قناعات تغيرت بعد «كورونا»

  • 4/24/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ميثا السبوسي تأتي الصعاب والمحن على هيئة دروس نستفيد منها في الحياة العملية والعلمية. وجائحة «كورونا» ليست درساً من الدروس العابرة أو إضافة معرفة لما سبق من الدروس؛ بل هي تغيير كامل سيترك أثره سواء في الأفراد أو في الدول ومختلف جوانب الحياة؛ فالأكيد، مثلاً، أن أنظمة الدول ستتغير من النواحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وسيشهد العالم سن أنظمة وتشريعات جديدة. التغير الأول الذي ستتخذه جميع الدول هو تخصيص الجزء الأكبر من ميزانية كل دولة للمجال الطبي والأبحاث العلمية، وقد تظهر وظائف أكثر ومسميات مختلفة في هذا المجال، كما ستتغير مفهوم وظيفة الطبيب الذي يعتبر الآن خط الدفاع الأول لمواجهة هذه المحنة، وقد صار قدوة. سياسياً، ستختلف نظرة الشعوب إلى الحكومات؛ كل بحسب ما بذلته الحكومة من جهود خلال هذه الأزمة. وعندما يجتمع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، عن بُعد مع المسؤولين عن القطاعات المهمة للدولة، ويراجع خط سير الأنظمة والقوانين التي شرعتها الدولة في هذه المحنة ثم يقول سموه: «الدواء والغذاء أمانة ولا تشلون هم من هذه الناحية»، فهو يقدم نموذجاً مشرّفاً ومختلفاً تماماً عما قالته وفعلته حكومات دول أخرى رفعت شعار: «البقاء للأقوى»، أي البقاء لمن يتحمل المرض ويشفى منه، وهو الذي ستنتفع به الدولة بعد ذلك. وأعلنت دول أخرى الحجر والالتزام المنزلي، ولم توفر معهما المال والغذاء لمن كان يعتمد على كسبه اليومي. كذلك تكشف لنا جائحة «كورونا» الاختلاف بين الأنظمة وأيها الأفضل لقيادة الدول، الاشتراكية أم الرأسمالية، الديمقراطية أم الشمولية؟ ومن الناحية الاجتماعية، سيظل التباعد الاجتماعي، والمحافظة على عدم المصافحة أو الاحتضان والتقبيل، وهو النمط السائد، وسيتحول الحذر إلى قناعة ورغبة لدى الأفراد، بدون أن يفرضه عليهم أي قرار رسمي أو القانون. على الجانب الشخصي، سيزيد إيمان الإنسان بالقدر، خيره وشره، والاستسلام الكامل لقدرة الله، وتتراجع رغبته الجامحة في السعي خلف الكماليات والتهافت على شراء السلع والعلامات التجارية الأغلى أو الأكثر تداولاً في وسائل التواصل الاجتماعي، بعد هذه التجربة المُرة التي علمت كل منا أن أهم ما يملكه هو الصحة. الأمان في البيت قناعة تامة وستبقى كذلك، ولا ننسى من أسهم في حمايتنا والحفاظ على هذا الأمان الذي نشعر به، وهي دولتنا التي تدفع الغالي والنفيس للتصدي للوباء والحد من انتشاره. جهد كبير يبذله الجميع من أجل حماية كل مواطن، وبالتالي على كل مواطن رد هذا الجميل بمثله وحماية نفسه ووطنه من الجائحة ومن كل وباء أو مكروه قد يتعرض له في أي وقت وعلى الدوام. بعد هذه الأزمة، سيتغير مفهوم القدوة في عيون الناس لاسيما الشباب، فبعد أن كانوا يلهثون خلف المشاهير و«المؤثرين» على وسائل التواصل الاجتماعي، والاقتداء بهم لزيارة هذا المطعم أو ذاك المقهى، سيصير الطبيب والشرطي والجندي القدوة والنموذج المثالي الذي يتشبهون به ما ينعكس إيجابياً على المجتمعات والحياة في المستقبل. maithk.ali@gmail.com

مشاركة :