الحكم بسجن الفنان الكويتي خالد الملا سنتين واشتراط دفع كفالة مع تعهده بحسن سيرة وسلوك لسنتين لإيقاف التنفيذ، على خلفية أغنية أداها العام الماضي انتقد فيها الفساد، يعيد الجدل حول “حدود” حرية التعبير في الكويت إلى الواجهة. الكويت- عادت قضية المطرب الكويتي خالد الملا إلى واجهة الجدل من جديد، بعدما قضت محكمة الاستئناف في الكويت بفسخ حكم محكمة الجنايات القاضي بإعلان براءة الملا من تهمة الإساءة إلى القضاء. وقررت محكمة الاستئناف حبس المطرب سنتين مع إمكانية وقف تنفيذ العقوبة لقاء دفعه كفالة ألف دينار كويتي (حوالي 3260 دولارا أميركيا)، مع تعهده بحسن سيرة وسلوك لسنتين أيضا، بسبب كلمات أغنية سياسية تضمنت عبارة “بعض القضاة مخه تنك“. والعام الماضي، فجرت أغنية سياسية أداها الفنان الشعبي الكويتي عبر برنامج ”اللوبي الرمضاني“ الذي تبثه قناة “أي.تي.في” (atv) سجالا عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي. ومزجت كلمات الأغنية الساخرة اللاذعة بنغمات آلة العود، حيث تداول النشطاء مقطع الفيديو بصورة غير مسبوقة، ووصل إلى أعلى نسبة مشاهدة في موقع تويتر. وأثارت الأغنية استياء أصحاب المناصب العليا في البلاد بعد أن تطرقت إلى جوانب الفساد في عدة جهات بينها القضاء، إذ استخدم الملا كلمات ساخرة بينها “دكتور شهادة مزورة.. وبعض القضاة مخه تنك، حرامي عايش حر طليق.. والحر محكور بشبك، غبي خلوه مستشار.. حسباله (يحسب نفسه) هو عالم فلك”. وكانت وزارة الإعلام قد أوقفت في مايو 2019 برنامج “اللوبي الرمضاني”، على خلفية الأغنية، وألقي القبض عليه ومقدم البرنامج أحمد الفضلي على إثرها، ومن ثم أخلي سبيلهما لقاء كفالة شخصية بعد الانتهاء من التحقيق معهما. وعاد هاشتاغ #كلنا_خالد_الملا الذي انتشر عقب تأدية الأغنية وتحرك القضاء ووزارة الإعلام من جديد على مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى هاشتاغ #متضامن_مع_خالد_الملا، للتأكيد على عدم ارتكاب المطرب أي جرم يعاقب عليه القانون، في الوقت الذي رأى فيه البعض أنّ العقوبة قاسية نظرا لسنه (72 عاما). وقال خالد الملا في مقطع فيديو بعد الحكم عليه إنه لم يحدد شخصا بعينه لكن كما يقول المثل الشعبي “اللي على راسه بطحة”. وغرد المحامي والنائب السابق بمجلس الأمة الكويتي عبدالحميد عباس دشتي: وتساءل مغرد: Almutairi90@ على ماذا يدان خالد الملا؟ الرجل لم يخصص ولم يذكر هيئة قضائية بعينها، وإنما قال رأيا صاغه في أغنية تشرح الحالة العامة من وجهة نظره. الإدانة تبنى على الجزم واليقين.. والتجريم وفقا للقواعد يجب أن يكون دقيقا ومنضبطا.. غير ذلك يكون هذا تهديدا لحرية الرأي وتقويضا لأركانها. من جانب آخر، أثار الحكم جدلا حول “حدود” حرية التعبير في الكويت، وأشار مغردون إلى أن “سقف الحريات مرتبط بانفتاح الساحة الإعلامية والفكر في الكويت التي لطالما كانت تفتخر بهذا المكسب”. وها هو هذا المكسب “يشهد تراجعا، بالنظر لما يحدث في الساحة الثقافية والتضييق على حرية التعبير”. ولم تعد “كويت اليوم هي كويت الأمس”، حيث المسرح، والفن، والشعر، والأغاني، والصحافة الجادة، والدوريات الثقافية الرائدة، وحرية التعبير التي ألهمت المبدعين، ووفرت لهم مساحات للفعل الثقافي مدعومين ببرلمان وقانون يحرسهم من مصائد القضايا الكيدية التي عادة ما يتعهّدها حراس الفضيلة والأخلاق، أو يحاصرها المهووسون بالمؤامرات وفق ما يقول معلقون. وتنص المادة الـ36 من دستور الكويت على أن حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وذلك وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون. وكتب حساب: ولا شك أن معدلات الحرية في الكويت لم تكن بمستوى واحد خلال السنين الماضية، فقد شابتها بعض التجاوزات من قبل الحكومات المتعاقبة ما أدى إلى حصول انتقادات واسعة من قبل المجتمع والمنظمات الحقوقية. وفي عام 2018 أظهر مؤشر “حرية الإنسان” العالمي تراجع الحرية الشخصية في الكويت، حيث أحرزت 5.63 نقطة مقارنة بـ5.70 خلال العام الذي سبقه. يستند مؤشر حرية الإنسان على قياس مكونين رئيسيين هما الحرية الشخصية والحرية الاقتصادية، اللذان يتفرعان بدورهما إلى قياس متغيرات عدة منها سيادة القانون، والعدالة الإجرائية، والمدنية والجنائية، والأمن والسلامة، وحرية تحرك المواطنين والأجانب، والحرية الدينية، وحرية إنشاء منظمات المجتمع المدني، وحرية التجمع، ومدى استقلالية المنظمات، وحرية التعبير، وحرية الصحافة، والقوانين التي تؤثر في المحتوى الإعلامي، وحرية الوصول إلى شبكة الإنترنت، والتنظيمات الاقتصادية، وقوة المال. وقال مغرد: Q8_8k@ #متضامن_مع_خالد_الملا، لا لسياسة تكميم الأفواه، لا لحبس الحريات، لا لترهيب الأفراد. وعد آخر أن: faisalalyahya@ المبالغة في تقديس القضاء تعود بالضرر على العدالة وعلى الحقوق والحريات العامة، وعلى المجتمع بالمحصلة النهائية.. وفي كل الأحوال فإن القضاء، شأنه شأن باقي السلطات، يفترض أن يكون خاضعا لرقابة الرأي العام.. #متضامن_مع_خالد_الملا. وقالت معلقة: يذكر أنه مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي كثورة كبرى في العالم، ما أثار حفيظة الحكومات حول ما يكتبه المغردون، كانت الكويت من بين الدول التي سنت قوانين تنظم ذلك، وهو ما عرّضها لانتقادات كبيرة. ورغم أن المجتمع الكويتي يشبه بقية المجتمعات الخليجية في ثقافته وعاداته وتقاليده فإن مستوى الحريات لديه مرتفع عن معظم جيرانه.
مشاركة :