موسكو – حذر أخصائيو علم النفس من أن العزلة الذاتية بسبب جائحة كوفيد – 19 قد تصبح أحد الأسباب المحفزة لظهور العدوانية عند الأطفال وتلاميذ المدارس. وأشاروا إلى أن تنظيم وقت الطفل خلال العزلة الذاتية بصورة صحيحة سيمنع النزاعات وسيساعد في التغلب على التوتر. وقال الأستاذ ألكسندر تيخوستوف، رئيس قسم علم النفس العصبي وعلم النفس المرضي بجامعة موسكو، إن عدوانية الطفل ليست ظاهرة جديدة، لأن الأطفال يشعرون بحدود السلوك المقبول، وأن خرقها يسبب معاقبتهم. ولكن في الوقت الحاضر نعاني من نقص في التدابير الوقائية وكذلك طرق تسوية المشكلات في المدارس. وأوضح “حاليا الإدارة والمعلم لا يعرفان ما الذي ينبغي عليهما القيام به عند حدوث مشكلة ما. في السابق كانت هناك إجراءات تؤثر في الأطفال المذنبين، أما الآن فجميع المعلمين يقولون إنهم يتصلون بأولياء الأمور ولكنهم لا يحركون ساكنا. وهذا أحد أسباب عدوانية الطفل”. وتابع تيخوستوف “السبب الثاني قد يكون الفايروس التاجي المستجد، الذي منعهم من الذهاب إلى المدرسة مدة نصف سنة، ما تسبب في فقدان مهاراتهم السلوكية؛ لأن كل شيء عند الأطفال يتحول بسرعة”. ومن جانبها لفتت الدكتورة يلينا دوزورتسيفا، كبيرة الباحثين ومديرة مختبر علم نفس الأطفال والمراهقين في مركز سيربسكي لبحوث الطب النفسي، إلى أن مشكلة عدوانية الأطفال ظهرت منذ زمن بعيد. ولكن قد تكون العزلة الذاتية أضافت ضغطا آخر واختلالا في توازنهم، ما أثر في سلوكهم”. وقالت “كانت العدوانية موجودة قبل 10 سنوات و15 سنة، وكانت هذه المشكلة مرتبطة بالضرب خارج المدرسة؛ أي أن هذه العدوانية ليست حديثة. ومن الصعب القول إنها تعاظمت بسبب فترة العزلة الذاتية، مع أن هذه الفترة كانت بالنسبة إلى اللأطفال قاسية، لأنهم لم يتمكنوا من التواصل مع أقرانهم”. وأكدت الخبيرة الروسية على أن المشكلة حاليا لا ترتبط بالعنف النفسي والجسدي فحسب، بل ترتبط أيضا بعدوانية الأطفال التي تظهر في الإنترنت، التي تُنْشَر فيها مقاطع فيديو تحتوي على إهانة وإذلال لأقرانهم في المدرسة، مشيرة إلى أن الإجراءات الجديدة -مثل تعطيل الدراسة- تؤدي إلى اختلال توازن حالة التلاميذ، ما يتطلب العمل معهم بطريقة سليمة. وأضافت موضحة “بالطبع، لديهم اختلال في توازن الطاقة. لكن إذا كانوا منشغلين بالدراسة والشؤون المدرسية الأخرى بشكل كاف، فسيجدون ما يتلهّون به. وطبعا لا يمكن الاستغناء عن بعض العقوبات. وإذا كان المراهقون معزولين، فمن المهم جدا أن يكون لديهم شيء ما يتلهون به. لأنه خلال فترة العزلة حتى وإن لم تكن شاملة، من المهم للغاية صرف طاقتهم في عمل ما كي لا تتحول إلى عدوان”. وشدد تيخوستوف على ضرورة قمع الآباء فورا لأي ظاهرة من ظواهر النزاع وتوضيح ما هو مقبول وما هو غير مقبول للأطفال. لأن الشعور بالإفلات من العقاب يؤدي إلى عواقب وخيمة تظهر في شكل سلوك عدواني في المنزل والمدرسة.
مشاركة :