بعد تبنيها شركات الوقود الأحفوري على مدى عقود، يبدو أن وول ستريت تبدّل ولاءها لصالح الطاقة المتجددة، في تحوّل كبير في المصير الذي ينتظر كل من شركة الطاقة المتجددة «نكست إرا إنيرجي» وشركة «إكسون موبيل» النفطية.تجاوزت «نكست إرا» (أي الحقبة المقبلة)، التي تتخذ من فلوريدا مقراً وتعد لاعباً رئيسياً في مجال طاقة الرياح والطاقة الشمسية، المجموعة النفطية العالمية العملاقة بصفتها شركة الطاقة الأمريكية ذات القيمة السوقية الأكبر.وبلغت قيمة «نكست إرا» السوقية 145 مليار دولار مقارنة مع «إكسون موبيل» التي بلغت قيمتها 142 مليار دولار، في مؤشر جديد على تراجع مركز المجموعة النفطية العملاقة ومقرها تكساس والتي أزيلت هذا العام من مؤشر داو جونز المرموق بعد أكثر من 90 عاماً.ويشير الخبير في مجال الطاقة لدى شركة «ثِرد بريدج» للأبحاث بيتر ماكنالي إلى أن صعود «نكست إرا» وغيرها من الشركات التي تركّز على الطاقة المتجددة ليس مجرّد اتّجاه عابر.وقال «شهدت ظهور واختفاء اتجاهات رائجة تتعلّق بالطاقة البديلة على مدى العقد الأخير، وأنا متأكد بأن الناس سيتساءلون عن الثمن الذي دفعه العديد من المستثمرين لقاء الإيرادات التي يتم تحقيقها».وأضاف: «إنهم في المكان المناسب في الوقت المناسب».- تيسلا كنموذج - استثمرت «نكست إرا» التي تأسست عام 1925 في فلوريدا، حيث ما زالت تمد خمسة ملايين منزل بالكهرباء، في تكنولوجيا طاقة الرياح والطاقة الشمسية منذ تسعينات القرن الماضي.وبدأت هذه الاستثمارات تؤتي أكلها نظراً للتطور التكنولوجي الكبير الذي تحقق في مجال الطاقة المتجددة.وقال ماكنالي «أصبح إنتاج الكهرباء عبر مصادر الطاقة البديلة ينافس المصادر التقليدية على غرار الفحم والغاز الطبيعي».وأضاف «لو أن هذه الاستثمارات تمّت قبل عشر سنوات لكانت نتائجها تختلف على الأرجح، إذ إن توليد الطاقة من الرياح والشمس بات أقل تكلفة بكثير».وتعد «نكست إرا» أكبر منتج لطاقة الرياح في أمريكا الشمالية ومن رواد منتجي الطاقة الشمسية في الولايات المتحدة.وهناك عامل آخر لا يقل أهمية ألا وهو ازدياد تركيز المستثمرين على التغير المناخي وميلهم نحو الشركات التي تتبنى فكرة أن مصادر الطاقة المتجددة ستصبح اللاعب الأكبر في معادلة الطاقة.ولا يخفى أن رأياً مشابهاً كان وراء تحوّل «تيسلا» إلى شركة السيارات ذات القيمة السوقية الأكبر، لتتفوق على «جنرال موتورز» و«فورد» على الرغم من أن الشركتين التقليديتين تبيعان عدداً أكبر بكثير من السيارات.وفي 2019، سجّلت «نكست إرا» أرباحاً بقيمة 3,8 مليار دولار مع عائدات بلغت 19 مليار دولار. وفي الفترة ذاتها، سجّلت «إكسون موبيل» أرباحاً بقيمة 14,3 مليار دولار وعائدات بقيمة 265 مليار دولار.ويتزامن تراجع «إكسون موبيل» مع التوقعات القاتمة لأسعار النفط غداة أزمة كوفيد-19 وتواصل الضبابية حيال الطلب.وجعلت هذه القوى المحركة قرارات «إكسون موبيل» الاستراتيجية تبدو سيّئة خلال السنوات الأخيرة.استثمرت شركة النفط العملاقة حوالي 80 مليار دولار بين العامين 2017 و2019، إذ تم تخصيص نحو ثلث المبلغ للاستثمارات في النفط الصخري الأمريكي في مسعى لزيادة الإنتاج بمليون برميل في اليوم بحلول 2024. لكن نظراً للأزمة التي شهدها القطاع، تبدو هذه الأهداف بعيدة المنال.ومع تهاوي أسعار النفط، خفضت «إكسون موبيل» ميزانيتها الاستثمارية للعام الجاري.في المقابل، استفادت «نكست إرا» من أسعار الكهرباء المنظمة واستقرار الاستهلاك؛ إذ إن ثلثي عائداتها مرتبطة بإمداد الكهرباء.وبين مصدر العائدات الثابت هذا وخبرتها في تخزين طاقة الرياح والشمس، تعد «نكست إرا» في «وضع يسمح لها بالانتقال إلى عالم توليد الطاقة المتجددة والخالية من الانبعاثات»، بحسب المحلل لدى «مورنينج ستار» أدنرو بيشهوف.وأضاف «يقدّر المستثمرون بكل تأكيد هذا النوع من السجل الكربوني».
مشاركة :