في العام الماضي كانت حادثة التحرش بفتيات من عدة شباب في أحد أسواق المنطقة الشرقية وقبل أيام حادثة تحرش مجموعة شباب بفتاتين في جدة، ومثلها في الطائف، وليس ذلك حصرًا بل لأن وسائل التواصل أوصلته للناس، فلا تكاد امرأة تتسوق دون أن تتعرض لتحرش جسدي أو لفظي، وكثير من سيارات العوائل تتعرض لمضايقات مع أن النساء متحجبات، مما يؤكد أن الموضوع مرض اجتماعي لا عرض أو حوادث محدودة، ولا يجتثه سوى قانون وصرامة في تطبيقه. كان الشاعر العربي الجاهلي يقول: وأغض طرفي إن بدت لي جارتي حــتى يـواري جــارتي مـــأواهــا هذا هو الخلق العربي، غض الطرف عن الرؤية العارضة، فلماذا صار الرجال يؤذون النساء عمدًا؟، وأقول الرجال لأن التحرش ومؤاذاة النساء ليس قصرًا على الشباب بل هناك رجال تقدموا في العمر، لكن تصرفاتهم تصرفات مراهق. هؤلاء الذين يؤذون النساء ينسلخون من هذا التصرف الهجمي إذا غادروا الحدود ليس ورعًا بل خوفًا من قوة القانون، والقانون المتعلق بالمرأة ليس بالضرورة أن يكون مكتوبًا بل هو خلق كريم أحيانًا، وإن كان الزمان زمان كتابة القوانين ليس لإنكار الأذى بل لتحديد عقوبة التعزير ولردع ذوي التصرفات المهددة لكرامة المرأة، ففي الجزيرة العربية عمومًا كانت المرأة تغشى الأسواق وتبيع وترعى في البراري ولم تخش على نفسها، لأن الأعراف صارمة فالعربي معروف بإغاثته للملهوف واللاجئ أو ما يسمى بالدخيل ولو كان قاتلًا إلا إذا كان هاربًا من امرأة صاحت مستغيثة بأنه نواها بما يشين، فعند ذاك لا يجد من يؤويه بل يطرد مثل الكلاب الضالة، تلك هي حماية المرأة لمن يصفون مجتمعنا قديمًا وبخاصة من إخوتنا العرب أو من هم مغرمون بالغرب وهم يكررون حقوق المرأة، ويتكلمون عنها كثيرًا، ولكن في الواقع إن حقوقها مهدرة، وأكثر ما يتكلمون فيه هو ما يتعلق بأنوثتها التي تمتع الرجال لا بحقها في عيشة كريمة في حياتها، ومصدر رزقها، وقضاء حاجاتها من الأسواق، فمن الذي يحمي المرأة؟ أمجتمع كان الرجل لا يجرؤ على كلمة سوء تجاه المرأة أم مجتمع يثرثر كثيرًا ويعمل قليلًا ومنه من يتحرش بامرأة محترمة؟! بل هناك من يحمل المسؤولية للمرأة لخروجها، ويريدها أن تعيش في ظلمات ثلاث: ظلمة البطن، وظلمة البيت، وظلمة القبر. ليس المهم وجود قانون تحرش على أهميته لأن أذى المرأة ليس التحرش وحده بل حرمانها من حقوقها، ولكن المهم أن تكون مكانة المرأة كما كانت لا يجرؤ سفيه على إيذائها أو آخر على سلب حقوقها ولو كان قريبًا أو زوجًا، والتحرش بالمرأة جريمة حتى لو كانت متبرجة، لأن معالجة التبرج ليس بالتحرش ولا يكون التبرج مبررًا لبراءة المتحرش. Ibn_Jammal@hotmail.com
مشاركة :