تعمل الولايات المتحدة وتركيا على بناء تحالف مصالح بينهما للتعامل مع النزاع في سوريا والتعاون لإقامة منطقة خالية من تنظيم داعش، على الرغم من الخلافات بينهما في السياسة الواجب اعتمادها حيال المقاتلين الأكراد. لكن محللين يعتبرون أن هذا التحالف محفوف بتناقضات محتملة نابعة بشكل رئيسي من تركيز تركيا على استهداف الأكراد وامتناع واشنطن عن التحالف مع الكتائب الإسلامية على الأرض. ويقول المحلل في مركز بروكينغز للأبحاث في الدوحة تشارلز ليستر لا يزال حزب العمال الكردستاني والأكراد القضية الأساسية بالنسبة إلى تركيا أكثر من تنظيم داعش. وأثبتت الوحدات الكردية التي طردت تنظيم داعش من مدينة كوباني (عين العرب) في يناير/كانون الثاني أنها القوة الأكثر فاعلية في التصدي للتنظيم الإرهابي وباتت حليفاً رئيسياً للائتلاف الدولي. ويقول هنري باركي، مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز ودرو ويلسون الدولي للأبحاث في واشنطن، تلك العلاقة العميقة بين الولايات المتحدة ومجموعة كردية تسعى في نهاية المطاف إلى إقامة حكم ذاتي في سوريا تخيف تركيا بالفعل. ولعل أسوأ كوابيس أنقرة هو قيام منطقة ذات حكم ذاتي كردي في سوريا يسميها الأكراد روج آفا أي غرب كردستان بالكردية، شبيهة بإقليم كردستان في شمالي العراق. وتخشى أن يغذي ذلك مجدداً الطموحات الانفصالية لدى أكراد تركيا. وغضت الولايات المتحدة من جهتها نظرها عن التركيز التركي على الأكراد، واصفة أنقرة بأنها شريك أساسي في الحرب ضد تنظيم داعش. واعتبرت أن لديها الحق في الدفاع عن نفسها ضد حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه واشنطن كمنظمة إرهابية. وينص أبرز بنود الاتفاق التركي الأمريكي الجديد على إنشاء منطقة خالية من تنظيم داعش تأمل أنقرة أن تكون آمنة كفاية بما يسمح بعودة نحو 1.8 مليون لاجئ سوري تستضيفهم على أراضيها إلى بلادهم لتخفيف العبء المتزايد. لكن الأكثر أهمية بالنسبة إلى أنقرة هو أن هذه المنطقة الخالية ستحول دون تحقيق الطموحات الكردية بالسيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي السورية على الحدود التركية، تمتد من شمال العراق حتى البحر الأبيض المتوسط. ووفق تقارير صحفية، فإن المنطقة الآمنة المقترحة ستمتد لنحو مئة كم على طول الحدود السورية التركية من مدينة جرابلس على نهر الفرات شرقاً إلى مدينة اعزاز غرباً. ويرى الباحث في مجلس العلاقات الدولية ستيفن كوك أن سعي أنقرة لإقامة منطقة آمنة في شمال سوريا يبدو متعمداً للتأكد من عدم قدرة أكراد سوريا على استثمار مكاسبهم الميدانية في المعارك ضد تنظيم داعش لإقامة حكم ذاتي. ويبقى من غير الواضح كيف سيصار إلى إقامة المنطقة الآمنة على الأرض وهوية القوات التي سيعتمد عليها داخل سوريا لضمان أمن هذه المنطقة وطرد تنظيم داعش منها. (أ.ف.ب)
مشاركة :