«إريك فروم».. ثورة على التحليل الفرويدي

  • 10/10/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة: «الخليج» شكل عالم النفس والمفكر إريك فروم (23 مارس 1900 18 مارس 1980) ما يسمى ثورة التحليل النفسي الإنساني، وقد سطعت شهرته بعد إصدار كتابه الشهير «الخوف من الحرية» الذي حاول فيه تفسير ظاهرة الأنظمة الشمولية كالنازية، وكيف يمكن لشعب اشتهر بالفلسفة والثقافة كالشعب الألماني، أن ينخرط في مثل هذا النظام، ومع مرور الوقت سارت مدرسة التحليل النفسي الفرويدية في طريق مسدود، حيث تحولت إلى ما يشبه طائفة دينية ذات معتقدات دوجمائية، لا يمكن الخروج عنها. بدأ فروم في تشكيل قناعاته فرويدياً خالصاً، ثم تطور الأمر بعد ذلك، وكان أكثر ما ميزه هو اطلاعه على النظرية الماركسية وعلم الاجتماع والأديان والأساطير. أدرك فروم أن التحليل النفسي بحاجة إلى جهود فلاسفة آخرين قاموا بنشر أعمال فلسفية عن المجتمع، خصوصاً بعد ما أصبحت جهود فرويد كلها مبنية على الفرد، ومع أنه أخرج إلى النور وجهات نظر شكلت صدمة للمجتمع، فإن خروجه عن الأعراف والتقاليد كان في مساحة معينة لم يستطع تجاوزها، ولم يستطع أن يمتد بالنقد إلى جذور النظام الاجتماعي، فشكلت آراؤه عن الحضارة حتمية غير مبررة بين مجتمع وصل إلى أقصى درجات نضجه، وفي نفس الوقت لا يمكن أن يشبع حاجات الإنسان الغريزية. أدرك فروم أن المشكلة الكبرى في بنية هذا المجتمع ذاته، وأن الأب والأم اللذين يشكلان شخصية الطفل في الأعوام المبكرة طبقاً لفرويد، ما هما إلا نتاج لبنية مجتمعية معينة تجب دراستها ومحاولة تغييرها، ومنذ هذه اللحظة حاول المزج بين الفرويدية والماركسية، وقد أدرك مدى عمق كل منهما، وقصورهما في نفس الوقت. ويشكل فروم أقصى امتداد ممكن للنزعة الإنسانية في الغرب التي حاولت أن تقيم أسساً ومعايير إنسانية يمكن الاستناد إليها لفهم العالم وإقامة فلسفة أخلاقية معيارية، وفي نفس الوقت بدأ الاتجاه المادي يتطور بعيداً عن النزعة الإنسانية حتى وصل إلى فلسفات الحداثة وما بعد الحداثة في التفكيك والبنيوية وغيرها. لقد رفضت الفلسفة المادية في أغلبية توجهاتها أية محاولة لإقامة معايير أخلاقية، وأنكرت وجود طبيعة إنسانية، حدث هذا على التوالي في الفلسفة وعلم النفس وعلم الاجتماع، بينما حاولت النزعة الإنسانية أن تجد سبيلاً للتوفيق بين المادية والإنسانية. استندت محاولة فروم المعيارية في وضع الطبيعة الإنسانية كمطلق يمكن الاستناد إليه في المعرفة والأخلاق. لقد اعتقد إمكانية تمييز ملامح معينة في تلك الطبيعة موجودة في الإنسان في أي زمان ومكان، وأية تغييرات فيها بمثابة انحرافات يحاول الإنسان تجاوزها كلما أمكن، وأكد أن بنية المجتمع هي ما يجب أن يطلق عليها صحيحة أو مريضة، حيث إن طبيعة كل مجتمع تشجع نموذجاً معيناً من الأفراد الذين يقومون بتلبية حاجاته، وقد تكون هذه البنية موافقة للطبيعة الإنسانية أو معارضة لها، ما يسبب مشكلات للفرد الذي يحاول التمرد عليها وتغييرها، أو الخضوع لها مع انحراف حاد في طبيعته. حصل فروم على درجة الدكتوراه عام 1922، وبعدها تدرب على التحليل النفسي في مصحة التحليل النفسي في هايدلبيرج على يد الطبيبة النفسية فريدا رايخمان التي أخذته لمنعطف مهم في حياته العلمية والعملية بتعريفه إلى عالم التحليل النفسي الفرويدي، ثم بدأ تحليلاته السريرية الفعلية عام 1927 وبعدها بثلاثة أعوام التحق بمعهد فرانكفورت للبحوث الاجتماعية، وأتم تدريبه في التحليل النفسي. انتقل فروم إلى جنيف بعد استيلاء النازيين على السلطة في ألمانيا، ومن ثم إلى جامعة كولومبيا في نيويورك، وفي عام 1943 أسهم في تأسيس فرع لمدرسة واشنطن للتحليل النفسي في نيويورك، وانتقل إلى المكسيك عام 1949 وأصبح أستاذاً في الجامعة الوطنية المستقلة، وأنشأ قسماً للتحليل النفسي في كلية الطب هناك، واستمر في عمله حتى تقاعده عام 1965.

مشاركة :