين تشكيل حكومة جديدة.وكان العاهل الأردني قد أصدر مرسوما ملكيا بحل مجلس النواب اعتبارا من الأحد الماضي،بعد انتهاء فترته الدستورية، وأعلنت الهيئة المستقلة للنتخابات ،تحديد العاشر من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل موعدا لإجراء اقتراع نيابي مع انتهاء دورة المجلس الحالي. وأجريت الانتخابات النيابية السابقة في 20 سبتمبر 2016. كلمة السرّ التي ستفتح على باب التغيير«بورصة الأسماء» اتسعت في المنتدىات الأردنية، مع ترقب حكومة جديدة تفتح الباب أمام تغير حقيقي يستند إلى إصلاح اقتصادي، خاصة وأن الأردن مثقل بالتحديات الكبرى، بحسب تعبير المحلل السياسي الأردني رئيس تحرير «الأول نيوز» أسامة الرنتيسي، ويبحث أصحاب القرار السياسي عن كلمة السرّ التي ستفتح على باب التغيير، وتلبية متطلبات برنامج إصلاحي بات ضروريًا وملحًا، لا يحتمل التأجيل، من دون دفع تكاليف الانتقال من مرحلة تأريخية إلى أخرى، ويرى «الرنتيسي»، أنه يجب أن يحمل قرار تغيير الحكومات معاني تغيير السياسات الرسمية القائمة التي أثقلت كاهل المواطن، وتبنّي سياسات إصلاحية جادّة على جميع المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وحتى أصبح السؤال الكبير الذي يُطرح هو: لِمَ تفاقمت حالة التوتر والتأزم الاقتصادي (ارتفاع البطالة والمديونية والغلاء)، والاجتماعي (العنف وأحداث جامعة الاسراء)، والسياسي (التردد وغياب الحياة البرلمانية لفترة طويلة)؟ويضيف في تحليله، إن كلمة السرّ الدقيقة التي لا تخطئ هي اعتماد استراتيجية جادّة للإصلاح السياسي والاقتصادي المعيشي المباشر، فالفئات الفقيرة هي التي يجب أن تلمَس بيدها منافع الإصلاح، لا أن تدفع ثمنه مرّتين.«الفريق الاقتصادي» دعامة نجاح الحكومةالمشكلة الأزلية في الأردن، بحسب تعبير الكاتب الأردني، إيهاب سلامة، أن التركيز ينحصر دومأً على من سيتولى الحكومة، دون التركيز بذات المستوى على فريق الحكومة، وأسس اختيارهم، ومدى قدرتهم وكفاءتهم، وتجانسهم، والأهم، علمية البرنامج الحكومي وقابليته للانجاز والتطبيق العملي، مع التأكيد، أنه لا يمكن لأي رئيس حكومة قادم، تقديم ما عجز عنه أسلافه، بفريق حكومي ضعيف، وبرامج سريعة التحضير، وعقلية تقليدية لا تفكر خارج الصندوق، ولا تبتكر افكاراً خلاقة، واستثنائية، توازي حجم المرحلة الاستثنائية الصعبة وتحدياتها.ويعتقد «سلامة» أن رئيس الحكومة المستقيل ، د. عمر الرزاز، لو قدّر له فريق حكومي قوي مساند، وعلى رأسه فريقه الإقتصادي الذي كان سبباً رئيساً في إضعافه وحكومته، كان ليصبح مقبولاً بقدر كبير، خاصة وأن الرجل نظيف اليد، ويبدو صادقاً وجاداً في مساعيه، إلا أن إخفاقات فريقه الاقتصادي، وتصريحات منفرة كثيرة الصدور من وزرائه، وارتجال بعضهم العمل بطريقة استعراضية صرفة، اضافة لسلسلة من القرارات والسياسات الضاغطة، غير المحسوبة، سببت باضعاف حكومته وشخصه.رحيل حكومة «الرزاز» لم يكن مطلبا سياسياوبينما يرى المحلل السياسي والإعلامي الأردني، فهد الخيطان، المقرب من السلطة، أن رحيل حكومة الرزاز لم يكن مطلبا سياسيا في الأردن،رغم ما تواجه من انتقادات واسعة، خاصة في مثل هذه الظروف الصعبة. وفي ظل وضع آخر كان يمكن للحكومة أن تستمر لفترة أطول، غير أن الاستحقاقات الدستورية فرضت نفسها، بل إنها أطالت في عمر الحكومة التي كانت سترحل في شهر مايو/ آيارالماضي لولا جائحة كورونا ومافرضته من متغيرات على موعد الانتخابات النيابية التي كانت مقررة في الصيف.أما محاولة الحكومة تسجيل إنجازات في الوقت الضائع، فإن ذلك لن يحدث أي فرق. النتيجة حسمت وقضي الأمر.بورصة الأسماءوفي ظل ترقب ومتابعات الشارع الأردني للتغيير الحكومي، فإن الأوساط السياسية ـ من جانبها ـ تواصل توقّعاتها بخُصوص هويّة وملامح رئيس الوزراء الجديد، وشهدت بورصة الأسماء من بينها أعضاء بارزون في مجلس الأعيان، ونائب رئيس وزراء سابق، وأكاديمي وتردّد أنّ رئيس وزراء سابق بدأ فعلاً يبلغ بعض الشخصيات بقُرب الانضمام إليه في حكومة جديدة، وتميل شخصية أخرى للهدوء الشديد بالمقابل.وبقي في حلبة التوقعات، أسماء بشر الخصاونة، وجمال الصرايرة، وسعيد دروزة، وعبدالله طوقان، وسمير الحباشنة نائب رئبيس الحكومة ووزير الداخلية السبقوحسب مصادر مضطلعة، للدوائر السياسية والإعلاميةن في عمّان، فان جميع الأسماء التي ذكرت تم استدعاؤها للمقابلة في الديوان الملكي ، بيد أن أغلب الترجيحات تذهب باتجاه مستشار الملك الدكتور عبدالله طوقان، مدللين على ذلك بتزامن استقالته من ادارة المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات في هذا الوقت بالذات، رغم ان اسم بشر الخصاونة يتردد كثيرا في احاديث الصالونات السياسية كاقوى مرشح لتولي هذا المنصب.والحكومة الجديدة، إما أن تكون مؤقتة، مهمتها اجراء الانتخابات النيابية، وبعدها تقديم استقالتها، أو إعادة تكليفها حسب ادارتها للملفات المهمة في هذة المرحلة.ليس مهما هوية الأسماء.. ولكن مصداقية برامج الإصلاحومع تمدد ساحة التوقعات داخل «بورصة»الشارع السياسي، فإن المهم ليس الأسماء، ولكن برامج برسم التنفيذ، ويقول المفكر والمحلل السياسي «الرنتيسي»، إن ما يحتاجه الأردنيين هذه الأيام الصعبة مصداقية عالية في الخطاب الرسمي، فقد أشبعتنا الحكومة الراحلة قريبا استراتيجيات ومصفوفات وخططًا وشعارات وأوصاف للحكومة من النهضة إلى الانتاج لم يتحقق شيئا.ويضيف، في تعبير عن راي الشارع الأردني، نريد من رئيس الحكومة القادم مهما كانت هُويته ان يكون صادقا، يتحدث مباشرة، يعترف أن السياسة الاقتصادية التي تنتهجها الحكومات منذ عشرين عاما مبنية على تفاهمات لا يمكن لنا أن نتخلى عنها مع صندوق النقد والبنك الدُّوليين، ومن خلالها نستطيع أن نحصل على قروض، ليكون وقع الحديث أسهل على قلوب الأردنيين. وإذا تجرأ وكان صادقا وقال سوف نعمل على تعديل البوصلة ونبحث عن خيارات أخرى لسوف يرتفع كثيرا في تقدير الاردنيين، ويكسب شعبية من الجولة الاولى.
مشاركة :