كيف تكون مؤرخاً، عنوان أول أمسية نظمها مجلس مركز جمال بن حويرب للدراسات، مساء يوم الأحد الماضي، تحدث فيها المؤرخ والأديب جمال بن حويرب المستشار الثقافي في حكومة دبي، والمدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، بحضور عددٍ من المهتمين والمتابعين. قال ابن حويرب، إنه اختار هذا الموضوع المهم والخطير جداً بعد أن لاحظ أن وسائل التواصل الاجتماعي تعج بموضوعات عناوينها... كيف تصبح مليونيراً؟، كيف تصبح غنياً؟ كيف تصبح ثرياً؟ لكن القلة القليلة تحدثت عن الموضوع الأهم (كيف تصبح مؤرخاً؟)، رغم أن هذه المهنة تحقق لصاحبها الثراء والشهرة في آنٍ واحد. وأضاف أن علم التاريخ يحتاج إلى عناية واهتمام بالغين، وكلما اهتممنا به أصبح سهلاً جداً، وينبغي أن يكون المؤرخ مهنياً ومحترفاً، وكلما ازدادت خبرته وتجاربه، كلما ارتفع دخله لأن الحضارات تبنى على المؤرخين الثقاة، فالحضارة الغربية اعتمدت على مجموعة من المؤرخين العظام الذين مروا عليها عبر العصور، بدءاً من العصر الروماني مروراً بالروماني فالصيني، ثم عصر النهضة والتنوير فالتاريخ المعاصر. وأكد ابن حويرب أن المؤرخين العرب، أمثال أبو جعفر الطبري وابن خلدون وابن هشام وغيرهم، قاموا بجهدٍ كبير في توثيق التاريخ العربي والإسلامي لكن جهودهم كانت تعتمد على الرواية والنقل وليس على البحث والتحقيق والتحليل، كما هو الأمر لدى نظرائهم الغربيين. وتحدث المستشار ابن حويرب مطولاً عما يتطلبه المرء ليكون مؤرخاً ناجحاً قائلاً: من يريد أن يصبح مؤرخاً ماهراً يحتاج إلى الاهتمام ببعض الأمور كالمعرفة في اللغات بصورة عامة وبمهارات الكتابة والقراءة، وأن يتعرف على ثقافة البلدان المختلفة في العالم، وأن يكون على دراية بالعالم من حوله وبكافة الثقافات المختلفة، بالإضافة إلى اللغة المحلية، وأن يتقن اللغة الإنجليزية التي تعتبر اللغة الأساسية للعلوم في الوقت الحالي. لكن هذا لن يكون كافياً، فأنت تحتاج إلى تعلم أكثر من لغة حية لتتمكن من توسيع مصادرك التي تقرأ فيها ولتتعامل مع أكبر عدد ممكن من الناس في تنقلاتك وسفرك، وكذلك تعلم لغات ميتة لتتمكن من قراءة النصوص والمخطوطات التي تدرسها بشكل كامل. ويجب أن تملك القدرة على قراءة ما بين السطور، أنت تحتاج إلى زيادة مهاراتك في التحليل والنقد والنظر إلى الأمور بنظرات نقدية طوال الوقت، وأن تكون على معرفة بكافة الأخطاء التاريخية الشائعة، وأن تبحث عن الدليل المادي طوال الوقت، وأن تعتمد على الكثير من المصادر لتتأكد من المعلومات التي تقرأها، يجب أن يكون النقد هو السمة الأساسية التي تكون حاضرة في ذهنك قبل قراءتك وتحليلك لأي نص تاريخي، لا تعتمد على الآراء والنظريات السائدة. واختتمت الأمسية بحوارات شارك فيها عدد من الحاضرين تناولت قضية التأريخ بشكل وآلية إعداد المؤرخين بشكل منهجي ليكونوا في موقع حضاري متقدم لخدمة الإنسانية بشكل عام.
مشاركة :