يُجمع المتابعون والمتخصصون أن وزارة التعليم في المملكة تشهد حراكاً ربما يكون غير مسبوق في حجمه ونوعه وتوقيته، فعلى الرغم مما أحدثه وباء كورنا المستجد (كوفيد - 19) من عبء أثقل كاهل الوزارة بدءاً من وزيرها مروراً بكافة المسؤولين، إلاّ أن ذلك لم يمنعها من أن تحث الخطى لتجعل من خطط وتطلعات 2030 واقعاً معاشاً وليس مجرد نظريات، فسعت جادة للنهوض بالعملية التعليمية وتطويرها لتواكب الفورة التي تشهدها بلادنا الغالية في كافة مفاصلها، فجاء قرار وزير التعليم القاضي بالبدء بتعليم اللغة الإنجليزية من الصف الأول الابتدائي بدءاً من العام المقبل 1443هـ، إيمانًا منه بأهمية الإنجليزية كلغة عالمية ومفتاحاً للكثير من العلوم، مدركاً أن اكتساب مهارة اللغة كلما كان في مرحلة مبكرة من النمو كان أسهل، حيث تشير الدراسات أن الأطفال لديهم القدرة على الحفظ والاستماع إلى الحروف والكلمات الجديدة وترديدها. لا بد من إيجاد البيئة الجاذبة لممارسة اللغة مزودةً بأحدث وسائل التقنية تهيئة البيئة وأشاد نايف علي بوخمسين - مشرف تربوي للغة الإنجليزية - بجهود وزارة التعليم لتطوير البنية التحتية وتهيئة البيئة الصفية للمدارس، مستعرضاً ما يراه متطلباً للمرحلة القادمة قبل البدء في تدريس مادة اللغة الإنجليزية من الصف الأول الابتدائي، ومنها: تهيئة البيئة الصفية بما يتناسب مع متطلبات واحتياجات تدريس اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية لخصوصية الفئة العمرية، تكثيف برامج التدريب الموجهة لفئة معلمي اللغة الإنجليزية للمرحلة الابتدائية، وتخصيص معامل للغة الإنجليزية وتزويدها بالأجهزة اللازمة مثل مكبّرات الصوت، و"البروجكترات" لتوفر جو مناسب لتعلم اللغة، خاصةً أن مناهج المرحلة الابتدائية تعتمد بشكل رئيس على الاستماع والوسائل البصرية، متمنياً توظيف معلمين مؤهلين لتدريس اللغة الإنجليزية للمرحلة الابتدائية، وتكثيف برامج التدريب النوعية، وإقامة ورش العمل لتقديم الدعم اللازم للمعلمين، وسعي المعلمين إلى تطوير الذات، واكتساب طرق واستراتيجيات حديثة تتناسب مع هذه الفئة العمرية وتطبيقها داخل الصف من خلال الاطلاع على أساليب التعليم والتقويم الحديثة وتجارب الدول الأخرى الناجحة، مُشدداً على أن على الأسرة غرس الدافعية لدى الأبناء لتعلم اللغة الإنجليزية. خطوة جيدة وأثنى بوخمسين بمرحلية الوزارة لتدريس اللغة الإنجليزية في السنوات الماضية بدءاً من الصف الرابع، واصفاً إياها بالخطوة الجيدة لإعداد الطلاب بالشكل الصحيح، وانعكاسه على مستواهم في المراحل التعليمية اللاحقة لإكسابهم اللغة كوسيلة اتصال، مع حرص الوزارة على الحفاظ على اللغة الأم، لافتاً إلى أن البحوث الحديثة تؤكد قدرة الطلاب في هذا السن المبكر على إتقان أكثر من لغة في آن واحد وأيضاً تعلم أكثر من لغة ينمي لدى الطلاب قدراتهم العقلية والإدراكية التي لها أثرها على المدى البعيد. وذكر محمد الفايز وعلي الحميدي وعلي الفايز - مُعلمون - بعض المعوقات التي قد تواجه معلم اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية، ومنها: معوقات نفسية لدى كثير من الطلاب حيث يتبنى هؤلاء صورة نمطية سلبية عن تعلم اللغة الإنجليزية بأنه يستحيل تعلمها أو التمكن منها، وكذلك ارتفاع عدد الطلاب نسبيًا داخل الفصول في بعض المدارس والذي يحدّ من عطاء المعلم تجاه كل طالب والوقوف على احتياجاته، مُشددين على أهمية تقديم برامج نوعية تهيأ معلمين اللغة الإنجليزية لتدريس طلاب المرحلة الابتدائية. إعداد المُعلم واستعرض خالد البريه - معلم إنجليزي مرحلة ثانوية - جملة من العناصر المساعدة في نجاح تدريس الإنجليزي من المرحلة الابتدائية والتي أجملها في: إعداد المعلم الشغوف المتمكن القادر على التعامل مع هذه المرحلة من العمر، وإيجاد البيئة الجاذبة الملائمة لممارسة اللغة المزودة بأحدث وسائل التقنية المساعدة للطالب والمعلم المهيئة لإقامة البرامج والأنشطة المصاحبة، وكذلك توفير المنهج العصري الذي يعتمد الأساليب التفاعلية الممتعة والشيقة البعيدة عن أسلوب الحفظ والتلقين، حيث يكون منهجاً متلائماً مع المرحلة العمرية ومع ثقافتنا وظروفنا المحيطة وله مساس بحياتنا اليومية، إضافةً إلى ضرورة مشاركة الأسرة في تعزيز ما تعلمه الطالب بالتوجيه والتحفيز والممارسة خارج الصف والاستفادة من الوسائل الإعلامية المفيدة. وأوضح إبراهيم الحريص - معلم إنجليزي - أن نجاح قرار تدريس الإنجليزي من الصف الأول الابتدائي يستند على جملة من العناصر أولها وعي الأسرة، والمنهج القائم على الكيف وليس الكم، ومدى توفر الوسائل الجاذبة، واختيار المعلمين ذوي الخبرة في كيفية التعامل مع الأطفال، مع أهمية الأخذ بعين الاعتبار عدد الطلاب في الصف وعدد الحصص، مُشدداً على أهمية إزالة العقبات التي قد تواجه المعلمين مثل نصابه في الحصص، مُشدداً على أهمية توفير غرفة في المدارس بمسمى نادي اللغة الإنجليزية يحتوي على كل ما هو مفيد ومناسب وجذاب. سنٌ مبكرة وقال محمد الفايز - معلم لغة إنجليزية -: إن تعلم الإنجليزية من السن المبكر يتطلب جهداً مضاعفاً لكون الطالب يتعلم لغتين في آنٍ معاً، مُشدداً على أهمية ألاّ يزيد عدد الطلاب في الصف الأول الابتدائي على عشرين طالباً في الفصل ليتيح ذلك فرصة التعلم أفضل، مع ضرورة أن يكون المنهج سهلاً، متمنياً أن تبدأ مرحلة التأهيل والتأسيس لتدريس الإنجليزية من قبل المرحلة الابتدائية، أي في الروضة عبر تعلم الحروف الإنجليزية والكلمات البسيطة كأسماء الحيوانات وأعضاء الجسم والأرقام، لافتاً إلى أن الطالب بحاجة إلى سعة الصدر والصبر من الجميع لتكون المخرجات جيدة، وأن بعض الطلاب يعانون في السن المبكرة من فرط الحركة مما يتسبب في تشتت ذهنه وزملائه، معتبراً أن تدريس اللغة الإنجليزية من الصف الرابع حقق الكثير من الأهداف وأبرزها اتقان البعض للمهارات الأساسية، وتعلمهم القراءة والكتابة نسبياً، وتفاعل طلاب المرحلة المتوسطة مع الدروس التي تعلموها في الابتدائي. مشكلات فنية ولفت علي الحميدي نظر الأسرة إلى أن تعلم اللغة الإنجليزية للأطفال منذ الصغر له آثار إيجابية ومنها أنها توسع مدارك الطفل وترفع درجة استيعابه، وتزيد من قدرة عقله على التخزين، مُرجعاً ضعف تحصيل مادة اللغة الإنجليزية لدى معظم طلابنا إلى ضعف المنهج الدراسي من جانب، ومن جانب آخر إلى تقليدية التدريس لدى بعض المعلمين وعدم اتباعهم للاستراتيجيات الحديثة في التعلم، وكذلك صعوبات تتعلق بالمعلم حيث يفتقر للأساليب والطرق الحديثة في التدريس وعدم معرفته باستخدام التقنيات الحديثة، مما يجعل منه معلماً محصوراً في زاوية الأساليب التعليمية القديمة التي لا تخدم الأهداف العامة للعملية التعليمية، وأشار إلى وجود مشاكل فنية ومنها عدد الحصص الأسبوعية المخصصة لتدريس اللغة الإنجليزية في مدارسنا والمحصور بحصتين في الأسبوع معتبراً إياها بغير الكافية، وفي جانب آخر كثرة الحصص التي تعطى للمعلم مع عدم مراعاة لوضعة الصحي أو سنوات الخدمة مما يؤدي إلى إرهاقه وفقدانه القدرة على العطاء، ذاكراً أن مقومات نجاح تدريس اللغة الإنجليزية للمراحل الأولية تعتمد على استخدام طريقة التعليم باللّعب عبر استخدام الفيديوهات والأفلام التعليمية المشوقة، والقصص والأناشيد وغيرها، مع الحاجة الماسّة لإيجاد معامل خاصّة تتناسب مع طبيعة المادة والمرحلة العمرية للطالب. معامل متكاملة ورأى علي الفايز - معلم إنجليزي - أن نجاح القرار يكمن في المنهج المناسب، والمعلم، والبيئة التعليمية المحفزة، وشراكة أولياء الأمور مع المدرسة، مُنبهاً إلى أن مهارة الاستماع هي أول مهارة يجب التركيز عليها في تعلم أي لغة لذلك يتطلب وجود معامل متكاملة للغة، مُقدماً مقترحاً بضرورة تنفيذ دراسة احترافية، ولقاءات تشاورية تشخيصية يشترك فيها الوزارة ومعلمي اللغة الإنجليزية بمشاركة أولياء الأمور وذلك بهدف رصد المقترحات التطويرية، وتذليل الصعوبات موقع التحدي. واستعرض شبّر الحبيب - معلم إنجليزي ومتعاون مع أحد المعاهد في بريطانيا - تجربة المعاهد في بريطانيا لتدريس اللغة الإنجليزية، مبيناً أنها تعتمد على اكتساب مهارتي الاستماع والمحادثة، وأن الاستراتيجية المستخدمة لتطوير هاتين المهارتين في الفصل عبر التعلم مع الزملاء، حيث يتناقشون فيما بينهم والمعلم دوره يستمع للطلاب ويقوم بتصحيح الأخطاء، ولتطوير مهارة الاستماع يقومون بتحفيظ الأناشيد الإنجليزية للطلاب الصغار لممارسة مهارة التحدث والاستماع وينمي المفردات اللغوية للطلاب، كما أن المعاهد هناك يشركون الطالب بالمجتمع الخارجي بعمل نشاط خارجي يتعلق بموضوع قاعدة معينه في اللغة الإنجليزية، وتوجيه بعض الأسئلة لهم بهدف تطوير مهارات الطلاب في التحدث والاستماع وممارسة اللغة. توفير التجهيزات المدرسية مطلب لنجاح تدريس الإنجليزية نايف علي بوخمسين خالد البريه إبراهيم الحريص محمد الفايز شبّر الحبيب علي الفايز علي الحميدي
مشاركة :