إعداد: أحمد البشير أعاد دخول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى مستشفى «والتر ريد» العسكري جراء إصابته بفيروس «كورونا» إلى واجهة الحملات الانتخابية الرئاسية مجدداً، حيث روّج هو والمرشح الديمقراطي جو بايدن لوجهات نظرهما المتباينة بشكل كبير حول كيفية التعامل مع الجائحة المميتة وكيفية الوصول إلى مقعد الرئاسة. في مواجهة استطلاعات الرأي التي أظهرت اشتداداً في المنافسة الرئاسية لصالح بايدن وتوسعاً في مسارات الفوز لنائب الرئيس الأمريكي السابق، تمسك ترامب بتصريحاته القديمة عن الفيروس التي لقيت دعماً واسعاً بين الموالين له، ولكنها نفّرت ناخبين آخرين يحتاج إليهم لتأمين فترة ولايته الثانية. وحتى مع انتشار فيروس كورونا بشكل كبير بين موظفي البيت الأبيض، واصل ترامب التقليل من خطورته بعد إصابته وعودته إلى البيت الأبيض، وبينما لا تزال حالته معدية، تعهد بحضور المناظرة الثانية مع بايدن. كما أنه تحدى الخبراء الطبيين، عندما أصر في تغريدة له على «تويتر» بأن الإنفلونزا الموسمية أكثر فتكاً من «كورونا». ويبدو أن الرئيس ترامب يحاول استخدام إصابته بالفيروس لتحقيق مكاسب سياسية، إذ خرج على نحو درامي في وقت الذروة من مستشفى «والتر ريد» العسكري وخلع الكمامة أمام الكاميرات عند عودته إلى البيت الأبيض. وصوّر نفسه على أنه رجل انتصر على المرض وأصبح أقوى من ذي قبل. وقال في تغريدة تعرضت لانتقادات واسعة النطاق «لا تخافوا من كوفيد، ولا تدعوه يهيمن على حياتكم». ويعتقد البعض أن هذه اللحظة يمكن أن تكون بمثابة إعادة تغيير للأفكار، الأمر الذي يسمح للرئيس بالاستفادة من تجربته الخاصة مع المرض لإظهار تعاطف مع المتضررين من الجائحة التي أودت بحياة أكثر من 210 آلاف أمريكي، وأدت إلى خسارة الملايين لوظائفهم، وكذلك أثّرت في شعبيته في استطلاعات الرأي. العاطلون عن العمل وفي سلسة من التغريدات، أوقف ترامب المحادثات مع الديمقراطيين في الكونجرس بشأن خطة تحفيز مالية تهدف إلى مساعدة الملايين من العاطلين عن العمل وتقليص الأضرار الاقتصادية التي سببتها كورونا. وبينما يصر ترامب على أن رزمة المحفزات ستفيد الديمقراطيين بشكل خاطئ، أدى إلغاؤه للمفاوضات إلى تراجع أسواق الأسهم، وإثارة تساؤلات حول مستقبل الملايين من العاطلين عن العمل وعشرات الآلاف من الشركات الصغيرة والمتوسطة التي يمكن أن تغلق أبوابها قريباً. واتهم كل من جو بايدن وأبرز الأعضاء الديمقراطيين في الكونجرس بمن فيهم نانسي بيلوسي، ترامب بالتخلي عن الأمريكيين المحتاجين، ووصفت السناتورة الجمهورية، سوزان كولينز، خطوة ترامب بأنها خطأ فادح. حرب الكمامات وبعد ساعات من عودة ترامب إلى البيت الأبيض، نشر حساب حملة جو بايدن الانتخابية على «تويتر» مقطع فيديو يظهر بايدن وهو يرتدي الكمامة، فيما على الجانب الآخر كان ترامب يخلعها، ومن ثم ظهر تعليق يقول «الكمامات مهمة، فهي تنقذ الأرواح». وشاهد الفيديو الذي لا تزيد مدته على 3 ثوانٍ أكثر من 10 ملايين شخص. وعلى النقيض من ترامب، نصح بايدن مراراً وتكراراً بارتداء الكمامات والحرص على التباعد الاجتماعي، وهي تكتيكات حث عليها مرة أخرى في خطاب ألقاه في مدينة «جيتيسبيرج» بولاية بنسلفانيا، حيث هاجم مساعي ترامب لزرع بذور الخلاف، وأعرب عن تفاؤله بأن الوحدة ستخرج البلاد من أزمة «كورونا». الحملات الانتخابية ويبدو أن الأحداث التي وقعت قبل أسبوعين، والتي شملت المناظرة الرئاسية الأولى ومرض ترامب وجولاته داخل وخارج المستشفى، صبت في صالح بايدن. وأشارت استطلاعات الرأي الجديدة إلى أن بايدن يوسّع تقدمه على المستوى الوطني في الولايات الرئيسية التي يتصارع فيها المرشحان لاستقطاب أصوات الناخبين، وذلك في الوقت الذي يبتعد فيه الناخبون عن أسلوب ترامب الهجومي في النقاش، مشيرين إلى أنه لم يبذل جهوداً كافية لمكافحة الجائحة، مفضلين بذلك أسلوب بايدن المعتدل. وشهدت الأسابيع القليلة الماضية تحولاً جذرياً في موارد الحملات الانتخابية، حيث ضخت حملة جو بايدن 8 ملايين دولار في إعلانات جديدة بالولايات الرئيسية، وذهب نصف هذه الأموال للحملات الإعلانية في ولايات فلوريدا وأريزونا وتكساس، وهي الولايات الثلاث التي فاز بها ترامب في عام 2016. وكان لغياب ترامب عن الحملة الانتخابية ثمن باهظ بالنسبة له، إذ كان من المتوقع أن يزور بعض الولايات الغربية لجمع ملايين الدولارات لحملة تواجه عجزاً، بالمقارنة مع حملة بايدن جيدة التمويل. وفي غضون ذلك، خفضت حملة ترامب من إنفاقها الإعلاني بواقع أكثر من 4 ملايين دولار، معظمها في أوهايو ومينيسوتا، وفقاً لبيانات شركة «Advertising Analytics». وفاز ترامب بسهولة في ولاية أوهايو، وخسر الأصوات في مينيسوتا بفارق ضئيل في عام 2016، إلا أن استطلاعات الرأي الأخيرة تشير إلى تعادل ترامب وبايدن في أوهايو، مع صدارة بايدن في مينيسوتا. قلق الجمهوريين وأضحى الجمهوريون قلقين أكثر من هذا التباين، حيث أظهرت استطلاعات الرأي أن بايدن يتقدم في ساحات الولايات الرئيسية بين مجموعات مثل كبار السن الذين صوتوا لصالح ترامب في عام 2016. ويقول دان إبراهارت، وهو مسؤول تنفيذي في قطاع النفط وأحد المانحين في حملة ترامب الرئاسية، إن الرئيس الأمريكي بحاجة إلى تحويل النقاش بعيداً عن «كورونا»، والتركيز على الملف الاقتصادي، فهذا أفضل له. وأضاف أن الديمقراطيين يستغلون مشاعر الخوف لاستقطاب الناخبين، إلا أن ترامب يعرض شيئاً آخراً، حيث يطلب من الناخبين ألا يخافوا من الفيروس. ومع ذلك، فإن حث ترامب الكونجرس على الموافقة على مشروع قانون يضمن حزمة ثانية من المساعدات تنطوي على تخصيص 25 مليار دولار على وجه السرعة لتمويل شركات طيران الركاب و135 ملياراً للشركات الصغيرة وتقديم شيكات تحفيزية قيمة كل منها 1200 دولار للعاطلين عن العمل، سيكون له آثار كبيرة على قرار الناخبين حول من هو الأفضل للتعامل مع القضايا الاقتصادية. يشار هنا إلى أن شركات الطيران الكبرى لديها عمليات في مناطق مهمة من الناحية الانتخابية مثل دالاس وأتلانتا وفينيكس وميامي وتشارلوت. الوقت مبكر ووفقاً لاستطلاع أجرته جامعة «مونماوث» قبل أسبوعين، حقق بايدن تقدماً بين الناخبين في ولاية بنسلفانيا بواقع 12 نقطة مئوية إلى 54%، مقابل 42% لدونالد ترامب، وقد تم إجراء هذا المسح بعد المناظرة الانتخابية الأولى. ولا يزال الوقت مبكراً للحكم على من سيتفوق في الحملة الانتخابية الرئاسية، إذ إن الرئيس دونالد ترامب خصم قوي وعنيد، فهو غير مستعد للإذعان بخسارته، إذ لا يزال يملك الملف الاقتصادي للمراهنة عليه وكذلك ملفات أخرى مثل تخفيض الضرائب وخلق فرص عمل وتطوير مشاريع البنى التحتية، إلا أن مهمته هذه تبدو شاقة جداً.
مشاركة :