أنقرة – في وقت أكدت فيه فرنسا أن لديها معلومات استخباراتية دقيقة بشأن إرسال تركيا لمرتزقة سوريين عبر مدينة غازي عنتاب للقتال إلى جانب أذربيجان في إقليم ناغورني قره باغ المتنازع عليه مع أرمينيا، ينفي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ذلك دون تقديم دليل يفند ما يجري على أرض الواقع. وأكد أردوغان خلال كلمة ألقاها في أنقرة الأربعاء "البعض يقول لنا أرسلتم (مقاتلين) سوريين إلى هناك، ليس لدينا مثل هذه النية... لديهم الكثير للقيام به في بلدهم، لن يذهبوا إلى ناغورني قره باغ". وكان ماكرون قد صرح في وقت سابق "لدينا معلومات تشير بشكل مؤكد إلى أن مقاتلين سوريين من مجموعات جهادية انتقلت عبر غازي عنتاب للوصول إلى مسرح العمليات في ناغورني قره باغ. هذا واقع جديد خطير للغاية يغيّر الوضع". ويأتي النفي التركي في وقت أشار فيه المرصد السوري لحقوق الإنسان، المنظمة غير الحكومية، الذي يستند إلى مصادر سورية في معلوماته إلى أن العشرات من المقاتلين السوريين الموالين لتركيا قتلوا في ناغورني قره باغ منذ الشهر الماضي. وأفاد المرصد وناشطون آخرون بأن تركيا نقلت عناصر تابعة لفصائل المعارضة المسلحة السورية إلى أراضي أذربيجان على خلفية التصعيد العسكري مع أرمينيا. وقال المرصد إن “دفعة من مقاتلي الفصائل السورية الموالية لأنقرة وصلت إلى أذربيجان، حيث قامت الحكومة التركية بنقلهم من أراضيها إلى هناك”. وأوضح المرصد أن هذه الدفعة “وصلت الأراضي التركية قبل أيام قادمة من منطقة عفرين شمال غربي حلب… دفعة أخرى تتحضر للخروج إلى أذربيجان، في إطار الإصرار التركي على تحويل المقاتلين السوريين الموالين لها إلى مرتزقة”. وكان الرئيس السوري بشار الأسد اتهم نظيره أردوغان بإشعال الصراع بين أرمينيا وأذربيجان وقال إن أنقرة ترسل مقاتلين إلى المنطقة. وفي مقابلة مع وكالة الإعلام الروسية قال الأسد “إن أردوغان يدعم الإرهابيين في ليبيا، وكان المحرض الرئيسي في الصراع الأخير في ناغورني قره باغ بين أذربيجان وأرمينيا". وقبل أيام تداول ناشطون أرمن مقطع فيديو يوثق حركة مكثفة لمسلحين يرددون هتافات باللغة العربية على متن عربات قيل إنها تتجه إلى جبهات القتال في صفوف أذربيجان ضد القوات الأرمينية. ونشر المركز الأرمني الموحد الذي تديره الدولة مقطع فيديو الأحد، يظهر مقاتلين سوريين متشددين يقاتلون في منطقة قره باغ المتنازع عليها، ما يدحض المزاعم التركية ونفيها لإرسال مقاتلين ومرتزقة سوريين للقتال في الإقليم. ويقول أحد المقاتلين السوريين في مقطع فيديو نشر على تويتر "كلاب أرمينية.. ذبحوا شبابنا"، مضيفا "حرب مروعة". وذكرت صحيفة فوريين بوليسي الأميركية مطلع الشهر أن تركيا أرسلت نحو 1500 مقاتل سوري كمرتزقة لتعزيز جبهات القتال في أذربيجان. وبحسب الصحيفة فقد تم نقل المقاتلين الأوائل في أواخر سبتمبر إلى جنوب تركيا قبل نقلهم إلى أذربيجان في 25 سبتمبر. وبحسب روايات المقاتلين وصل قادة الجيش الوطني السوري، الذي تدعمه تركيا، في وقت سابق لاستكشاف المنطقة والتنسيق مع الجيش الأذري بشأن التحركات على الجبهة و توزيع القوات. وتضيف بالنسبة للعديد من الشباب الذين نزحوا بسبب سنوات من الحرب الأهلية في الوطن وحرمانهم من الفرص الاقتصادية فإن إغراءات حياة المرتزقة هي دعاية دينية - ومال. حيث يُعرض على المقاتلين عقود مدتها أربعة أشهر مقابل 1500 دولار شهريا، تُدفع بالليرة التركية. وتركيا التي نفذت عدة عمليات عسكرية في شمال سوريا منذ 2016 تقوم بتدريب وتسليح فصائل سورية. وفي فبراير أكد أردوغان وجود مقاتلين سوريين في ليبيا لدعم حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج ضد قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر. ويرى مراقبون أن نفي تركيا وأذربيجان أيضا وجود مرتزقة سوريين في معارك قره باغ يتناقض مع الوثائق واعترافات المرتزقة أنفسهم. وأشارت صحيفة إندبندت البريطانية في تقرير لها إلى أن "المئات من المرتزقة السوريين يشاركون إلى جانب القوات الأذرية في القتال المحتدم في قره باغ، "مقابل المال" حتى ولو كان ذلك على حساب أرواحهم في معركة بعيدة عن وطنهم". وأضافت الصحيفة أن المرتزقة تم تجنيدهم بواسطة شركة أمن تركية خاصة، مؤكدة حصولها على رسائل صوتية عبر تطبيق «واتساب» لسوريين في أذربيجان يقومون بزيارة أحد رفقائهم المصابين في قتال قره باغ، وأجرت اتصالات مع أفراد أسرته. وأشارت إلى أن نفي الحكومتين التركية والأذرية وجود مرتزقة سوريين في معارك قره باغ يتناقض مع ما حصلت عليه من وثائق واعترافات مسجلة بالصوت والصورة. ومنذ نهاية سبتمبر تدور معارك بين القوات الأذرية ومقاتلين انفصاليين مدعومين من يريفان في ناغورني قره باغ.
مشاركة :