تجديد الثقة في الحكومة الكويتية وفض دور انعقاد البرلمان يمنحان أركان السلطة في البلاد وعلى رأسها الأمير الجديد فسحة من الزمن لإعادة ترتيب الأوراق استعدادا للانطلاق في مرحلة جديدة يأمل الكويتيون أن يتم خلالها تجاوز الأزمة الاقتصادية الحادّة ووضع أسس لعلاقة جديدة بين الحكومة والبرلمان مختلفة عن علاقة الصدام الدائم التي ميّزت فترة حكم أمير البلاد الراحل. الكويت - شرع أمير الكويت الجديد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح في اتّخاذ أولى الخطوات العملية لترتيب أوضاع عهده الذي لن يخلو من مصاعب وتعقيدات موروثة عن عهد الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، وعلى رأسها العلاقة دائمة التوتّر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية والتي مثّلت على مدى سنوات حكم الشيخ صباح صدى لصراعات أعمق على السلطة ومغانمها المادية والمعنوية. وجدّد الشيخ نواف، الثلاثاء، الثقة بالحكومة الحالية بقيادة الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح للاستمرار في أداء مهامها وعلى رأسها التحضير للانتخابات المقبلة التي سيتم بموجبها تشكيل برلمان جديد خلفا للبرلمان الحالي الذي انتهت مهامه عمليا بفض دور انعقاده الحالي إلى أجل قد يصل إلى موعد الانتخابات المقرّرة لأواخر شهر نوفمبر القادم، إلاّ إذا اقتضت الضرورة دعوته لعقد جلسة استثنائية للنظر في مسألة عاجلة من قبيل التصويت على من يختاره الأمير لتولّي ولاية العهد. وفيما يشكّل تجديد الثقة في الحكومة ضمانة للاستقرار والاستمرارية، فإنّ نتائج الانتخابات المرتقبة ستكون هامّة في تيسير مهمّة أمير البلاد أو إضافة تعقيدات جديدة إلى التعقيدات السياسية والاقتصادية القائمة أصلا، ذلك أنّ الأزمة الحالية قد ترفع من حظوظ المعارضة وخصوصا منها الإسلامية بفرعيها الإخواني والسلفي، في الفوز بمقاعد مجلس الأمّة على حساب القوى والشخصيات الموالية تقليديا للسلطة. ويعني وجود برلمان كويتي بأغلبية معارضة عودة التجاذب بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بأكثر حدّة، والسقوط بالتالي في متوالية إقالة الحكومات وحلّ البرلمانات التي كانت سمة بارزة لعهد الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، وعاملا مؤثّرا في قدرات البلد على العمل والإنجاز. وقال رئيس مجلس الأمّة مرزوق الغانم إنه تسلّم مرسوما أميريا بفض دور الانعقاد الحالي للمجلس الخميس المقبل. وقالت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية كونا إنّ رئيس مجلس الوزراء وضع استقالته واستقالة الحكومة بتصرف أمير البلاد “حرصا على تولية المسؤولية الوزارية لمن يحوز ثقة الأمير”. وتوفي أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الثلاثاء الماضي عن 91 عاما وأصبح ولي العهد الشيخ نواف البالغ من العمر 83 عاما الحاكم الجديد للبلاد. ويترقب الكويتيون تعيين ولي عهد جديد يساعد في توجيه شؤون البلاد في وقت ألحق فيه انخفاض أسعار النفط وجائحة كورونا ضررا بالغا بالأوضاع المالية للدولة النفطية. وينص الدستور على أن يكون تعيين ولي العهد خلال سنة على الأكثر من تولية الأمير، ويكون تعيينه بأمر أميري ومبايعة من مجلس الأمّة في جلسة خاصة، وتتم المبايعة بموافقة أغلبية أعضاء المجلس. وقال الغانم في تصريحات صحافية إنه سيدعو النواب لعقد جلستين خاصتين الأربعاء، الأولى لتأبين الأمير الراحل والثانية لاستكمال إقرار القوانين قبل فض دور الانعقاد. وبخصوص موضوع ولي العهد قال رئيس البرلمان إنه إذا وصله أمر أميري بتزكية ولي للعهد فسيدعو لجلسة خاصة الخميس للتصويت والموافقة على ولي العهد الذي يزكيه الأمير، أما إذا لم يصله “فسيكون الأمر بعد فض دور الانعقاد وفقا للإجراءات المتبعة للاجتماعات غير العادية بعد دور الانعقاد”. وقال الخبير الدستوري الكويتي محمد المقاطع إن استقالة الحكومة كانت أمرا واجبا بسبب تولي أمير جديد للسلطة لأنّ الدستور يستلزم أن تحوز الحكومة على ثقة الأمير وهذه هي حكومة الأمير الراحل وليست حكومة الأمير الجديد. وأضاف أن المواد 56 و98 من الدستور تنص على أن تنال الحكومة ثقة الأمير الجديد وبالتالي كان لا بد أن تضع استقالتها تحت تصرفه، وله أن يقبل الاستقالة، أو يجدد الثقة بالحكومة وهو ما حدث بالفعل. وقال المحلل السياسي ناصر العبدلي إنّ الحكومة أرادت أن تغلق الباب أمام أي ثغرات دستورية. وأضاف أن هذه الاستقالة تشكل رغبة من الحكومة في فتح خيارات أوسع أمام الأمير لاختيار الأفضل. ودستوريا، لا بد أن تستقيل الحكومة لأنها أخذت شرعيتها من الأمير السابق، وطالما تغير رأس الدولة فلا بد أن تجدد الحكومة شرعيتها. ويضع فضّ دور انعقاد مجلس الأمّة الحكومة الكويتية، عمليا، في حالة من الهدنة لتستكمل المدّة المتبقية لها قبل إجراء الانتخابات بمنأى عن الاستجوابات النيابية التي هدّد عدد من النواب بطرحها على أعضاء الحكومة ورئيس الوزراء، وهي هدنة تقول مصادر كويتية إنّها كانت موضع وفاق جميع الأطراف الراغبة في أخذ مهلة لإعادة ترتيب أوراقها في ظل المتغيّر الكبير الذي حصل على رأس هرم السلطة واستعدادا للمزيد من المتغيرات التي ستحملها الفترة القريبة القادمة.
مشاركة :