لماذا تخسر أجهزة الاستخبارات الأميركية في حرب المعلومات | | صحيفة العرب

  • 10/7/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تولي القوى العظمى أهمية كبيرة لحرب المعلومات خاصة في مطاردة الإرهابيين، فالخبراء العسكريون يحددون بطريقة منهجية البنى التحتية اللوجستية وأنظمة القيادة والمراقبة ومراكز الثقل، التي سيهاجمونها بطريقة شبه أكيدة في حال نشوب نزاع. ولكن ما يثير الاهتمام هو فشل الولايات المتحدة في ذلك بينما استطاع منافسوها النجاح. واشنطن - تلجأ القوى الكبرى إلى استخدام سلاح الخوارزميات لتقليص نفوذ خصومها، حيث لا تكتفي بالتوغل في الملفات الإقليمية الحارقة مثلما يحصل اليوم في الشرق الأوسط، ولكن تتخذ استراتيجيات للتعامل مع التهديدات مهما كان حجمها. ولأن دولا مثل روسيا والصين تسعى بكل الوسائل إلى إزاحة الولايات المتحدة من على واجهة القيادة للنظام العالمي، بات المسؤولون الحكوميون الأميركيون الكبار يبررون خسارة بلدهم حرب المعلومات المستمرة حينما فشل في تجديد سياسات محاربة الإرهاب خلال العقد الماضي. ويقول المحلل مارك بوميرلو في تقرير نشره موقع “ديفنس نيوز” إن الجهات الفاعلة في الدولة تشن عادة حربا إعلامية متواصلة ضد الولايات المتحدة وحلفائها كوسيلة لتقويض المؤسسات الديمقراطية وزرع الفتنة بين المواطنين. وهذا الأمر أكده مايكل ناغاتا، الجنرال الأميركي المتقاعد، الذي قضى معظم حياته المهنية في مجتمع العمليات الخاصة وعمل كمدير للاستراتيجية في مكافحة الإرهاب، حيث أعرب عن اعتقاده خلال عرض افتراضي في مؤتمر جمعية الدفاع الوطني الصناعية الأسبوع الماضي بأن الولايات المتحدة تتعرض للهزيمة الاستراتيجية في بيئة المعلومات. وقال ناغاتا “لا نمتلك حتى منطقتنا فنحن نُهزم ولقد تم تجاوزنا في المناورة وتم تجاوزنا حتى على مستوى العمليات في الخارج”. وهو ما يؤكده مسؤولون سابقون أن مخاطر هذه الحرب الإعلامية أكبر بكثير من مخاطر الحرب على الإرهاب، مثل كارين موناغان، رئيس القسم السابق في روسيا في وكالة المخابرات المركزية. ولقد اعتبرت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) عمليات المعلومات بأنها داعمة للأنشطة الحركية، لكن ناغاتا يعتقد أن الوقت قد حان للحكومة لتغيير هذا النموذج في المنافسة العالمية. وقال “ربما يجب أن يُنظر إلى العمل الجسدي العسكري أو أي شكل آخر من أشكال العمل الجسدي من الحكومة الآن بشكل متزايد على أنه أشياء تدعم المعلومات”. ومن حين إلى آخر شاهد المسؤولون أمثلة على ذلك حيث استخدم الإجراء الحركي من قبل عناصر مكافحة الإرهاب للقيام بأنشطة تشكيل بحيث يمكن أن تنجح عملية المعلومات، لكنها نادرة ولذلك يرون أنهم بحاجة إلى جعل تلك الأشياء أكثر شيوعا. وقد أثبتت بعض الجماعات غير الحكومية أن هذا الأمر له تأثير كبير، ففي ورقة نُشرت في عام 2017، أوضح الأكاديمي أليكس كروثر كيف نفذ تنظيم داعش المتطرف عمليات عسكرية لدعم العمليات الإعلامية. وفي المقابل، يلاحظ أن الجيش الأميركي تاريخيا كان يقوم بعمليات إعلامية لدعم العمليات التقليدية، وبالتزامن مع ذلك كان مسلحو داعش يكتشفون هدفا قبل الهجوم ويحددون أفضل مكان لالتقاط اللقطات منه لنشرها لاحقا عبر الإنترنت لمجموعة متنوعة من الأغراض. وفي هذا الباب، يشير ناغاتا إلى أنه إذا لم تستطع الولايات المتحدة قلب هذا النموذج، فإنها ستخاطر بالخسارة دون قتال، ملمحا إلى الاختلافات الجسيمة في الحجم بين معارك مكافحة الإرهاب في الماضي وحرب المعلومات الحالية التي تشارك فيها الدول المتقدمة. وفي مجال مكافحة الإرهاب كانت مهمة مختلفة كثيرا وتم تصميم عمليات المعلومات لتكون تكتيكية، ولكن يتضح من تلك الممارسات أنه يجب أن تكون العمليات المعلوماتية ضد المنافسين القريبين من الأقران أكثر استراتيجية، وتتضمن الكثير من التفكير النقدي حول الأهداف. ولدى موناغان سيل من التساؤلات حول ذلك من قبيل إقناع الناس بالتحول إلى التطرف “وماذا نريد أن نفعل؟ ومن نستهدف؟ وهل نواجه روايات منافسينا القريبين من الأقران؟ وهل نصححها؟ وهل نحاول تبديد نظريات المؤامرة والمعلومات الخاطئة والمضللة؟”. وأكد أنه من الضروري استيعاب ذلك قبل أن يتم تطوير عملية معلومات ناجحة أو شاملة. وكانت الولايات المتحدة خلال الحرب الباردة تقوم بتبادل مستمر في مجال المعلومات ضد الاتحاد السوفييتي ومع ذلك، بينما حولت واشنطن تركيزها وأهدافها خلال حربها العالمية على الإرهاب، لم تفعل روسيا ذلك. وتتمتع الولايات المتحدة بميزة تنافسية طبيعية في مجال عمليات المعلومات ضد المنافسين القريبين من نظرائها، وهذا ينطبق بشكل خاص على روسيا التي كانت تفعل ذلك لسنوات وسنوات. وقال موناغان إن “روسيا تمتلك بنية تحتية كاملة لتقديم عمليات المعلومات. لا يقتصر الأمر على البنية التحتية فقط، بل يشمل أيضا مجالا من اللاعبين بدءا من أجهزتهم الاستخبارية ووصولا إلى وسائل الإعلام الحكومية إلى المتحدثين باسمهم الإعلامي ودبلوماسييهم عبر المساحات الإعلامية التي يمتلكونها في الخارج”. ويؤكد ناغاتا أن هناك طرقا لدولة قوية مثل الولايات المتحدة لتصحيح نفسها، لكن “نحن نتركها تتلاشى لأننا لا نأخذ هذا الأمر بجدية كافية عبر حكومة الولايات المتحدة”. ويمكن أن يختبئ كبار خصوم الدولة وراء السيادة وهو أمر لا تتمتع به الجماعات الإرهابية – والموارد الغنية بينما يستفيدون أيضا من المؤسسات المعترف بها دوليا مثل الأمم المتحدة. لكن بعض الخبراء يقولون إنه من الممكن أن تكون الولايات المتحدة أكثر نشاطا في هذا الفضاء مما يبدو وإذا كانت هذه العمليات تتم في وسائل الإعلام الأجنبية، فمن المحتمل أن تكون غير معروفة للأميركين، الذين يحاولون تتبع النشاط. وعلى سبيل المثال، عملت القيادة الإلكترونية الأميركية على تعطيل وإرباك داعش عبر الإنترنت وعملياتها عبر إرسال رسائل مخصصة إلى أفراد من المخابرات العسكرية الروسية، الذين يُزعم أنهم متورطون في محاولات بث الفتنة بين الجمهور الأميركي وتعطيل الانتخابات الأخيرة. ومع ذلك، يشك البعض في قدرتها على النجاح، حيث يؤكد هيرب لين، كبير الباحثين في السياسة الإلكترونية والأمن في مركز الأمن والتعاون الدولي بجامعة ستانفورد، أن مشغلي الفضاء الإلكتروني ليسوا على الأرجح الخيار الأفضل لإجراء مثل هذه العمليات. وفي مقال نُشر خلال الصيف في مجلة “سيبر ديفنس ريفيو” (مراجعة الدفاع السبراني) كتب لين يقول إن الخبرة اللازمة لإجراء العمليات النفسية أو المعلوماتية تتجاوز مجموعة مهارات مشغلي الإنترنت، الذين هم بالفعل خبراء في الآحاد والأصفار لأجهزة الكمبيوتر. وبدلا من ذلك، اقترح أنه يجب أن يكون هناك كيان يمكنه دمج المتخصصين في العمليات النفسية والعمليات الإلكترونية كأنداد مشتركين.

مشاركة :