كنا نشاهد الرئيس الأمريكي ترامب وعقيلته ومن حوله منذ بداية جائحة كورونا وحتى يوم الخميس الماضي يخرجون في جميع لقاءاتهم واجتماعاتهم وأحاديثهم المنقولة لنا حياً على الهواء بلا كمام ودون أن يطبقوا بروتوكولات الاحترازت المنصوص عليها من قبل منظمة الصحة العالمية، ونتساءل في كل مشهد نراه عن سبب هذا السلوك، وسر هذه الثقة المفرطة من قبل الرئيس على وجه الخصوص، حتى ساورنا الشك بأن كورونا مجرد لعبة سياسية، أو أن هناك لقاحا خاصا تناوله سيادة الرئيس ولم يفصح عنه بعد، أو غير ذلك من سيل الاحتمالات التي تدور في رؤوس الناس، ولم يكن يخطر ببال الكثيرين أن ترامب سيكون له موعد تاريخي مع هذا الفيروس الذي ينقله من البيت الأبيض إلى المستشفى في وقت عصيب وصعب ومصيري ليس في الولايات المتحدة الأمريكية فحسب بل في العالم بأسره. إن من المجزوم به أن هذه الشخصيات تحظى بالمتابعة الصحية الدقيقة ويشرف على برنامجها الغذائي والرياضي والوقائي المتخصصون المهرة كل فيما يخصه، ومع ذلك فإن قدر الله وقضاءه نافذ وماض على الصغير والكبير، الرئيس والمرؤوس، الذكر والأنثى على حد سواء، فالأمر كله بيد الله، الموت والمرض، والعسر واليسر، والعزة والذلة، والنصر والهزيمة، والغنى والفقر في هذه الدنيا كله بيد الله وعن علمه وإرادته، ولذلك لا يعجب ولا يستغرب المسلم من حدوث العوارض والمصائب في هذه الحياة، وجريان سنن الله في الأرض على الأحياء من بني آدم أياً كانت منزلتهم وديانتهم وأعمارهم وأجناسهم وأحوالهم ومكانهم وزمانهم، وصدق الله القائل {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}. هذه الأولى، أما الثانية فإن هذا الفيروس من الخطورة بمكان، وموجته الثانية أقبلت علينا بكل تداعياتها ومخاطرها لاسمح الله، وفي وقت الانفلونزا الموسمية التي يعاني منها غالبيتنا كل عام، ولذلك كان لزاماً على الجميع الالتزام بجميع الاحترازات المؤكد عليه من قبل وزارة الصحة، وفي ذات الوقت عدم تهوين الأمر وتبسيطه في عقليات من حولنا فمن أصيب بهذا الفيروس وأنجاه الله يحكي لنا عن شدة الألم والوجع الذي اعتراه طوال فترة الحجر الإلزامي المعروفة، فضلا عمّن قضى نحبه وودع هذه الدنيا جراء إصابته بهذا الداء الخطير نسأل الله السلامة والعافية. وعن الثالثة فإن من أصيب بهذا الفيروس فلا يعتقد أنه بمنأى عن تعرضه للإصابة مرة ثانية، فولدي الأكبر (صالح) الله يحفظه ويرعاه أصيب بكورونا مرتين، ولذلك لابد من الاستمرار باتباع جميع الاحتياطات الوقائية حتى وإن كنت أصبت من قبل بهذا الفيروس. أما الرابعة فدعك عن البحث عن الأسباب التي تقف خلف انتشار هذا الفيروس في العالم، ولا تلتفت للتحليلات التي تملأ الفضاء الافتراضي فلن تجدي لك نفعا ولن تقيك من الإصابة بفيروس كورونا، وإنما هي من باب تضييع الوقت بالنسبة لي ولك وأمثالنا من العامة في هذا المجال، فأمرها في النهاية لأهل الاختصاص، وإنما عليك بخويصة نفسك ومن تعول جنبها مواطن الخطر والتزم بكل ما جاء من تعليمات واحترازات، فالأمر لا يقبل التهاون والتواكل وإنما التوكل على الله عز وجل وحده، ثم بذل كل الأسباب من أجل النجاة والسلامة، والدعاء الدعاء بأن يرفع الله برحمته وعلمه وكرمه عن الدنيا هذا الوباء، ويدفع عن الناس البلاء، ويقينا شر الداء وإلى لقاء والسلام.
مشاركة :