التحدي سر تألق "ضحايا التغيير" مع بداية الموسم الجديد | | صحيفة العرب

  • 10/11/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

رفع العديد من النجوم الذين يعتبرون، إن صحّ التعبير، من “ضحايا التغيير” أو القرارات الثورية التي اتخذتها بعض الأندية الأوروبية الكبرى لتجديد رصيدها البشري مع انطلاق الموسم الكروي، شعار التحدي واستطاعوا أن يظهروا بصورة مغايرة عن تلك التي عرفت عنهم، في تأكيد منهم على أن تغيير المكان لن يكون عائقا أمام قدرتهم على ترك بصمة قوية طالما لا يزالون قادرين على العطاء. لندن – تحت عناوين مختلفة لانتقال بعض نجوم كرة القدم إلى مختلف الدوريات الكبرى أوروبيا في اللحظات الأخيرة من الميركاتو الصيفي، منهم من كان طوعيا ومنهم من انتهى عقده ومنهم من كان مضطرا إلى المغادرة، تجسّدت ملحمة كل هؤلاء مع بداية الموسم الجديد وبألوان مختلفة عن تلك التي تعودوا كل عام على ارتدائها، في إشارة منهم إلى رفع التحدي والردّ على كل المشككين في قدراتهم. وتطرح البداية القوية لعدة نجوم غادروا أنديتهم خلال الميركاتو الصيفي الحالي على مضض العديد من الأسئلة وتُلزم المحللين بفك ألغاز محيرة وأسئلة كثيرة تتردّد عن أسباب تفريط هذا النادي أو ذاك في أحد نجومه رغم أن عقده لا يزال ساريا، حتى أن هناك بعض الأندية من تكفل بتسديد الشرط الجزائي للاعب للتخلص منه في أسرع وقت وقبل غلق سوق الانتقالات الاثنين الماضي. ولا يقتصر الأمر على لاعب أو اثنين، حيث أن هذه الظاهرة لاحت بوضوح في أكثر من نادٍ أوروبي خلال هذا الموسم الاستثنائي في ظل الضغوط التي يفرضها تفشي فايروس كورونا المستجد وتأثيراته الكبيرة على رياضة كرة القدم والموارد المالية للأندية. ودفعت العديد من الأندية غاليا فاتورة وقف النشاط، لجهة الارتباك الذي ضرب أجهزتها الفنية على غرار برشلونة الإسباني ويوفنتوس الإيطالي مع نهاية الموسم الماضي وكانت ارتداداته كبيرة على وضعية بعض اللاعبين أو أيضا محاولات التجديد التي طالت العديد من الأندية التي عرفت موسما مخيّبا وتطمح إلى ضخ دماء جديدة، ما انعكس على بعض اللاعبين الذين طالتهم مقصلة التغيير. ويتجسد المثال بوضوح مع الدولي الأوروغوياني لويس سواريز الذي غادر فريقه السابق برشلونة مرغما، بعد قرار المدير الفني الجديد الهولندي رونالد كومان الاستغناء عن خدماته. ولا يقتصر الأمر على سواريز فقط بالنسبة إلى فريق مثل برشلونة بل إنه يشمل أيضا أرتورو فيدال المنتقل حديثا إلى إنتر ميلان الإيطالي وإيفان راكيتيتش الذي اختار الانضمام إلى إشبيلية الإسباني. هذا على مستوى فريق برشلونة، لكن الأسماء عديدة إذا ما تركز التحليل على بعض الوجوه المعارة أو التي وقع التفويت فيها بصفة اضطرارية، على غرار الويلزي غاريث بايل الذي عاد إلى فريقه السابق توتنهام بنظام الإعارة أو الكولومبي جيمس رودريغيز المنتقل إلى الدوري الممتاز من بوابة إيفرتون الإنجليزي. بداية غير متوقعة لم يسبق للمهاجم الأوروغوياني سواريز أن ظهر في انطلاقاته في السابق مثلما فعل مع فريقه الجديد أتلتيكو مدريد بعدما وقع على هدفين وصنع ثالثا خلال الفوز على غرناطة (6 – 1) في الجولة الثالثة من الدوري الإسباني. وبحسب إحصائيات أوردتها مواقع إخبارية متابعة لسوق انتقالات اللاعبين، فقد سجل سواريز ثالث أفضل انطلاقة له مع أتلتيكو في تاريخه بالدوري الإسباني والأفضل له على الإطلاق منذ عام 1955. وتألق سواريز مع أتلتيكو في أول ظهور له، وهو ما لم يحدث في السابق، مع أي من الفرق الأربعة التي انضم إليها، سواء غرونينغين الهولنـــدي (2006–2007) أو مواطنه أياكس أمستردام (من 2007–2008 إلى 2010–2011) أو كذلك ليفربول الإنجــليزي (2011–2012 إلى 2013–2014) أو حتى مع برشلــــونة (2014–2015 حتى 2020). وتشير بعض الإحصائيات إلى أنه مع النادي الأول تأخر سواريز في التسجيل لستة لقاءات حتى أكتوبر 2016، ومع الثاني نجح في ذلك خلال المباراة الثانية في أغسطس 2007. أما في صفوف الثالث، فتمكن من التسجيل في خامس مباراة معه خلال مارس 2011، ومع الأخير برشلونة أحرز هدفه الأول في المباراة السادسة من المنافسات الرسمية. البداية المثالية لسواريز مع أتلتيكو لم تحدث مع أي من الفرق الأربعة التي انضم إليها، سواء غرونينغين أو أياكس أو كذلك ليفربول أو حتى مع برشلونة والآن حقق سواريز رقما شخصيا بالتسجيل من المباراة الأولى له مع أتلتيكو وفعل ذلك بالتوقيع على هدفين وليس هدفا واحدا. وتعد هذه ثاني أفضل بداية لموسم في مسيرته، بشكل عام، بعد تسجيله ثلاثية خلال انتصار برشلونة في مستهل الليغا على ريال بيتيس (6–2) موسم 2016–2017. كما كانت هذه ثالث أفضل انطلاقة للروخي بلانكوس في تاريخه بالدوري الإسباني. وهي الأفضل على الإطلاق منذ 65 عاما، وبالتحديد منذ 11 سبتمبر 1955، عندما تغلب أتلتيكو بقيادة أنطونيو باريوس على إيركوليس (9 – 0) على ملعب النادي القديم. ووفقا للإحصاءات الرسمية للمؤسسة المدريدية، تليها المواجهة مع سيلتا فيغو التي انتهت بسباعية نظيفة في مستهل موسم (1943–1944). والأكيد أن وراء هذه البداية القوية شيئا ما يخفيه النجم الأوروغوياني الذي لا يستطيع أحد التشكيك في قدراته منذ وطأت قدماه برشلونة وشكّل برفقة ليونيل ميسي ونيمار عندما كان في برشلونة ثلاثي الرعب في خط الهجوم الذي لم يتراجع مستواه إلا الموسم الماضي. ربما أراد سواريز الرد على المشككين في قدراته وأولهم المدرب الحالي لبرشلونة رونالد كومان وتصحيح رؤيته للأمور وبأن القرار الذي اتخذه بحقه لم يكن منصفا. ولم يفوّت اللاعب الواعد الذي غادر باكيا آخر تدريباته مع برشلونة فرصة الانتقال إلى الجار الغريم ليظل شوكة ربما في خاصرة كومان وإدارة الفريق الكتالوني التي وافقت على مغادرته. وكشف سواريز عن سبب اختياره الانضمام إلى أتلتيكو مدريد بعد رحيله عن برشلونة. وفي مقابلة مع الموقع الرسمي للنادي المدريدي أفصح سواريز عن سبب اختياره الانضمام إلى أتلتيكو، قائلا “أتلتيكو ناد عظيم، ويضم لاعبين مميزين ورغبة كبيرة في القتال على القمة، بالإضافة إلى مدرب رائع مثل دييغو سيميوني”. وأضاف “لا يمكن أن يفشل سيميوني وهذا الكمّ من المشجعين الودودين في ظهره”. لكن البروتوكولات الرسمية لا تنفي النزعة الداخلية التي تراود الأوروغوياني ولا يمكنها أن تضمّد جراحه الغائرة التي خلفها رحيله عن برشلونة بتلك الكيفية، لكنه يدرك في قرارة نفسه أن الأمر متروك للأيام وللميدان أيضا. ويمكن للمتابعين لأجواء الدوري الإسباني أن ينتظروا “مولودا جديدا” شبيها بكلاسيكو العادة بين برشلونة وريال مدريد إلى آخر ربما يكون أكثر منه زخما بين أتلتيكو وبرشلونة. وسيقف سواريز على الطرف المقابل وسيظهر بأكثر حماسة في كل اللقاءات التي ينتظر أن يخوضها أتلتيكو أمام البارسا. أبرز سيميوني في أول مؤتمر صحافي يقدمه بعد تعافيه من فايروس كورونا المستجد أن سواريز الوافد حديثا من برشلونة سيمنح فريقه “قوة هجومية”. وقال المدرب الأرجنتيني عن لاعبه الجديد “نتمنى أنه مع وصول سواريز، في وجود دييغو كوستا بالإضافة إلى تطور جواو فيليكس، إلى جانب كاراسكو وكوريا وفيتولو وليمار، سيسمح لنا ذلك بالتحسن وتحقيق أمور أكثر من الموسم الماضي”. وأضاف “وصول سواريز يدعونا إلى مواصلة التطور كناد وكفريق، وجوده سيمنحنا تنافسية داخلية، وفوق كل شيء، سيمنحنا قوة هجومية بالنظر إلى سجله التاريخي الذي نأمل أن يتمكن من مواصلة كتابة صفحاته هنا”. وعن محادثاته مع لويس سواريز خلال عملية انتقاله من برشلونة لأتلتيكو، قال سيميوني “لقد كان مقتنعا منذ اللحظة الأولى أن هذا هو المكان المناسب للاستمرار في أن يكون لاعبا فاعلا ولإظهار أنه لا يزال مهاجما مهما”. وواصل “سواريز هو مرجع مهم للفريق.. بالنظر إلى الفرصة والاحتمال لرحيل ألفارو موراتا إلى يوفنتوس، أدركنا أن أفضل طريقة لمواصلة محاولة التحسن هي البحث عن شخص يمكنه تجاوز حصيلة أهداف الموسم الماضي”. وسبق لمدرب أتلتيكو أن حاول استقدام المهاجم الأوروغوياني حين كان لاعبا في ليفربول قبل أن يذهب أخيرا للبارسا. وتذكر سيميوني “لقد اختار وقتها طريقا آخر. هذه السنوات الست كانت ناجحة ورائعة وقدم خلالها كرة قدم مدهشة”. وأبدا لا يمكن أن يكون لويس سواريز وحده المطالب بفرض نفسه منذ بداية الموسم، فالأمر ينسحب أيضا على لاعب الغريم التقليدي ريال مدريد الويلزي غاريث بايل الذي انتقل معارا إلى توتنهام الإنجليزي وأيضا جيمس رودريغيز المنتقل إلى إيفرتون الإنجليزي. وأمضى رودريغيز على أوراق اعتماده منذ اللقاء الأول له مع الفريق الأزرق الذي كان الموسم الماضي مفاجأة الدوري الممتاز، ويواصل هذا الموسم أيضا تقديم المفاجآت بحلوله متصدرا للبريميرليغ برصيد 12 نقطة وذلك بعد سقوط ليستر وخسارة ليفربول المذلة أمام أستون فيلا 2–7 في الجولة الرابعة. وأشاد كارلو أنشيلوتي المدير الفني لإيفرتون بأداء لاعبيه وتحديدا الكولومبي رودريغيز. وقال أنشيلوتي “أنا سعيد حقا لجيمس، هو يلعب في بلد جديد ودوري جديد، الأمر ليس سهلا، لكنه جعله سهلا لأنه يتمتع بجودة عالية، هو لاعب رائع”. وضعيات مشابهة لكن وضعية جيمس لن تكون أبدا مماثلة سواء لسواريز أو غاريث بايل، فقد مرّ الكولومبي بتجربة متذبذبة منذ قدومه إلى ريال مدريد في 2014 قادما من موناكو الفرنسي وغادر الفريق في 2017 معارا إلى بايرن ميونخ لموسمين، إضافة إلى كونه لم يخض العديد من اللقاءات كأساسي طوال الفترة التي قضاها تحت إشراف المدير الفني الفرنسي زين الدين زيدان. ما يسجله المتابعون لمسيرة هؤلاء اللاعبين الذين دونوا أسماءهم في سجلات الأندية الكبرى سواء بحصولهم على ألقاب فردية كبيرة، كجائزة أفضل لاعب أو برفقة الأندية التي ينشطون معها، أن الذاكرة القصيرة تحفظ لهؤلاء على أقله معاملة مشرفة لا أن يتم التشكيك في قدراتهم وإخراجهم صاغرين بعد عطاء طويل. المثال يتجسد بوضوح مع حالة بايل الذي مرّ بفترات عصيبة داخل الريال في الفترات الأخيرة، وحارب طويلا للهروب من “جحيم” زيدان، لكن المقابل المادي لهذا النجم حال دون مغادرته للملكي في الموسم الماضي، ليفتح له الباب هذا الموسم للرحيل معارا إلى فريقه السابق توتنهام. وعلى غرار بايل الذي لم يساعد المقابل المادي المرتفع في بيعه، لم يجد الفرنسي بول بوغبا لاعب مانشستر يونايتد من بدّ سوى التأقلم مع فريقه الحالي رغم ارتباطه وتعبيره عن رغبته صراحة الموسم الماضي بأنه يتطلع إلى خوض تجربة جديدة خصوصا أن أكثر من نادٍ أوروبي يخطب وده أولها الريال ويوفنتوس. وأكد جوزيه مورينيو مدرب توتنهام سعادة بايل في فريقه بعد الرحيل عن ريال مدريد الإسباني، متوقعا أن يقدم أفضل أداء لديه بعد تعافيه من إصابته. وقال مورينيو “سعادته واضحة. إنه أمر يسهل رؤيته. إنه سعيد جدا. السعادة هي أهم شيء في الحياة وكرة القدم”. وأبدى المدرب البرتغالي ثقته في أن بايل لن يلعب لموسم واحد فقط معارا من ريال مدريد، وقال “لم أتحدث مع زيدان (مدرب الريال)، لكن أعتقد أنه سعيد برحيله. نحن سعداء بوجوده وأتمنى أن نصبح كلنا سعداء ويستمر معنا”. وحتما فإن بايل ينتظر دوره هو الآخر للبروز وتقديم الإضافة مع توتنهام، والأهم من ذلك استعادة هيبته التي لن تكون إلا بترك بصمة قوية أمام زيدان.

مشاركة :