نقلت جريدة «الحياة» في عددها يوم أمس، تصريحاً على لسان وزير الدولة الكويتي لشؤون مجلس الوزراء محمد المبارك الصباح قوله إن «الجانب السعودي شرس في المفاوضات». التصريح جاء توضيحاً، وإن شئت، رداً على تسريب أشخاص في وزارة النفط الكويتية، رسالة بعث بها وزير النفط الكويتي علي العمير لنظيره السعودي علي النعيمي. الرسالة كتبت بلغة غير ديبلوماسية، وغير ودية، وهي حمّلت السعودية «مسؤولية الخسائر التي تتعرض لها الكويت». لكن محمد الصباح حاول، في تصريحه المنشور، نفي مقاصد الرسالة، وقال: «بعضهم قد يكون فهم من الرسالة المسربة إننا شرسون ومتجنُّون، وهذا غير صحيح. فنحن اتخذنا موقفنا الصلب من صلابة وشراسة الموقف السعودي، بل بالأسلوب نفسه». وهو أثبت مضمون الرسالة في نفيه، ورفض الحديث عن قصة الخسائر التي وردت في الرسالة، باعتبارها موضوعاً حساساً، «يصعب على غير المطلع على التفاصيل التحدث بأبعاده». القصة باختصار أن السعودية أعطت أمتياز الانتاج في الجزء الشمالي من حقل الخفجي، لشركة «شفرون» الأميركية، وبحكم ان الكويت هي التي تدير المنطقة الواقعة في أرضها، اعترضت على تجديد السعودية العقد من دون علمها، وأصبحت تعطل عمل «شفرون»، وتمنع عنها رخص البناء واستقدام الأيدي العاملة، مما عطل عملية الانتاج، فقامت الرياض بوقف الانتاج في الجزء الجنوبي الواقع تحت إدارتها رداً على موقف الكويت. يعني «وحدة بوحدة». بصرف النظر عن رسالة وزير النفط الكويتي التي سربها «ويكيليكس كويتي» فإن القصة لا تستدعي كل هذه الضجة من الجانب الكويتي. كمية الانتاج في البئر ضيئلة جداً، وهي ربما تقل عن 150 الف برميل يومياً. لهذا فإن من يقرأ الرسالة الكويتية والتصريحات التي سعت الى تبديد مضمونها، يتذكر المثل المشهور «الجنازة حارة والميت كلب»، فضلاً عن أن الكويت اتخذت موقفاً إدارياً تجاه شركة تعمل مع السعودية استناداً الى أن الرياض لم تأخذ رأي الكويتيين حين جدد العقد، وهو عذر غير وجيه من وجهة نظر السعوديين. كما أن محاولة تعطيل عمل الشركة ما كان ينبغي أن يحدث بين بلدين شريكين، وتربطهما علاقات تفوق القيمة النفطية المتواضعة للحقل. لا شك في أن الكويت أخطأت في حق السعودية مرتين. أولاً، انها نقلت الخلافات الى العلن، على رغم أنه ليس لها حق التدخل في تفاصيل عقد أبرمته السعودية لتولي إنتاج حصتها. وثانياً، وهو الأهم، إنها تتحدث مع دولة لها وضع خاص مع الكويت، ويصعب التشويش على العلاقة معها بمنطق «خالتي وخالتك وتفرقوا الخالات». الأكيد أن المشكلة ستنتهي إذا طبق الطرفان قاعدة عظيمة في فض المنازعات اسمها «فك وأنا أفك»، وفي النهاية تبقى العلاقات بين السعودية والكويت أثمن من كل نفط العالم، وما جرى سحابة نفط ستزول.
مشاركة :