"لا" الإخوان تلقي بظلالها على موقف أول تحالف داعم للدستور الجزائري | صابر بليدي | صحيفة العرب

  • 10/5/2020
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

الجزائر - فشل تكتل قوى الإصلاح الوطني في بلورة موقف نهائي حول الدستور المقرر عرضه على الاستفتاء الشعبي في الفاتح من نوفمبر المقبل، مما اضطره إلى ترك الحرية لأعضائه بالتصويت بنعم أو لا، مما يؤكد الخلافات الداخلية في التكتل رغم أنه كان أول المعلنين عن دعمه لمسار السلطة الجديدة في البلاد. وإذ دعا التحالف الجزائريين إلى المشاركة الشعبية القوية في الاستفتاء الشعبي، فإنه لم يحسم موقفه بشكل نهائي وصريح، الأمر الذي يكرس الطابع الهجين للتكتل المكون من نحو ثلاثين حزبا وجمعية ومنظمة، كانت قد أعلنت عن نفسها خلال الأسابيع الأخيرة، كقوة تستجيب لمسار دعم السلطة للمجتمع المدني ليكون شريكا مستقبليا للسلطة. ويبدو أن المواقف الأخيرة لأجنحة التيار الإخواني (حركة مجتمع السلم وجبهة العدالة والتنمية) اللتين أعلنتا تباعا عن رفضهما للدستور الجديد، ودعت أنصارها وقواعدها إلى التصويت بـ”لا”، قد ألقت بظلالها على التكتل المذكور، وأن حضورها القوي أثر على مساره في الخطوات الأخيرة. وكان الرئيس عبدالمجيد تبون، قد استقبل وفدا عن قيادات التحالف بعد الندوة التأسيسية، حيث استمع لدعمهم له وللمسار الإصلاحي الذي تتبناه السلطة، فضلا عن أفكارهم وتصوراتهم بشأن مسودة الدستور، غير أن الوثيقة النهائية التي تمت تزكيتها من طرف الحكومة والبرلمان وتنتظر الاستفتاء الشعبي بعد أسابيع، تكون قد خيبت آمالهم. وتشكل التحالف من قوى سياسية وأيديولوجية متنافرة، الأمر الذي يكون قد عقد مسألة بلورة موقف داعم للوثيقة الدستورية، رغم أن جبهة المستقبل وحركة البناء الوطني وجيل جديد، التي تنتمي إلى تيارات متناقضة، أعربت في وقت سابق عن تصويتها الإيجابي على الدستور. وأوضح البيان الذي توج اجتماع رؤساء الكيانات والكفاءات المكونة لمبادرة القوى الوطنية للإصلاح، أنها “تدعو الشعب الجزائري للمشاركة الواسعة والتعبير عن الإرادة الحقيقية والحرة للمواطن، تجسيدا لمبدأ سيادة الشعب في خياراته، وأن التغييرات التي طرأت على المسودة، مثلت استجابة لجزء من مقترحات المبادرة”. مصدر أكد لـ"العرب" أن فعاليات موالية للإخوان داخل التكتل لم ترض عن الدستور، واعتبرته تكريسا للتيار العلماني ولكنّ مصدرا مطلعا من التكتل أكد لـ”العرب”، بأن “فعاليات موالية لتيار الإخوان داخل المبادرة لم ترض عن النسخة النهائية للدستور، واعتبرتها تكريسا للتيار العلماني الذي حذرت من استئثاره بلجنة التعديل”، الأمر الذي يعتبر امتدادا لموقف أكبر حزبين إخوانيين في البلاد (حركة مجتمع السلم وجبهة العدالة والتنمية). ودعت المبادرة مختلف الأحزاب والمنظمات والكفاءات إلى “الاحترام المتبادل في التعبير عن المواقف من الدستور خدمة للمصلحة الوطنية وترقية للفعل السياسي والمجتمعي والتنافس الشريف في الساحة الوطنية”. وحاول البيان الصادر عن التكتل المذكور الحفاظ على التوازن بين القوى المتنافرة، من خلال تثمينه، “العودة الشرعية للشعب باعتباره مصدر السلطة، وضرورة حماية خيار المواطن الحر في كل استحقاق سواء ما تعلق بالاستفتاء على تعديل الدستور الذي يمثل العقد الاجتماعي الذي ينظم العلاقة بين المواطن والسلطة، أو بالانتخابات التي تعيد تأسيس المؤسسات التي تعبر عن الإرادة الشعبية الحقة”. وأكد على أن “هذه المبادرة هي استمرار للعمل المشترك بين جميع مكوناتها، وأنه تقرر أن يتخذ كل مكون أو كفاءة وطنية موقفه من التصويت بالرجوع إلى مؤسساته أو طبقا لقناعته، مع تأكيد الجميع على أن مسار وأهداف مبادرة القوى الوطنية للإصلاح تمتد في مدى أوسع من الموقف المتعلق بالاستفتاء على الدستور”. وكانت الزيارة التضامنية التي قام بها رئيس حزب الفجر الجديد طاهر بن بعيبش، لمقر حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، للتعبير عن تضامنه مع الحزب ومع رئيسه محسن بلعباس، في صراعه المستجد مع السلطة، تمثل أول انشقاق في صفوف التحالف، على اعتبار أن الفواعل المحافظة والإسلامية الأخرى المهيمنة عليه، تأخذ موقفا معاديا لأكبر الأحزاب الراديكالية في البلاد. وتعول السلطة الجديدة بقيادة الرئيس تبون، كثيرا على الاستفتاء الشعبي على الدستور، من أجل تحقيق شعبية جديدة، ترمم بها أزمة الشرعية التي لفت بالانتخابات الرئاسية الأخيرة، وهو ما سيمكنها وفقا لمراقبين من طي صفحة الحراك الشعبي والاحتجاجات السياسية والذهاب إلى تنفيذ أجندة جديدة تصبح فيها هي الماسكة بكل الخيوط المتحركة في البلاد. وتُراهن السلطة على العديد من المكونات السياسية لإنجاح عملية تمرير الدستور بما في ذلك الإسلاميون الذين غازلهم تبون في وقت سابق بتعيينات في مناصب داخل الدولة، غير أن ذلك لم يمنع التيارات الإخوانية من دعوة قواعدها بالتصويت بـ”لا” على الدستور.

مشاركة :