«صفاقس» هي ثاني أكبر مدينة في تونس، وهي مزدحمة ومفعمة بالحركة والحيوية، وكانت وما زالت مكاناً رائعاً لمشاهدة المعالم والغوص في أعماق التراث، حيث تضم مجموعة واسعة من العجائب البديعة، كالمباني الهندسية المعمارية الفريدة، والشواطئ المذهلة، فضلا عن تميزها بميناء البحر الأبيض المتوسط الجميل والعديد من المعالم الساحرة. أصل التّسمية تختلف الرّوايات حول تسمية صفاقس، حيث هناك من ينسبها إلى القائد الأمازيغي «سيفاكس»، وهناك أيضاً من يشير إلى أن تسميتها ناتجة عن أسطورة عربيّة تبرز ما مفاده أن شخصاً اسمه «صفا» طلب منه قصّ شيء ما، فقيل له «يا صفا، قصّ»، فأصبحت التسمية منذ ذاك العهد «صفاقس». ومقابل ذلك يؤكد مؤرخون في الجامعة التونسية ومنهم الدكتور محمد البشيري، أن أصل التّسمية هي أنّ صفاقس كلمة مركّبة من لفظين أمازيغيّين، وتعني لباسا ترتديه المرأة في وسطها لتحصينها، وبهذا المعنى يكون معنى تسمية صفاقس هو «المدينة المحصّنة». وتأسست مدينة صفاقس، سنة 849 ميلادي على أنقاض قريتين رومانيتين قديمتين هما «تبرورة وطينة»، وبحلول القرن العاشر أصبحت صفاقس مدينة، قبل أن تدخل مرحلة الاحتلال في عام 1148 ميلادي في عهد ملك روجر صقلية، لتبقى محتلة إلى أن تم تحريرها من قبل القوى المحلية عام 1156 ميلادي. صناعية وتجارية وتعتبر صفاقس أهم مدينة صناعية وتجارية في تونس، ما جعل الناس يطلقون عليها اسم «العاصمة الاقتصادية» وذلك لما تتميز به من حركة صناعية كبرى، فضلا عن إتقان أهاليها للعديد من الحرف والصناعات التقليدية واليدوية كالبناء والنجارة والحدادة وصناعة الذهب والفضة، وغيرها، إضافة إلى انتشار عديد المصانع المختصّة في الصّناعات الغذائيّة، ومعاصر الزّيت، ومصانع المعجّنات والحلوى بمختلف أنواعها، كما توجد حقول للنّفط والغاز، ومصنع ضخم لتكرير الفوسفات وإنتاج الحامض الفوسفوري، ما جعلها تعج بحركة كثيفة تميزها عن كل المدن التونسية الأخرى. سور صفاقس ويحيط بمدينة صفاقس العتيقة سور يعتبر الأقدم في منطقة المغرب العربي، وكان قد تم بناؤه بين 849 و851 ميلادي، قبل أن يتم تجديده في عهد الأمير أبي إبراهيم أحمد بن الأغلب وذلك وفق هندسة عربية إسلامية، حيث الأسوار العالية الشاهقة التي تحمي من كل الأخطار الخارجية. ويصف الزوار من السياح العرب والأجانب، سور صفاقس، بأنه أحد أجمل الأسوار العربية الإسلامية، من حيث الهندسة والتصميم والبناء، حيث انفرد بالبقاء بشكله وصورته إلى اليوم، بفضل الترميمات العديدة التي حظي بها على مرّ السنين. كما تحيط بجامعها الكبير داخل السور، شبكة من المنازل المشيدة في أزقة ضيقة، داخل بابين رئيسيين هما «باب الجبلي» و«باب الديوان». 12 باباً يؤكد المؤرخون أن مدينة صفاقس بقيت محصنة ببابين هما «الجبلي والديوان»، قبل حلول الاحتلال الفرنسي أواخر القرن التاسع عشر ميلادي، حتى تم فتح أبواب جديدة نتيجة تكاثر السكان وإنشاء أحياء خارج السور، واختيار البعض من الناس الاستقرار وسط البساتين، لتصبح بذلك مدينة صفاقس ذات 12 باباً، ومنها «باب البحر» المفتوح على البحر، و«باب فرنسا» الذي تم فتحه عام 1906 احتفالا بقدوم الوزير الفرنسي «ديلكساي» إلى صفاقس آنذاك، و«باب الغربي» و«باب الجلولي» و«باب برج النار»، و«باب الجديد» أو سيدي الياس، و«الباب الشرقي»، وغيرها من الأبواب التي لها تاريخها والتي تعددت أسباب تسميتها.
مشاركة :