يثير استغلال الأجانب لانهيار الليرة التركية وتهاويها من أجل شراء العقارات مخاوف من تعميق الإشكاليات أمام المطورين العقاريين المحليين الذين تحاصرهم الديون في ظل ركود السوق وتداعيات كورونا الت كبّلت نشاط سوق العقارات المحلية مقابل انتعاشه أمام الأجانب. إسطنبول - استغل الأجانب في تركيا أزمة انهيار الليرة بتكثيف شراء العقارات التي باتت بأسعار زهيدة، الأمر الذي يفتح إشكاليات أمام المطورين العقاريين الأتراك المحاصرين بقروض ذات فوائد عالية من المصارف. وتراجعت مبيعات العقارات للأجانب خلال شهر مارس الماضي، حيث تم تسجيل أولى حالات الإصابة بفايروس كورونا. ومنذ مايو 2020، شهدت مبيعات العقارات للأجانب في تركيا، نمواً متواصلاً، إلى أن سجلت في سبتمبر الماضي رقماً قياسياً على مستوى العام. وتم بيع 5269 عقاراً للأجانب، في سبتمبر الماضي لوحده، محققاً زيادة بنسبة 26.1 في المئة مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، وبنسبة 35.3 في المئة مقارنة بالشهر الذي قبله. وخلال الفترة بين يناير وسبتمبر 2020، اشترى الأجانب نحو 26165 عقاراً في تركيا، وسط توقعات بتجاوز هذا الرقم عتبة الـ40 ألف، بحلول نهاية العام الحالي. وحلّت إسطنبول في المرتبة الأولى من حيث عمليات البيع، حيث سجلت بيع 2370 عقارا للأجانب، خلال سبتمبر الماضي، فيما بلغ إجمالي العقارات المباعة للأجانب فيها، نحو 11966، خلال الأشهر الـ9 الأولى من 2020. وجاءت أنطاليا في المرتبة الثانية، بـ1018 عقارا، ثم أنقرة في المرتبة الثالثة بـ347. ويرى خبراء أن هذا النمو في شراء الأجانب للعقارات على حساب المطورين المحليين يعكس إشكاليات كبيرة حيث يزيد في خنق المطورين العقاريين المحليين ويعمق ارتهانهم بالديون. وتعاني جميع القطاعات التركية حاليا من الشلل بسبب ارتفاع التضخم وارتفاع أسعار الفائدة بعد أن تهاوت الليرة خلال العامين الماضيين بسبب سياسات أردوغان الخارجية وخاصة في سوريا وليبيا. وتعجز حكومة الرئيس أردوغان على إيجاد أي حلول لهذه المعضلة حيث بات المطورون العقاريون الأتراك في دوامة المشاكل نظرا لنقص السيولة وارتفاع نسبة الفائدة البنكية. وفي ما يخص جنسيات الأجانب الأكثر شراء للعقارات في تركيا خلال سبتمبر 2020، تصدر الإيرانيون القائمة بـ908 عقارات، تلاهم العراقيون بـ826 ثم الروس بـ448. وحسب الأناضول تصدّر العراقيون قائمة الأجانب الأكثر شراء للعقارات في تركيا، تلاهم البريطانيون، ثم الألمان، فالروس والسعوديون. وشهد العام الماضي شراء 6307 أرض عقارية، و61000 و15 شقة، من قبل 63986 مواطنا أجنبيا. تهاوي الليرة التركية خلال العامين الماضيين بسبب سياسات أردوغان الخارجية تهاوي الليرة التركية خلال العامين الماضيين بسبب سياسات أردوغان الخارجية وفضّل الأجانب ولايات إسطنبول، وبورصة وموغلا في شراء الأراضي العقارية، فيما تصدرت إسطنبول وأنطاليا وموغلا، قائمة الولايات الأكثر شراء للشقق فيها من قبل الأجانب. وتشير تقديرات سابقة إلى أن عدد المنازل، التي شُيدت ولم تُبع منذ العام 2013 بلغ نحو 2.13 مليون منزل، وهذا الرقم مرشح للزيادة في حال استكمال بقية المشاريع المتوقفة. ولدى الكاتب في موقع أحوال تركية ذو الفقار دوغان قناعة بأنّ مشكلة القطاع كبيرة وكل الحلول المتاحة لن تنعش القطاع قريبا. ويشير خبراء إلى أن حتى لو تم خفض أسعار الفائدة على القروض العقارية إلى الصفر، فإنه في ظل وجود الملايين من العاطلين ليس هناك كثيرون يستطيعون تحمل الارتباط بخطة سداد أقساط مدتها 20 عاما وشراء منزل. وبرر دوغان انطباعه بأن معظم الناس يفكرون في كيفية تدبير احتياجاتهم يوما بيوم، وحتى العاملين منهم يعانون من انعدام الأمن الوظيفي. وقامت أنقرة العام الماضي بمحاولة لتنشيط مبيعات الإسكان عن طريق خفض قيمة المشتريات العقارية التي تسمح للأجانب بالحصول على الجنسية التركية إلى 250 ألف دولار. وفشلت حملات الائتمان الرخيص التي دشنتها الحكومة لتعزيز الإقبال على الشراء في السوق، لأن من يملكون الدخل الكافي للحصول على قرض عقاري أو يدخرون السيولة الكافية لسداد دفعة مقدمة نسبتها 25 في المئة يمثلون أقلية. ولطالما اعتمد الرئيس التركي وحزبه العدالة والتنمية على هذا القطاع باعتباره القوة الدافعة للاقتصاد، ولكن في السنوات الأخيرة تعثر كل من القطاع والاقتصاد. ومع تراكم معروض المساكن غير المباعة السنوات الماضية وقلة من يملكون القدرة على شراء المنازل بسبب الاقتصاد المتعثر، حاولت الحكومة إنعاش القطاع عبر توفير قروض عقارية بأسعار فائدة منخفضة وإتاحة الجنسية للمستثمرين الأجانب في العقارات. ولكن يبدو أن محاولاتها لم تفلح لاسيما أن إدارة شؤون البلاد من الناحية الاقتصادية كان فيها نوع من الارتباك في ظل حاجتها لتمويلات ضخمة. وفي محاولة لتجنب ما هو أسوأ عقب ركود ضرب القطاع في 2019، قرر حزب العدالة والتنمية الحاكم بشكل مفاجئ في فبراير الماضي، سحب اقتراح بفرض ضريبة جديدة باسم ضريبة “العقارات مرتفعة القيمة”، من مشروع قانون كان قد تم تقديمه للبرلمان.
مشاركة :