بعد الدعوة التي وجهتها غرفة التجارة والصناعة بالرياض لمقاطعة المنتجات التركية، ستتعرض تركيا لخسارة ملايين الدولارات من الفرص التجارية، سواء على مستوى الاستيراد أو الاستثمار أو السياحة. وأتت هذه الدعوة للمقاطعة بعد تصريحات مرفوضة وجهها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الى بعض دول الخليج. وفي نبرة حادة، صرح أردوغان في كلمة أمام الجمعية العامة لتركيا قائلاً: «لا ينبغي أن ننسى أن البلدان المعنية لم تكن موجودة بالأمس، وربما لن تكون موجودة غدًا، لكننا سنواصل إبقاء علمنا مرفوعًا في هذه المنطقة إلى الأبد بإذن الله». وأثارت كلماته التي ألقاها ردود فعل عنيفة، حيث دعا رئيس الغرفة التجارية السعودية عجلان العجلان إلى مقاطعة البضائع التركية. كما أعلن عجلان العجلان في منشور له على تويتر: «يجب مقاطعة كل ما هو تركي، سواء على مستوى الاستيراد أو الاستثمار أو السياحة، وهي مسؤولية كل سعودي سواء أكان تاجرًا أم مستهلكًا، وذلك ردًا على العداء المستمر من جانب الحكومة التركية ضد قيادتنا وبلدنا ومواطنينا». وفي حالة تطبيق هذا النهج، فسوف يؤثر ذلك على آلاف المصدرين الأتراك عندما يكون الاقتصاد التركي في حالة يرثى لها. وقد تراجعت الليرة التركية بالفعل، حيث انخفضت إلى مستوى قياسي. وتعد الليرة التركية من أسوأ العملات أداءً في العالم هذا العام، حيث انخفضت بنسبة 22 بالمائة، وذلك وفقًا لرويترز. أدى تأثير فيروس كورونا جنبًا إلى جنب مع أزمة العملة التي بدأت في عام 2018 إلى ركود حاد، مع انخفاض إجمالي احتياطيات النقد الأجنبي في البنك المركزي بنحو النصف هذا العام. في مثل هذا الوضع المحفوف بالمخاطر، لا يستطيع الاقتصاد التركي تحمل مقاطعة جماعية من قبل العالم العربي. حيث بدأت المقاطعة غير الرسمية للمملكة العربية السعودية في الإضرار بالاقتصاد التركي الهش، وبلغت الصادرات التركية في الأشهر السبعة الأولى من العام نحو 90 مليار دولار، بانخفاض 13.7 في المائة عن نفس الفترة من العام الماضي. ومن أكبر نقاط الخلاف بين العالم العربي وتركيا حقيقة محاولة أردوغان، رغم الفشل، في تشكيل تجمع مختلف مع باكستان وماليزيا من شأنه تقويض سلطة منظمة الدول الإسلامية ودول الخليج العربي. حقيقة أن سياسة أردوغان الخارجية معاكسة تمامًا للعالم العربي لم تساعده أيضًا. وينظر الى موقف تركيا من القضايا الجيوسياسية الرئيسة على أنه تهديد للسلام في المنطقة، ولهذا تأتي الدعوات إلى مقاطعة فعالة لكل ما هو تركي. كما وضع انحياز تركيا إلى باكستان علامة استفهام كبيرة على السياسة الخارجية لباكستان. تعمل إسلام أباد على تقويض علاقاتها مع الأصدقاء في منطقة الخليج. حيث أصدر وزير خارجية باكستان شاه محمود قريشي بيانًا حول دور دول الخليج في منظمة المؤتمر الإسلامي مؤخرًا بطريقة حازمة. إن انخراط باكستان المتزايد مع تركيا وماليزيا وإيران ليس في مصلحة الدول العربية، حيث تبذل الدول العربية كل الجهود من أجل السلام والأمن الإقليميين والعالميين. يعتقد المحللون السياسيون أن تركيا، بقيادة أردوغان وباكستان بقيادة عمران خان، تريد استعادة مكانتها التمجيدية الخاطئة. تبرز تركيا وباكستان كقادة جدد للكتلة المعادية للعرب.
مشاركة :