تكنولوجيات: البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي

  • 10/11/2020
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

«البيانات الضخمة» هي محور الكثير من المناقشات التي ترى أنها بمنزلة «النفط الجديد»، وقد يجادل البعض بأن تلك البيانات تتحول تدريجيًا إلى أحد الموارد التي قد تتسبب في نشوب الحروب في المستقبل، وعلى العكس، قد يرى البعض أنها لا تساوي شيئًا مقارنةً بالنفط.. ومهما كان الموقف من تلك البيانات من الواضح أنها أصبحت من الركائز الاستراتيجية التي لن يتردد الكثير من الدول الفاعلة في دخول الحروب من أجلها.كان إعلان الرئيس الروسي بوتين في عام 2017 تأكيدًا لتلك الفكرة، فعند الحديث عن الذكاء الاصطناعي قال بوتين: «الرائد في هذا المجال هو من سيحكم العالم». ولكن «أنظمة الذكاء الاصطناعي المتميزة تحتاج إلى البيانات»، وبالفعل يعتمد الذكاء الاصطناعي على البيانات الهائلة وخاصةً في مجال التعلم العميق، ويتضح بالتالي أنها ميزة هائلة لمن يحصل عليها، فمن يرغب في حكم العالم يجب أن يحرص أولاً على الحصول على أكبر قدرٍ ممكنٍ من البيانات لتغذية أنظمة الذكاء الاصطناعي. الأهمية الاستراتيجية للبيانات الضخمةتدرك الولايات المتحدة والصين بالفعل الأهمية الاستراتيجية للتدفق الهائل للبيانات، ويرجع ذلك على وجه الخصوص إلى الحرب الدائرة بينهما للوصول إلى الريادة أو الحفاظ عليها في مجال الذكاء الاصطناعي.والواقع هو أن الذكاء الاصطناعي من الأسواق الواعدة جدًا التي تحرص جميع الدول على الفوز بها، فهو يؤثر في جميع مناحي حياتنا، وهو تأثير متزايد يخلق فرصًا جديدة في مجالات التوظيف والبحث والتطوير والتعليم والصحة والنقل والدفاع والمالية والاتصالات، بل حتى في مجالات الزراعة والأغذية وغيرها الكثير، فأنظمة الذكاء الاصطناعي موجودة بالفعل وتستخدم التدفقات الهائلة للبيانات من أجل التعلم والتحسن.«تتضاعف كميات البيانات التي ننتجها سنويًا، (...) في كل دقيقة هناك مئات الآلاف من عمليات البحث على محرك جوجل ومنشورات الفيسبوك، وهذه البيانات تحتوي على معلومات تفضح أفكارنا ومشاعرنا، (…).»إنها حقيقة يجب تقبلها والتكيف معها، وللصين ميزة عن غيرها، فعدد السكان الهائل الذي يبلغ 1.4 مليار نسمة، بالإضافة إلى عدد مستخدمي الإنترنت الذي يبلغ 730 مليون نسمة يجعل لديها وفرة من المعلومات. ويتضح من ذلك أن البيانات هي موارد الجيل القادم، ولا يمكن أن تسمح الدول لنفسها بتجاهل تلك الموارد، بل من المؤكد أنها ستتصارع فيما بينها من أجل تلك البيانات.والدول الفاعلة ليست هي الوحيدة المعنية بالبيانات الضخمة، فالكثير من الشركات والجهات الخاصة الفاعلة تسعى للحصول على المزيد والمزيد من البيانات، سواء كان ذلك لزيادة مبيعاتها بتحسين استراتيجيات التسويق، لتحديد الجمهور المستهدف على وجه الخصوص، أو لعرض المنتجات الجديدة المخصصة لتناسب احتياجات المستهلكين تحديدًا، ومن البيانات الضخمة تأتي الثروات الطائلة، ما يجعل البيانات من الموارد العالية القيمة والربحية.«أساليب الذكاء الاصطناعي مثل تعلم الآلة تحقق قيمة أعلى للبيانات، فيمكن للخوارزميات التنبؤ بالأوقات المناسبة للشراء بالنسبة للمستهلكين، أو حاجة المحركات النفاثة إلى الخدمة، أو تعرض الأشخاص لخطر المرض، وأصبحت الشركات الصناعية الضخمة مثل جنرال إلكتريك وسيمنس تقدم نفسها الآن بوصفها شركات بيانات».وهكذا تتفوق البيانات على النفط في القيمة الاستراتيجية في بعض القطاعات، وهي ليست فقط من الأصول التي تتسابق الشركات للاستحواذ عليها، بل أصبحت كذلك من المنتجات التي تحقق ربحية عالية من بيعها.

مشاركة :