الحكومة الأردنية تتجه بناء على توصيات من صندوق النقد الدولي إلى إدخال تعديلات على قانون ضريبة الدخل، من شأنها أن توسع من قاعدة المشمولين بهذه الضريبة.العرب [نُشر في 2017/09/13، العدد: 10750، ص(2)]في دائرة الاستهداف عمان – تصاعدت في الفترة الأخيرة الضغوط المطالبة بإقالة حكومة هاني الملقي، وسط اتهامات لها بالعجز عن اجتراح حلول ملائمة لتحسين الوضع الاقتصادي واقتصارها على سياسات ترقيعية تستهدف بالأساس جيب المواطن الأردني. ولا تقتصر الانتقادات فقط على عدم قدرة الحكومة على ضبط العجز المالي وارتفاع المديونية التي بلغت أرقاما قياسية بل أيضا على فشلها في بناء استراتيجية اتصالية مع المواطنين، حيث أن ظهور رئيسها هاني الملقي يكاد يكون مناسباتيا، وفي الغالب يكون مرتبطا بتبرير إجراء لن يكون بالأحرى مقبولا من المواطن. وكانت آخر إطلالة للملقي الاثنين خصصها لتطمين المواطنين أن إجراء تعديلات ضريبية سيأخذ بعين الاعتبار الطبقة المتوسطة، وهو ما يجانب الواقع، حسب خبراء اقتصاديين. وقال هاني الملقي إن “تعديلا على قانون ضريبة الدخل لن يمس الطبقة الوسطى، وسننظر في إجراءات أخرى لمنع التهرب الضريبي ورفع كفاءة التحصيل”. وأضاف “لسنا في عجلة من أمرنا. سنجري حوارا كاملا وشاملا حول القانون لنتأكد من عدم تعديل القانون كل سنتين، ولضمان قدرة جهاز الضريبة على الالتزام بالقانون”. ومن خلال تتبع ردود الأفعال المسجلة يبدو أن تصريحات الملقي لم تزد الأمر إلا سوءا حيث أنها بدل أن تطمئن الناس عززت من قلقهم. وتتجه الحكومة الأردنية بناء على توصيات من صندوق النقد الدولي إلى إدخال تعديلات على قانون ضريبة الدخل، من شأنها أن توسع من قاعدة المشمولين بهذه الضريبة. وكان صندوق النقد الدولي قد طالب الأردن بضرورة إجراء إصلاحات مالية تشمل زيادة الضرائب لتضييق فجوة عجز الميزانية.سامح المحاريق: تشكيل حكومة إنقاذ وطني يعتبر خارج إطار الممكن حاليا وأثار توجه الحكومة لتعديل قانون ضريبة الدخل جدلا كبيرا في الأوساط النيابية والشعبية، حيث قال رئيس لجنة القانون في مجلس النواب مصطفى الخصاونة، “يبدو أن الحكومة أصبحت تفكر وحدها وبشكل منفصل عن واقع الشارع الأردني ومجلس النواب، وذلك بالرغم من كون أوضاع الشارع يفترض أن تكون الأساس لأي إجراء اقتصادي”. وأوضح الخصاونة “الحكومة تطرح سيناريوهات عديدة على شكل بالونات اختبار تقيس بها ردّ فعل المواطنين أو مجلس النواب”، مشيرا إلى أن أي تعديلات على القانون مرفوضة شعبيا ونيابيا، خاصة في ظلّ قناعة عامة بأن الحكومة أصبحت عاجزة عن فعل أي شيء يسدّ عجز الموازنة باستثناء جيوب المواطنين. ويقول محللون إن حكومة هاني الملقي تبدو غير قادرة فعليا على إيجاد حلول جذرية للأزمة الاقتصادية وأنها لا تزال تستخدم ذات أسلوب الحكومات السابقة، ما يعجل بقرب نهايتها. ويوضح المحلل الأردني زيد النوايسة في تصريحات لـ”العرب”، “الشارع الأردني يتابع بقلق حكومة الملقي وخاصة فريقها الاقتصادي الذي لم ينجح في وقف نزيف المديونية التي بلغت أرقاما تلامس 40 مليار دولار”. ويعتبر النوايسة أن الملقي أعاد استنساخ تجربة سلفه عبدالله النسور في فرض المزيد من الضرائب خاصة في قطاع الطاقة. ويرجح المحلل الأردني أن تتصاعد الضغوط ضد الحكومة ورئيسها، خاصة في حال نجاحه في تمرير قانون الضريبة المعدل والذي يشمل صغار الموظفين، ولكن النوايسة استبعد فرضية رحيل الحكومة قريبا. ويرى البعض أن تحميل حكومة الملقي التي تشكلت في يونيو الماضي كل المسؤولية عن تردي الأحوال الاقتصادية غير منصف، فالأزمة ليست وليدة الأشهر الأخيرة بل تعود لعقود وقد عمقتها صراعات الجوار وما انجر عنها من تكدس للاجئين داخل المملكة وإغلاق للمعابر الحدودية سواء من جهة سوريا أو العراق. ويعتبر هؤلاء أن الحكومة أمام ضغط صندوق النقد الدولي وزيادة الأعباء الداخلية، لا تملك ترف تطبيق خيارات إصلاحية طويلة الأمد، ولكن هذا لا يعني تبرئة ساحتها، فهي كان الأجدى لها من البداية أن تعتمد لغة المصارحة مع الشعب وأن تحرص على خلق جسور تواصل معه. ويقول سامح المحاريق لـ”العرب” “كل ما يملكه الأردنيون اليوم من رصيد لرئيس الحكومة لا يتعدى تصريحات قليلة أتت بآثار سلبية لما أظهرته من انفصال بينه وبين المواطنين”.زيد النوايسة: الملقي أعاد استنساخ تجربة سلفه عبدالله النسور في فرض المزيد من الضرائب ويوضح المحاريق “مع أن الملقي لم يتخذ إجراءات مؤلمة كالتي اتخذها سلفه عبدالله النسور، إلا أن حالة الغموض التي تكتنف أداءه تقلق الأردنيين وتجعلهم يستشعرون بأن الرئيس لا يعرف إلى أين يمضي”. ويلفت إلى أنه لا يمكن التنبؤ بموعد رحيل الملقي، وما إذا كان سيحصل على فرصة إضافية، خاصة في ظل تجربة سلفه النسور الذي استطاع أن يستمر لأربع سنوات مستغلا التناقضات في المشهد السياسي، ومع ذلك فإن على الملقي أن يلقي بأوراقه بدلا من استهلاك الوقت بهذه الطريقة، وأن يتقدم لمعاركه السياسية والاقتصادية ليعطي الحيوية للمشهد ويقطع الطريق على شائعات كثيرة تروجها الصالونات السياسية في عمان، وتفويت الفرصة على العديد من الأسماء التي تحاول أن تلفت انتباه صاحب القرار لوجودها كبديل محتمل له. وفيما يروج البعض اليوم لأسماء بديلة عن رئيس الحكومة الحالي كانت لمعظمها تجارب سابقة في هذا المنصب، تدفع أطراف أخرى على غرار جماعة الإخوان المسلمين باتجاه تشكيل حكومة إنقاذ وطني تكون ذات مسحة سياسية. وتبرر الجماعة وآخرون يتبنون هذا الطرح بأن حكومات التكنوقراط أثبتت على مدار عقود فشلها لجهة أن تتحمل مسؤولية مخففة، فإن نجحت يا حبذا وإن فشلت لن يضرها ذلك كثيرا، وفي المقابل لو تم إعطاء الفرصة لحكومات ذات طابع سياسي فإن الوضع سيكون مغايرا لأن الأطراف التي ستشارك بها ستحرص على نجاحها لجهة أنها ستكون مسؤولة مباشرة أمام الشعب. ويرى المحاريق أن تشكيل حكومة إنقاذ وطني يعتبر خارج إطار الممكن حاليا، فالوضع لا يتحمل فتح باب للمزايدات السياسية ولا للتزاحم بين الشخصيات السياسية. ويوضح المحلل الأردني “ما يتداوله الأردنيون في مجالسهم هو الحاجة لرئيس وزراء يمتلك الكاريزما والقدرة على اتخاذ القرارات والدخول في المواجهات المطلوبة من أجل وضع الأردنيين أمام حقيقة الوضع الراهن ومسؤولياتهم للخروج منه، مع بالطبع تقديم الضمانات بألا يدخلوا حلقة جديدة تعود بهم إلى نفس الأرضية القلقة والمضطربة التي يعيشونها اليوم بصورة تقترب في ملامحها من أزمة نهاية الثمانينات”.
مشاركة :