أنقرة – تستمر الليرة التركية في تراجعها بمستويات قياسية، اذ سجّلت انخفاضا جديدا الأربعاء أمام الدولار وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية في المنطقة. وتراجعت الليرة بنسبة 0.9 بالمئة إلى7.8692 ليرة لكل دولار، لتفقد العملة التركية أكثر من 24 بالمئة من قيمتها هذا العام، وهو ثاني أكبر تراجع لعملة في الأسواق الناشئة بعد الريال البرازيلي، وفقا لبيانات وكالة “بلومبرج” للأنباء. وتعاني تركيا من أزمة اقتصادية حادة أدت إلى تفاقم الدين العام الخارجي الذي بلغ مستويات كبيرة تجاوزت أكثر من حوالي 445 مليار دولار، وفق أرقام مجموعة البنك الدولي. وانخفضت العملة التركية نحو 20 بالمئة من بداية العام الجاري لكنها استقرت في الأسابيع الأخيرة، لتعاود الانخفاض من جديد، وسط متغيرات محلية ودولية، وأدى انخفاض قيمة العملة لزيادة التضخم عبر الواردات، مما يؤدي بدوره إلى ارتفاع عجز ميزان المعاملات الجارية. ومما يعزز المخاطر حيال تركيا أن الإصابات الجديدة بكوفيد-19 قفزت في الأسابيع الأخيرة. وكشفت بيانات اقتصادية خلال شهر سبتمبر الماضي عن مؤشرات خطيرة تتعلق بارتفاع كبير في نسبة البطالة والتضخم في تركيا فضلا على تراجع ميزان المعاملات الجارية الأمر الذي يعقد مهام إنعاش الاقتصاد في وقت تشهد فيه العملة المحلية انهيارا غير مسبوق. وأعلن البنك المركزي التركي في وقت سابق أن ميزان المعاملات الجارية سجل عجزا يقل عن المتوقع قدره 1.82 مليار دولار في يوليو الماضي، ما يرجع في الأساس إلى ارتفاع تكلفة الواردات وانخفاض حاد للسياحة بسبب فايروس كورونا. وتخطط تركيا لاختبار صواريخ إس-400 روسية الصنع رغم اعتراضات الولايات المتحدة، وبالتزامن أيضا مع الموقف الروسي المعارض للاشتباكات الأخيرة في القوقاز. كما تمضي تركيا بأجندتها الخاصة في شرق البحر المتوسط، ما يثير التوترات بينها وبين اليونان وقبرص العضوين في الاتحاد الأوروبي. وتواجه أنقرة خطر انهيار العملة بنسب أكبر وتضرّر اقتصادها الذي يعاني من أزمة حادة في حال تعرّضت لعقوبات أميركية جديدة. وقال بيوتر ماتيس، الخبير الاستراتيجي في مؤسسة “رابوبنك”، ومقرها لندن، :”إلى جانب الاشتباكات المستمرة بين أرمينيا وأذربيجان، تزايدت الاحتمالات بقيام الولايات المتحدة بفرض عقوبات على تركيا لشرائها أنظمة إس-400 من روسيا”. وأظهرت بيانات أن اقتصاد تركيا انكمش 9.9 في المئة في الربع الثاني من العام، إذ تسبب الإغلاق العام بسبب جائحة فايروس كورونا في توقف شبه كامل للأنشطة الاقتصادية بما يمثل أسوأ أداء على أساس سنوي في عشر سنوات. ولم تنجح محاولات أنقرة لترويج صورة متفائلة عن وضعها الاقتصادي خاصة بعد تداعيات أزمة كورونا على اقتصادها، حيث تؤكد المؤسسات الدولية والتقارير الاقتصادية أن البلد يعاني من أزمة اقتصادية حتى قبل انتشار الجائحة العالمية.
مشاركة :