صحف ألمانية ـ بايدن بين مطرقة إيران وسندان نتنياهو

  • 2/26/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أنهى الرئيس جو بايدن "شهر العسل" بين بلاده ونتانياهو الذي امتد طيلة عهد دونالد ترامب. غير أن ذلك لا يعني تفريطا في الشراكة الاستراتيجية بين أمريكا وإسرائيل. تحوٌل، ستكون له تداعيات على كامل الشرق الأوسط وفق خبراء ألمان. الرئيس الأمريكي جو بايدن ( يمين الصورة) رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار الصورة) اضطر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتغيير أسلوبه أمام الرئيس أمريكي الجديد جو بايدن، المنفتح على استئناف المحادثات مع طهران، والعازم على تغيير السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط بشكل مغاير لما كانت عليه في عهد دونالد ترامب. فقد أعربت إدارة بايدن عن استعدادها للانضمام مجددا إلى الاتفاق والبدء برفع العقوبات إذا عادت إيران للإيفاء بكامل التزاماتها المنصوص عليها فيه، وهو شرط بدا أن طهران لم تستسغه بعد، إذ واصلت تعزيز أنشطتها النووية في مواجهة حملة "الضغوط القصوى" التي أطلقها ترامب ضدها. صحيفة "تاغسشبيغل" البرلينية، كتبت بهذا الشأن معلقة: "التفاوض يتطلب وقتا.. الكثير من الوقت، والملالي في طهران يملكون الكثير منه. لأنهم في غضون بضعة أشهر سيكونون قادرين على إعلان بلادهم قوة نووية. وهذا يحد من خيارات بايدن إلى حد كبير. ووفقا لرؤية طهران، فهذا يرفع قدرتها على المساومة في المفاوضات". وينص الاتفاق النووي المبرم في فيينا عام 2015 على تقديم إيران ضمانات بعدم السعي لبناء قنبلة نووية في مقابل تخفيف تدريجي للعقوبات الدولية. ويتوقع المراقبون أن النهج الدبلوماسي لبايدن قد يواجه قدرا كبيرا من المطبات، سواء على مستوى الداخل الأمريكي أو على مستوى علاقات واشطن بحلفائها في الشرق الأوسط وفي مقدمتهم إسرائيل. غير أن بايدن سيجد في الأوروبيين حليفا وثيقا بشأن هذا الملف. وبهذا الصدد كتبت صحيفة "نويه أوسنابروكر تسايتونغ" (22 فبراير 2021): "مع بايدن يمكن تصور إحياء الاتفاق مع إيران للسيطرة على طموحاتها النووية. وهذا يظهر أن الاتحاد الأوروبي كان على حق في التمسك بالاتفاق (..) هذه البراغماتية تواجه مقاومة من المحرضين القوميين الذين ليس لديهم مصلحة حقيقية في أي انفراج". بايدن ـ دعم إسرائيل لا يعني التوافق مع نتانياهو فيما يشبه جبهة موحدة، أجمعت الحكومة الإسرائيلية والقيادة العسكرية منذ وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض على التحذير، بل والتنديد بالعودة إلى شروط الاتفاق النووي مع إيران عام 2015. وسارعت إسرائيل إلى اتخاذ موقف متشدد للحفاظ على جوهر سياسة "الضغط الأقصى" التي اتبعتها إدارة دونالد ترامب تجاه إيران. وبهذا الصدد أوضح رئيس أركان الجيش أفيف كوخافي أنه "ليس لدى أي أحد أدنى شك في أن لإيران طموحات وخطط نووية عسكرية وتسعى لاستخدام هذا السلاح. إن العودة إلىالاتفاق النووي، أو حتى صفقة مماثلة مع إدخال تحسينات، سيكون أمرا خاطئا". هذا التصريح جاء على هامش المؤتمر السنوي لمعهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، في موقف لا يخلو من التحدي اتجاه سياسة إدارة جو بايدن". نتنياهو كان يحصل تقريبا على كل ما يريده من دونالد ترامب. ورغم أن نتينياهو كان أول مسؤول كبير في الشرق الأوسط يتلقى اتصالا مباشرا من بايدن عبر الهاتف، إلا أن هذا الاتصال تأخر، إذ انتظر نتنياهو أكثر من شهر على غير عادة الرؤساء الأمريكيين الجدد. البيت الأبيض أصر على أن التأخر لم يكن ازدراء مقصودا، وأن محادثة بايدن ونتينياهو كانت "مهذبة"، ولكنها "ليست محادثة دافئة بشكل خاص"، حيث شدد بايدن على علاقته الطويلة والودية مع إسرائيل، وليس مع رئيس الوزراء شخصيا. تاغس آنتسايغر" كتبت (17 فبراير) أن "نتنياهو يحتاج بايدن، وبايدن بحاجة لنتنياهو. الأمر يتعلق أولا برهانات مالية كبيرة: تتلقى إسرائيل حوالي ثلاث مليارات دولار سنويًا كمساعدات عسكرية ودفعات سنوية إضافية من حزمة سابقة تبلغ 34 مليارًا كان أوباما قد وعد بها إسرائيل. يمكن لبايدن استخدام هذه الحقن المالية كرافعة للتأثير على نتنياهو والضغط عليه (...) التعاون بين الولايات المتحدة وإسرائيل ضروري، أيضًا من أجل إيران. لن يتمكن نتنياهو بعد الآن من لعب دور الهامس في الأذن الذي ألفه عند ترامب بشأن الاتفاق النووي مع إيران (..) سيتعين على رئيس الحكومة الإسرائيلية والرئيس الأمريكي أن يتصالحا مع بعضهما البعض - على الرغم من كل العداوات الشخصية ". إسرائيل قالت (25 فبراير) إنها تأمل في منع التوتر الشخصي بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس جون بايدن بسبب الملف النووي الإيراني، بإحالة المحادثات في هذا الأمر إلى كبار معاونيهما. موقف جاء بعدما تأكد تضاؤل حظوظ السياسة الخارجية لنتنياهو بمجيئ بايدن. وعقد نتنياهو اجتماعا بشأن إيران مع وزير الدفاع بيني غانتس ووزير الخارجية جابي أشكينازي، وهما منافساه من تيار الوسط، فيما اعتبره مراقبون محاولة لإظهار جبهة إسرائيلية موحدة. وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي، من جهتها، نقلا عن مصادر شاركت في الاجتماع لم تسمها، أن نتنياهو والوزراء الآخرين قرروا إبقاء الخلافات مع بايدن "بعيدا عن الأنظار" في الوقت الراهن. نتنياهوـ ذكريات غير سارة من زمن أوباما لم يكن خافيا على أحد بأن العلاقات بين نتنياهو والرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما لم تكن على ما يرام. لكن أوباما لم يترك أي شك في استعداده للدفاع عن أمن وسلامة الدولة العبرية. وينطبق الشيء نفسه على نائبه آنذاك جو بايدن. ونتنياهو يعلم ذلك تماما، وهو الذي تعامل مع العديد من الرؤساء الأمريكيين في فترة حكمه الطويلة. فهل احتفظ بايدن بدوره بذكريات غير سارة بشأن "بيبي"، وبالتالي يسعى إلى دعم غير مباشر لمنافسيه السياسيين، خصوصا وأن إسرائيل مقبلة على انتخابات عامة؟ "شبيغل أونلاين" كتبت بهذا الشأن معلقة (12 فبراير): "من غير المرجح أن يخاف (نتنياهو) من منافسيه المحليين. فهم يفتقرون للخبرة، ولا يحظون بشعبية، ومنقسمون لدرجة تجعلهم لا يشكلون خطراً عليه. من المرجح أن يكون نتنياهو أكثر قلقا بشأن تهم الفساد والاحتيال والخيانة، كما بشأن الانقسام العميق في المجتمع الإسرائيلي الذي يبدو غير قابل للحل بين الأغلبية العلمانية والإسرائيليين الأرثوذكس المتشددين، الذين يفشلون في الغالب في الالتزام بقواعد الوباء". أما المشكل الآخر الذي ينتظر "بيبي" حسب الصحيفة فهو "الإدارة الأمريكية الجديدة التي ستكون شريكا أصعب بكثير من إدارة ترامب". وذهبت "فرانكفورته ألغماينتشايتونغ" (18 فبراير) في نفس الاتجاه معتبرة أن "نتنياهو تعَود قبل الانتخابات الاعتماد على دونالد ترامب للمساهمة في انتصاراته من خلال هدايا انتخابية، مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس. في الانتخابات المقبلة في (23 مارس /آذار)، سيتعين على نتنياهو، المتابع في قضايا فساد الاعتماد على نفسه".   رهان بايدن ـ التوفيق بين مصالح متناقضة كانت السعودية والإمارات إلى جانب إسرائيل في قلب الدبلوماسية التي انتهجها دونالد ترامب وإدارته ضد خصوم الولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط وفي مقدمتهم إيران. وتعتزم إدارة بايدن إعادة التوازن إلى سياستها في المنطقة. فقد أعلن الرئيس الجديد للدبلوماسية الأمريكية، أنتوني بلينكين أنه بدأ بمراجعة قرارات سياسة الإدارة السابقة. وهكذا، قررت واشنطن تجميد صفقات الأسلحة "الجارية" من أجل تقييم مدى ملاءمتها لـ "الأهداف الاستراتيجية" للولايات المتحدة. ويشمل ذلك بيع ذخيرة دقيقة إلى المملكة العربية السعودية بالإضافة إلى بيع 50 مقاتلة شبح من طراز F-35 إلى الإمارات العربية المتحدة. ويتحالف البلدان مع الحكومة اليمنية التي تعارض المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران. وبهذا الصدد كتبت "زودويتشه تسايتونغ" (18 فبراير) أنه "إذا أهمل بايدن الضمانات الأمنية الأمريكية للحلفاء في الشرق الأوسط، فإن ذلك من شأنه أن يُقَوض مصداقيته في المحيط الهادي أيضًا. السبيل الوحيد للخروج سيكون صفقة شاملة. سيتعين على بايدن أن يأخذ أمن إيران ومصالحها الأخرى في الحسبان بالإضافة إلى مصالح دول الخليج العربي وإسرائيل". أما صحيفة "يونغه فيلت" (22 فبراير) اليسارية فانتقدت بشدة السياسة الأمريكية والغربية عموما اتجاه إيران معتبرة أن "بايدن غير مضطر للركوع وهو في سن الثامنة والسبعين، حيث سيكون من الصعب النهوض مرة أخرى، لكن تقديم اعتذار لشعب إيران، الذي عانى بشدة من العقوبات وخرق الاتفاق النووي، قد فات أوانه. لقد تأخر تقديم الاعتذار لشعب إيران. إيران وجدت نفسها فجأة في قفص الاتهام ليس فقط أمام بايدن، ولكن أيضًا بالنسبة لحلفائه الأوروبيينوعليها أن تكسب ثقتهم من جديد من خلال تقديم تنازلات في المجالات الجيوسياسية والعسكرية هذا جنون، هكذا هو العالم بعد الآن في عام 2021". ومن أكبر المشاكل بالنسبة للغرب هي أن عهد ترامب قلل من قيمة الاتفاق النووي كما ترى صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" (22 فبراير) التي أوضحت أنه "حتى لو رفع بايدن العقوبات بسرعة وامتثلت إيران مرة أخرى لجميع الشروط المتفق عليها في عام 2015، فلن يكون هناك إلا القليل من الوقت قبل انتهاء صلاحيتها. كان الهدف الأولي من الاتفاق عبارة عن حل مؤقت من أجل بناء الثقة وكسب الوقت في سبيل تفاهم أشمل للوقت الذي يلي انتهاء القيود والصراعات "غير النووية" العديدة، ولم تعمل إيران ولا أمريكا لتحقيق هذا الهدف". حسن زنيند

مشاركة :