السينما المغربية تنتصر للمهمشين وتعري المدن

  • 8/7/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

اختتمت في العاصمة الأردنية عمّان أمس الخميس احتفالية أيام الفيلم المغربي الذي نظمته الهيئة الملكية للأفلام بالتعاون مع المركز السينمائي المغربي, وعرض خلالها أربعة أفلام تعتبر من أفضل ما أنتجته السينما المغربية وحازت على جوائز عربية وأجنبية. وتهدف الاحتفالية -التي استمرت أربعة أيام- إلى تعريف الجمهور الأردني بألوان جديدة من أشكال التعبير السينمائي المبتكر في السينما العربية التي تنهض على قدرات وإبداعات صناع السينما المغربية التي تحتل المرتبة الثانية عربيا بعد مصر حسب المخرج المغربي عبد السلام الكلاعي. وانطلقت الاحتفالية الاثنين بعرض فيلم جوقة العميان لمخرجه محمد مفتكر الحائز على جائزة الوهر الذهبي بمهرجان وهران الدولي للفيلم العربي 2015, وأفضل مخرج وموسيقى بالمهرجان الوطني للأفلام المغربية في طنجة. ويدور الفيلم المشحون بكثير من المواقف الكوميدية والتراجيدية مع ترجمة بالإنجليزية حول جوقة موسيقية تقدم الأغاني الشعبية الراقصة يتظاهر أعضاؤها بالعمى لتقديم وصلة غنائية في حفلة للنساء على خلفية أحداث تعود لفترة حكم الراحل الملك الحسن الثاني, لكن مراقِبة الحفل الخرساء تكتشف اللعبة ويودعون السجن. وتسجل أحداث الفيلم واقع بيئة فقيرة، فالأب يعيش مع زوجته حليمة يكد ويتعب لتوفير حياة كريمة لأسرته من خلال عمله موسيقيا، ودائما يتباهى بين أصدقائه بابنه ميمو الذي سيكون الأول في مدرسته، لكن الابن المشغول بحب خادمة الجيران يلجأ لتزوير أوراق امتحاناته وشهادة نهاية العام ويخفي رسائل مدير المدرسة التي تحذر من تقصيره بمساعدة صديق والده. سيرة ذاتية ويؤرخ الفيلم في 110 دقائق سيرة ذاتية لمخرجه ومرحلة تاريخية بائسة في المغرب التي أُطلق عليها سنوات الرصاص جراء الحرب الباردة والتيارات السياسية, وخاصة الشبابية واليساريين الذين كانوا ينادون بالتغيير عبر العنف ولهذا كانوا يختطفون ويعذبون. وحسب المخرج المغربي كمال كمال, فإن جوقة العميان تعبير عن أحاسيس يحب مقاسمتها مع الناس, ورصد لطريقة تفكيرهم ونظرتهم للوضع السياسي، وقد نجح المخرج محمد مفتكر بذلك بكل وفاء وموضوعية. ورغم صعوبة استيعاب اللهجة المغربية فإن سيناريو الفيلم يحمل مضامين عديدة منها أن مشاكل الآباء مع أبنائهم واحدة في المجتمع العربي, فكل أب يرغب بتفوق أبنائه على أقرانهم، لكن المعالجة السينمائية مختلفة عندما يكتشف الأب الخدعة، فبدلا من طرد الابن -كما هو مألوف في الأفلام العربية- يحمل حقيبته ويغادر مصدوما. أما فيلم الصوت الخفي لمخرجه كمال كمال فهو دراما تدور حول دعم ومساندة مغربيين للثورة الجزائرية من خلال تسهيل عبور اللاجئين من جبال تلمسان الجزائرية للمغرب، غير أن منطقة وجدة واقعة بمحاذاة خط موريس العسكري (700 كلم), وهو بمثابة حزام مكهرب ومزروع بالألغام يتعين على بطله موسى نقل مجموعة من الصم والبكم عبر الممر لتأتي موسيقى الأوبرا لتلعب دورا غير متوقع وسط المغامرة المحفوفة بالمخاطر. والفيلم -الذي يستغرق مئة دقيقة بالعربية والفرنسية ومترجم للإنجليزية- فاز بالجائزة الكبرى وأفضل موسيقى وصوت بالمهرجان الوطني للفيلم في طنجة، وأفضل فيلم بمهرجان ليياج ببلجيكا. قصة حقيقة وحسب ما قاله مخرجه كمال للجزيرة نت, فإن قصة الفيلم حقيقية لأن والدته فاطمة كانت مجاهدة في الثورة الجزائرية وإحدى الشخصيات الرئيسية, واضطرت للهرب من المحاكم العسكرية الفرنسية عبر الجبل للمغرب. وقال إن المغرب كان مستقلا ومن واجبه مساعدة ثوار الجزائر الذين يطالبون ويناضلون من أجل حريتهم والخلاص من الاحتلال الفرنسي. وأضاف أن الفيلم إنساني أكثر من كونه تاريخيا أو عروبيا أو قومجيا، هدفه الدفاع عن الإنسان وتوجيه صرخة مناوئة لاستعماله أداة للوصول لأهداف سياسية كالجندي الذي يرسله السياسيون ليَقتل أو يُقتل من أجل أهداف سياسية، هذا ما يحاول الفيلم إثارته. وخلال الاحتفالية عرض فيلم ملاك لمخرجه عبد السلام الكلاعي للراشدين فقط, وهو دراما اجتماعية تخاطب وعي الجمهور وتحكي قصة فتاة تبلغ 17 سنة تخلى عنها والد طفلها عندما أخبرته بأنها حامل لتجد نفسها وحيدة في مواجهة مجتمع يسيء ويهمش وضعية الأم العازبة لتضطر لممارسة الدعارة لتوفير ألفي درهم مغربي (الدولار الأميركي يعادل 9.8 دراهم مغربية) لإجراء عملية إجهاض، لكنها تفشل. والفيلم -وهو 97 دقيقة- واقعي وجريء جدا خاصة بعرض مشهدين جنسيين وأطفال الشوارع وهامش المدن الكبرى, حيث يلقى بالمنبوذين والمسنين والمشردين, وتنتشر المخدرات والدعارة والسرقات، اعتبرها المخرج الكلاعي رؤية متكاملة للواقع. ووفق مجريات الفيلم فقد وقعت ملاك ضحية شبكة دعارة وظروف اجتماعية صعبة, لكنها رفضت مساعدة والدتها عندما عرضت عليها التخلي عن طفلها لجمعية خيرية وأخرى مقابل ثمانية آلاف درهم وآثرت الهروب، وهو هروب حدسي أو طبيعي وانتصار للحياة. وفي حواره مع الجمهور دافع الكلاعي عن المشهدين الجنسيين, وقال إن من طبيعة السينما إظهار الأشياء لخلق إحساس لدى المتفرج، معتبرا أن الفن سيفقد كثيرا من تعبيراته إذا حذفا، لكنه أبدى استعداده لحذفهما إذا عرض الفيلم في دولة عربية محافظة. وقال إنه لا يمارس رقابة ذاتية واستغل حرية الإنتاج بالمجتمع المغربي. واختتمت الاحتفالية بفيلم البحث عن زوج امرأتي لمخرجه محمد عبد الرحمن التازي (88 دقيقة), وهو كوميديا اجتماعية تطرح قضية تعدد الزوجات من خلال بائع مجوهرات ثري من فاس متزوج من ثلاث نساء تتفجر المشاكل عندما يطلق زوجته الثالثة الشابة الجميلة للمرة الثالثة ويحاول استعادتها. بدوره تحدث الناقد السينمائي ناجح حسن عن مزايا جمالية ودرامية في جوقة العميان وملاك والصوت الخفي, معبرة عن هموم وطموحات الجيل الجديد بالسينما المغربية نلمس فيها الصدق والحفاوة بالقيم الإنسانية والانحياز للبسطاء, وتعالج أسئلة التعبير السينمائي بتقديم قصص وحكايات مفعمة بأشكال من وسائل التعبير كالموسيقى والرقص.

مشاركة :