في ركن هادئ داخل متجر صغير في طوكيو ترى روبوتاً يؤدي عمله بإتقان، ينحني ليجلب زجاجة أخرى من أحد المشروبات ثم يرفعها واضعاً إياها على الرف المخصص في وحدة التبريد، ثم يعيد الكَرة، والناس حوله يتحركون. ويبدو كما لو كان عاملاً آلياً مستقلاً شديد الاندماج، لكن الأمر لا يخلو من خدعة. فالروبوت لا يمتلك عقلاً خاصاً به، بينما يتولى عامل بشري التحكم في جميع حركاته عن بُعد، مستخدماً نظارة الواقع الافتراضي التي تجعله يرى الأشياء من زاوية عين الروبوت. وتتولى هذه المهمة شركة «تيلي إكزسزتنس» التي صممت روبوت «موديل تي»، بحيث يتسنى للناس القيام بالأنشطة الحركية داخل المتاجر والأماكن الأخرى من داخل منازلهم. ويعمل هذا الروبوت داخل متجر «فاميلي مارت» في طوكيو، ولن يقتصر عمله على نقل زجاجات المشروبات؛ بل سيصبح قادراً على الإمساك بكرات الأرز وعلب الوجبات الجاهزة والشطائر. وتسمى هذه الفكرة تشغيل الروبوتات عن بعد أو العمل عن بعد، وقد تم تصويرها في أفلام للخيال العلمي مثل Surrogates وSleep Dealer. ومنذ عقود يتم استخدام الروبوتات في إبطال مفعول القنابل عن بعد، غير أن هذا النوع من الأجهزة أصبح يُستخدم في مجالات متنوعة أكثر من أي وقت مضى، من بينها توصيل الطعام إلى المنازل في ظل تفشي فيروس كورونا. ويشير يوشيرو هيكوساكا المدير في شركة «تيلي إكزستنس» إلى أن اليابان في ظل شيخوخة سكانها، تواجه نقصاً في العمالة، لاسيما في الوظائف منخفضة الدخل. ويرى أن هناك إمكانية التغلب على ذلك جزئياً من خلال نشر آلاف الروبوتات في الأماكن التي تتطلب القيام بأنشطة حركية في بعض الأحيان، مع منح الشركات فرصة تشغيل الموظفين عن بُعد للتحكم في الروبوتات حين تقتضي الحاجة. ويشرح قائلاً: «قد تكون في مهمة تتطلب عشر دقائق من العمل، تبدأ العمل في طوكيو لعشر دقائق، ثم تقوم بمهمة أخرى في هوكايدو بعد ذلك». ويرى هيكوساكا أن هذه الفكرة ربما تكون جذابة في الوقت الحالي بشكل خاص؛ لأن الموظفين لن يكونوا مضطرين للعمل عن قرب مع آخرين، مما يقلل خطر الإصابة ب«كوفيد 19» أو نشره. غير أن ثمة عقبات لم تتغلب عليها الشركة بعد، منها أن «موديل تي» لا يتحرك بنفس سرعة عامل السوبرماركت البشري، كما أن نظارة الواقع الافتراضي قد تسبب الدوار والغثيان. ويشير هيكوساكا إلى أن الروبوتات يمكن تزويدها بحساسات للضغط وأجهزة شفط، وسيثبت الوقت ما إذا كانت اليد ذات الأصابع الثلاثة ل«موديل تي» قادرة بشكل كافٍ على القيام بالعمل اليومي في الواقع. كريس بارانيوك - «بي بي سي»
مشاركة :