إسبانيا تحتفل بعيدها الوطني.. ذكرى وصول كريستوفر كولومبوس إلى العالم الجديد المثيرة للجدل

  • 10/12/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

احتفل الإسبان اليوم، 12 أكتوبر، بتواضع بالذكرى السنوية لوصول البحار، البندقي الإيطالي الأصل، كريستوفر كولومبوس إلى القارة الأمريكية في عام 1492. يأتي الاحتفال في إسبانيا هذا العام بهذه الذكرى، التي تعد بمثابة العيد الوطني لهذا البلد، في ظرف تفشي وباء كورونا وتدابير الإغلاق الوقائية الصارمة وتداعياتها الاقتصادية الكارثية التي أدت إلى تنظيم الاحتفال في حد أدنى، على غير العادة، في القصر الملكي وسط أجواء سياسية مشحونة. الأسرة الملكية اليوم في إسبانيا EUROPA PRESS لكن المشكلة في هذا العيد تكمن في كونه لم يعد رمز وحدة الإسبان مثلما كان منذ إقراره عام 1892، بل أصبح مفرقا لهم على غرار العيد السنوي لذكرى تسليم مفاتيح مملكة غرناطة الإسلامية في 2 يناير 1492 وانهيار حكم المسلمين في شبه الجزيرة الإيبيرية. ويعود سبب هذه الفرقة إلى الانقسام بين مَن يرى في ما يسمى بـ "اكتشاف" كولومبوس لـ "العالم الجديد"، الذي كان جديدا على جاهلي وجوده وليس على سكانه وشعوب أخرى وصلت إليه قبل 1492 حسب تأكيدات علمية جدية، وبين من يعتبره جريمة إنسانية تاريخية قامت على سرقة ونهب بلدان الغير وإبادة أهاليها. In 2020, at least 33 Christopher Columbus statues have been taken down or are in the process of being removed from US. ✊🏽✊🏽✊🏽 #ColumbusDaypic.twitter.com/64H6YBPiy3— Nathália Urban (@UrbanNathalia) October 12, 2020 وإذا كان القوميون الإسبان في اليمين واليمين المتطرف يدافعون بشراسة عن هذه الذكرى معتبرين إياها مجدا تاريخيا إسبانيا، يوجد أيضا من بين الإسبان، لاسيما في الأوساط اليسارية والطائفة المسلمة من يدعو إلى إعادة النظر في الاحتفال بهذه الذكرى السنوية لجوانبها المظلمة وغير المحترمة لمشاعر ضحايا "اكتشافات" كولومبوس. ويعتمد الطرف الأخير على التاريخ الموثق الذي يؤكد إبادة عشرات الملايين ممن أسماهم كولومبوس "الهنود الحمر"، لاعتقاده أن هذه الأرض هي الهند، وتدميره ومن جاؤوا بعده من إسبانيا الاستعمارية لأمم وحضارات وثقافات ونهب مواردها والذي ما زالت تداعياته حاضرة إلى اليوم في أمريكا اللاتينية وحتى في إسبانيا. يذكر هذا الطرف أيضا، لاسيما النشطاء من معتنقي الديانة الإسلامية الإسبان والمنحدرين من البلدان الإسلامية، بالاضطهاد الذي مارسته الدولة الإسبانية ضد الأندلسيين وأحفادهم في خضم هذه الأحداث، بما فيه النفي إلى "العالم الجديد" وملاحقة من ثبتت عليه ممارسة الشعائر والطقوس وحتى التقاليد الاجتماعية الإسلامية والتحدث باللغة العربية بالقتل والحرق والسجن والغرامات والفصل بين أفراد الأسرة والبيع في أسواق النخاسة. وهو ما تؤكده الدراسات الإيبيرية/الموريسكية الحديثة، بما في ذلك في دول أمريكا الجنوبية. وقد سبق للرئيس التركي رجب طيب إردوغان عند زيارته أمريكا الجنوبية قبل سنوات أن أثار جدلا سياسيا وتاريخيا دوليا كبيرا بتصريحات تصب في هذا الاتجاه وتنسجم مع البحوث التاريخية المتخصصة الحديثة.   Columbus didn’t discover America. He invaded, pillaged, & looted us. We live on stolen land & that’s nothing to celebrate. I’m calling for Columbus Day to be renamed Indigenous Peoples Day. We wouldn’t be the first to do so & it’s the right thing to do. https://t.co/i6gdmer7zl— Jessica Ramos (@jessicaramos) October 9, 2020 التيار المناهض للاحتفال بذكرى "اكتشاف" "العالم الجديد" من طرف كولومبوس كعيد وطني في إسبانيا يتعاظم عدد أنصاره عاما بعد الآخر، مما أسهم في إفساد الطعم الرمزي لهذا العيد الذي ما بقي رمز الوحدة الإسبانية مثلما كان. وزاد المشكلة تعقيدا تعالي أصوات تطالب إسبانيا بالاعتذار من أحفاد مسلمي الأندلس وأحفاد شعوب أمريكا اللاتينية على ما تم اقترافه من جرائم في حقهم مثيرة بعض الحرج في مدريد.  في هذا السياق، طالب رئيس المكسيك أندريس مانويل لوبيز أوبرادور الفاتيكان، المسؤول عن توفير الغطاء الديني لإبادة أهالي قارة أمريكا ابتداء من نهاية القرن 15، وكذلك إسبانيا، بالاعتذار لشعوب "العالم الجديد" عما وصفه بـ "الفظائع الأكثر خزيا" التي ارتكبت خلال الغزو الإسباني في 1521. وذلك في رسالة رسمية وجهها إلى البابا فرنسيس وتداولتها مواقع التواصل الاجتماعي السبت الماضي. وسبق للرئيس المكسيكي أن طالب بالاعتذار في ربيع العام الماضي متسببا في جدل قوي. واكتفت مدريد حينها برد فاتر قائلة "وصول الإسبان قبل 500 عام إلى الأراضي المكسيكية الحالية لا يمكن الحكم عليه من خلال اعتبارات معاصرة"، فيما اعتبر اليمين الإسباني طلب الرئيس المكسيكي "إهانة حقيقية لإسبانيا وتاريخها". وما يطالب به رئيس المكسيك ليست مجرد أفكار شخصية، بل تشهد رقعة هذه النظرة توسعا متزايدا في أوساط النخب السياسية والثقافية والشعبية في دول أمريكا اللاتينية، وأصبحت كثيرة التردد على ألسنة رموزها مثلما فعل الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز وآخرون. تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة التي تحتفل بذكرى "يوم كولومبوس" سنويا لم تعد تفعل بحرية واطمئنان مثلما سبق، لأن دعاة التخلي عن هذا العيد في تزايد مستمر وأصواتهم ترتفع مستنكرة يوما بعد يوم.   المصدر: RT/وسائل إعلام إسبانية وأمريكية شمالية وجنوبية.تابعوا RT على

مشاركة :