هل يعبر اتحاد كتاب المغرب بأمان إلى المستقبل | محمد ماموني العلوي | صحيفة العرب

  • 10/15/2020
  • 00:00
  • 37
  • 0
  • 0
news-picture

تكاد أزمات اتحادات الكتاب في الأوطان العربية تتشابه، حيث تحولت هذه الهياكل إلى مجرد منظمات لتقاسم المكاسب والصراع على المناصب لأجل ذلك، فيما انسحب الكثير من الكتاب منها تاركين إياها لمشاهد صراع هزلية في أحيان كثيرة. ولا يبتعد حال اتحاد كتاب المغرب عن دائرة هذه الصراعات، التي عادت إلى السطح هذه الأيام. لم يستسغ عدد من الكتاب المغاربة أن يسلم عبدالرحيم العلام، الذي وصف نفسه برئيس اتحاد كتاب المغرب، مذكرة إلى ديوان شكيب بنموسى رئيس اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي في المغرب، باسم اتحاد كتاب المغرب، بعنوان “الأساس الثقافي للنموذج التنموي الجديد”، تتضمن تصور الاتحاد حول “دور الفعل الثقافي في الإقلاع التنموي الشامل”. وشدد هؤلاء على أن العلام لا يحظى بتلك الصفة على اعتبار أنه مستقيل من مهامه، ولم يتم الحسم بعد في وقت المؤتمر للبث في خليفته. وكان المكتب التنفيذي لاتحاد كتاب المغرب قد عقد اجتماعه العادي يوم 9 أكتوبر 2020، بمقر الاتحاد بالرباط، بحضور أعضاء المكتب التنفيذي، خصص لمناقشة مشروع التصور الذي أعده المكتب حول “الأساس الثقافي للنموذج التنموي الجديد”، والمصادقة عليه، مساهمة من اتحاد كتاب المغرب في إعداد نموذج تنموي مغربي، في شقه المتعلق بدور الفعل الثقافي في الإقلاع التنموي الشامل. أزمة حادة استغربت “اللجنة التحضيرية للمؤتمر الاستثنائي لاتحاد كتاب المغرب” من أن بعض أعضاء المكتب التنفيذي السابق، بمن فيهم رئيس الاتحاد السابق، يصرون على الحديث باسم المؤسسة، ويصدرون منشورات وبيانات موقعة بصفتهم مسؤولين عنها، ويقدمون أنفسهم في المحافل الثقافية والهيئات والمؤسسات المختلفة باعتبارهم ممثلين للجهاز التنفيذي لاتحاد كتاب المغرب. محمد بوخزار: المنظمة يمكنها تجاوز أعطابها بمؤتمر وطني شامل محمد بوخزار: المنظمة يمكنها تجاوز أعطابها بمؤتمر وطني شامل وتعليقا على هذا المستجد شدد محمد بوخزار الكاتب وعضو لجنة تحكيم كتاب المغرب، في حديثه لـ”العرب” على أنه لا يعقل أن ينقلب رئيس على استقالته ويراوده الحنين إلى الكرسي، وهو خارج الشرعية والغطاء القانوني منذ خمس سنوات، ثم ينصب نفسه من جديد متحدثا ومتحكما في منظمة ثقافية وكأنها مقاولة تجارية يتوفر على عقود ملكيتها. وفي بلاغ صادر عن المكتب التنفيذي للاتحاد في 26 سبتمبر 2020، جاء فيه أنه يعلن “تمسّكه التام بمبدأ الشرعية القانونية، بما تستلزمه من احترام لمبادئ الاتحاد ولقوانينه ولأجهزته الشرعية وتوصيات مؤتمر طنجة، باعتبارها الآلية القانونية الوحيدة الضامِنة لمواصلة مسيرة الاتحاد، وجعله قادرا على مواصلة حضوره ودوره النضالي وإشعاعه الثقافي”. ورغم أن عددا من الكتاب أكدوا أنهم لم تتم استشارتهم أو دعوتهم للبث في هذا الأمر، فقد عزم المكتب التنفيذي على تنظيم المؤتمر الاستثنائي المقبل للاتحاد، وفق ما قال إنها مُقتضيات الفصلين السادس والسابع من القانون الأساس للاتحاد، وعلى توفير الشروط اللازمة لعقده والضمانات الكفيلة بإنجاحه”، داعيا “أعضاء اللجنة التحضيرية المُنتدبة من لدن مؤتمر طنجة، إلى الاجتماع مع المكتب التنفيذي في أقرب الآجال لمواصلة الإعداد للمؤتمر المقبل، وإن اقتضت الحال اتخاذ التدابير والإجراءات المُلائمة لعقده في أقرب وقت ممكن”. ويمر الاتحاد بأزمة تنظيمية حادة نتيجة صراعات وتبادل اتهامات بين أعضاء المكتب وكتاب آخرين عنوانها اختلالات واختلاسات مالية، الشيء الذي أثر على الاتفاق بخصوص انعقاد المؤتمر الاستثنائي الذي دعت إليه اللجنة التحضيرية المنبثقة عن المؤتمر التاسع عشر، والذي ساهمت أزمة كورونا في تأخيره. ويعتقد محمد بوخزار أن أزمة اتحاد الكتاب المغربي الراهنة، هي مزيج من الأخطاء الشخصية ومحدودية التجربة في تدبير شؤون هيئة ثقافية ذات هالة رمزية؛ توسعت قاعدتها مع توالي العقود وأجيال الكتاب، دون أن تتطور تنظيميا وهيكليا وإداريا، لتستوعب مجمل التحولات والإشكالات التي طبعت المشهد الثقافي في المغرب منذ أكثر من ستة عقود، وقد مرت المنظمة بأزمات عسيرة، دون أن تصل إلى الحضيض أدركته اليوم بالفوضى والتشرذم والتشنجات في المواقف ووجهات النظر. وتأكيدا لهذا التوجه شدد بيان المكتب التنفيذي، الذي توصلت “العرب” إلى نسخة منه، على أن اجتماع الجمعة 9 أكتوبر نظر في الترتيبات اللازمة لعقد الاجتماع القادم للجنة التحضيرية المنتدبة من المؤتمر الوطني التاسع عشر المجهض بطنجة، وذلك في أفق تنظيم المؤتمر الاستثنائي المقبل للاتحاد. الأعطاب وتجاوزها حسبما أكد الكاتب محمد بوخزار، من سوء حظ الاتحاد، أن المكتب التنفيذي الذي انبثق عن المؤتمر الـ18 عام 2012 لم يكن في مستوى اللحظة والتجاوب مع انتظارات الكتاب المغاربة والرأي العام، إذ كان بالإمكان تجاوز الصعوبات بالنقاش الهادئ والصريح بدل المعاندة والهروب إلى الوراء والأمام، موردا أن المسؤولية هنا تتحملها قيادة المنظمة التي لم تحسن تدبير الأزمة والمحافظة على اتحاد الكتاب كمكسب رمزي يمكن البناء عليه. ويؤكد بوخزار لـ”العرب” أنه لم يكن للمكتب المنتهية ولايته ما يكفي من التجربة والانسجام، فضلا عن أن عددا من أعضائه بعيدون عن الرباط؛ وحين يجتمعون بعد غياب لا يتداولون بشأن تفعيل نشاطات المنظمة والانتقال بها إلى مستوى أفضل، بل هيمن على الاجتماعات طابع المناكفات واتهام الرئيس بالاستبداد وما يتبع ذلك من ملاسنات، مشيرا إلى أنه لم يكن بمقدور الرئيس التحكم في مجريات الجدل، لأسباب يعرفها الذين اشتغلوا معه. وأشارت “اللجنة التحضيرية للمؤتمر الاستثنائي لاتحاد كتاب المغرب”، في بلاغ لها، إلى أن آخر مؤتمر لاتحاد كتاب المغرب بطنجة في شهر يونيو 2018، وخلال هذا المؤتمر الذي انعقد بعد مضي ما يزيد عن خمس سنوات، أثيرت مجموعة من الإشكالات التنظيمية المتعلقة بشرعية المكتب التنفيذي، الذي دعا إلى المؤتمر، ولتجاوز هذا الإشكال التنظيمي قرر المؤتمرون إرجاء الأشغال إلى مؤتمر استثنائي، تعد له لجنة تحضيرية شكلت من أعضاء المكتب التنفيذي المنتهية صلاحياته ومن أعضاء انتدبهم المؤتمر لهذا الغرض، ما يعني، حسب المصدر ذاته، “أن الجهاز القانوني الوحيد الذي أصبح يمثل اتحاد كتاب المغرب بعد مؤتمر طنجة هو اللجنة التحضيرية”. وعرف المؤتمر التاسع عشر الذي انعقد في طنجة سنة 2018 تحت شعار “اتحاد كُتَّاب المغرب: نحو أفق تنظيمي وثقافي جديد” احتكاكا حادا بين أعضائه الذين انفصلوا إلى فريقين رافضين ومؤيدين، وقد رفض الشق الأول بشكل حاسم أن يتولّى عبدالرحيم العلام إلقاء كلمة المؤتمر واصفين إياه بالرئيس “غير الشرعي”، في حين أصرّ الأخير على إلقاء كلمته بدعم من بعض مؤيّديه، وبعد إصراره على تناول الكلمة، ووجِه العلام بالصُراخ ورفع شعار “اِرحل”، فتوقّفت أشغال المؤتمر بعد أخذ ورد وتلاسُن وتبادُل للاتهامات وتطوّرات لم يسبق أن حدثت في تاريخ “اتحاد كتَّاب المغرب”. ورغم أن هناك من يرى أن اتحاد كتاب المغرب مات، والكتابة تدافع عن نفسها ولا تحتاج إلى إطار، إلا أن الرئيس السابق للاتحاد المستقيل عبدالرحيم العلام مصر على إعلان أن المكتب التنفيذي هو المسؤول القانوني عن الاتحاد ما بين المؤتمرين طبقا لقوانين الاتحاد، باعتباره منتخبا من قبل المؤتمر العام، وتنتهي مهامه رسميا إبان المؤتمر وليس خارجه، أي بعد المصادقة على التقريرين الأدبي والمالي وتقديمه لاستقالته. وهناك من يؤرخ لبداية الأزمة المستعصية على الحل بعد إقالة عبدالحميد عقار من الاتحاد في العام 2009، من طرف المكتب التنفيذي بأغلبية أعضائه، ليتولّى الناقِد عبدالرحيم العلام رئاسة الاتحاد، حيث عرفت ولايته أزمات متتالية وتعثرات وانتقادات لتخلي المؤسسة عن رسالتها في خدمة المثقف والثقافة، وتوالت الاستقالات بعدما اختزل الصراع على المناصب والامتيازات. وبخصوص سبل الخروج من الأزمة يرى محمد بوخزار أن الشرط الأساس لإنقاذ المنظمة من الغرق والتلاشي، إنما يكمن أولا وأخيرا في ابتعاد الرئيس السابق ومن سار معه عن المنظمة، ليس طردا أو إقصاء لهم، بل أن يقبلوا بدور العضو العادي والكف عن ارتجال المسرحيات الهزلية التي يمارس فيها الرئيس دور البطولة والكومبارس، دون أن يقنع المتفرجين بمتعة الفرجة. ويضيف محمد بوخزار أنه يمكن للمنظمة أن تتجاوز أعطابها، عبر الدعوة إلى مؤتمر وطني يضم الأعضاء والفاعلين في المشهد الثقافي وليس شرطا أن يكونوا أعضاء، وضرورة تنصيب لجنة تشتغل بمنأى عن الضغوط والحسابات الشخصية والنزوعات الذاتية، تعكف على صياغة ميثاق جديد لمنظمة اتحاد الكتاب وترسم إستراتيجية العمل الثقافي في مجتمع مدني متحول لم تعد فيه الكتابة محصورة في الأنواع الأدبية التقليدية: قصة، شعر ومسرح. ويقترح الروائي محمد المصباحي أن على كل رئيس مرشح أن يقدم طاقمه، أي المجموعة التي يريد بها تشكيل المكتب التنفيذي، ويعد برنامجه وأطروحته ويرسم أهدافه، البعيدة والقريبة، وكيفيات إنجازها، مواجها مجموعة أخرى منافسة، تقدم قراءتها هي الأخرى للمشهد الثقافي المغربي والعربي، وتقدم أجوبتها عن الإشكالات والمشكلات المطروحة، وكل فريق حصل على أغلبية المصوتين يكون هو المشكل للقيادة الثقافية، التي بعد انتهاء صلاحيتها، تحاسب ليكون لها ما لها، وعليها ما عليها، بما يقتضيه الاحترام من تقدير للمنجزات، بعيدا عن لغة التآمر والضغينة بكل أشكالها.

مشاركة :