الحكومة اللبنانية «في مرمى» تداعيات التمديد للقادة العسكريين | خارجيات

  • 8/8/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

ساد الترقُّب بيروت امس حيال «الخطوة التالية» التي سيقوم بها زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون رداً على التمديد لكلّ من قائد الجيش اللبناني ورئيس الأركان والامين العام للمجلس الأعلى للدفاع، وسط سباقٍ بين استعدادات عون لـ «اندفاعة مضادة» سياسية او شعبية وبين مساعي تفادي انزلاق البلاد الى «أزمة شاملة» في لحظة ارتسام ملامح محاولات اقليمية - دولية، وإن كانت ما تزال في بداياتها، لإخماد «الحرائق» في المنطقة على وهج الاتفاق النووي بين ايران والمجتمع الدولي. ورغم تَعدُّد القراءات حيال الملابسات التي أمْلت إنجاز مسألة التمديد الثلاثي «سلّة واحدة» باعتبار ان وحده منصب رئاسة الاركان استحقّ تاريخ بتّه (كانت خدمة اللواء وليد سلمان تنتهي امس)، مع ما شكّله ذلك من انتكاسة كبيرة لعون الذي يخوض منذ أشهر معركة سياسية «طاحنة» لايصال صهره العميد شامل روكز الى قيادة الجيش، فان حدود «الردّ العوني» على هذه الخطوة تبدو محكومة بمجموعة محاذير داخلية وخارجية يمكن ان تجعله مكبّلاً في تحديد ساحة الردّ وساعته وطبيعته ومداه. وفيما يُرجح ان تستمر الاتصالات مع عون حتى «اللحظة الاخيرة» في محاولة لتوفير مخارج تحفظ له ماء الوجه، باشر زعيم «التيار الحر» امس، عقد اجتماعات لمنسّقي المناطق في التيار لدرسِ الخطوات المقبلة على الأرض، عشية الاجتماع الاستثنائي لتكتل «التغيير والاصلاح» اليوم لحسْم الخيارات، وسط اعتبار دوائر مطلعة في بيروت أنّ قرار وزير الدفاع سمير مقبل بتأجيل تسريح كل من العماد جان قهوجي وسلمان واللواء محمد خير لمدة سنة ينطوي على ما هو أبعد من مجرّد إجراء تقني وأنه يعبّر عن ثلاثة أبعاد: ● الاول خارجي - دولي يريد حفظ استقرار لبنان وتجنُّب كل ما من شأنه تعريضه لاهتزازات او إضعاف المعركة التي تخوضها المؤسسة العسكرية مع الإرهاب. ● والثاني اقليمي وجّه رسالة تَشدُّد الى عون من شأنها ان تؤشر الى مسار مماثل في ما خص حظوظه بالوصول الى رئاسة الجمهورية التي شكّل التمديد لقهوجي «ضربة قاضية» لها، لان تأجيل تسريح قهوجي عزّز حظوظ الأخير كمرشح تسوية رئاسي، كما أظهر زعيم «التيار الحر» منهزماً امامه. ● والثالث داخلي، بدا معه عون وكأنه «مخدوع» وتُرك وحيداً لتلقي تداعيات الانتكاسة الكبيرة التي مُني بها، ولا سيما ان قرار التمديد الثلاثي جاء في غمرة مشروع تسوية كان يجري العمل عليها وسعى الى التسويق لها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم لجهة رفع سن التقاعد للضباط، وهو ما جعل زعيم «التيار الحر» في ما يشبه حالة «استرخاء»، لتكون المفاجأة بتمرير التمديد للمواقع الثلاثة دفعة واحدة وقطع تيار «المستقبل» الطريق على مخرج رفع سن التقاعد، وسعيه الى تسويق صيغة ترقية عدد من الضباط، بينهم روكز، الى رتبة لواء بما يضمن تأجيل تسريحهم، وهو ما سبق لعون ان رفضه قبل التمديد. على ان المعطى الأكثر إثارة في البُعد الداخلي لملف التمديد، حسب هذه الدوائر المطلعة، انه ظهّر مجدداً وقوف عون وحلفائه ولا سيما «حزب الله» على «موجتين مختلفتين» في ما خصّ الاولويات لبنانياً والتي يقيسها زعيم «التيار الحر» وفق «مشروع السلطة» الذي يجاهر به وإن تحت عناوين عدة، فيما يقيسها الحزب بموجب «المشروع الاستراتيجي» الذي ينخرط به في أكثر من ساحة خارج لبنان. فاللافت ان «حزب الله»، بدا وكأنّه سلّم بالتمديد رغم كل الكلام عن دعم عون بموقفه، ذلك ان بيان كتلة نوابه اول من امس تفادى التناول المباشر لهذه المسألة، مكتفياً بتأكيد ان «الاولوية الراهنة هي لملء الشغور في سدة رئاسة الجمهورية ودعم كل مبادرة تسهل استئناف الدور التشريعي لمجلس النواب»، داعياً تيار «المستقبل» الى «فتح الابواب أمام المخارج المطروحة للمسائل المختلف عليها وضرورة ملاقاتها تجنباً لتفاقم المعضلات عوض المضي في سياسة التصعيد والتعقيد التي تطيل الأزمة». وانطلاقاً من هذه الوقائع، التي يفترض ان يأخذها عون في الاعتبار عند اتخاذه اليوم قراره في ما خص طبيعة الردّ على ما يصفه قياديو تياره بأنه «انقلاب متمادٍ على الميثاق والدستور وقوانين الأمة» و«خطوة استفزازية لن تمرّ بلا عواقب»، ترى اوساط سياسية عبر «الراي» ان خيارات عون، الذي يبدو كـ «الأسد الجريح»، محكومة بمجموعة محاذير يمكن ان تجعله، بحال لم يأخذها في الحسبان، يعمق خسائره عوض ان «يلملمها». وهذه المحاذير هي: ● اذا اختار عون الردّ التصعيدي والتصاعدي و«غير التقليدي» في الشارع، فان من شأن ذلك ان ينقل «المواجهة» بينه وبين قائد الجيش الى الشارع ووضْع مناصريه في مواجهة مع المؤسسة العسكرية التي وُلد «التيار الحر» اساساً من رحمها، علماً ان «بروفة» 9 يوليو الماضي حين اصطدم بعض جمهور التيار مع الجيش في محيط السرايا الحكومية خرج منها عون بخسائر طالت صورته كحامٍ وداعم للجيش في «السراء والضراء». وفي السياق نفسه، كشفت تقارير في بيروت ان واشنطن وموسكو أبلغتا مَن يعنيه الأمر ضرورة تجنُّب اي اعتراض في الشارع يمكن ان يهدّد الاستقرار اللبناني او يلحق الضرر بالجيش وهيبته، باعتبار ان الخط الأحمر القائم حيال عدم سقوط لبنان في الفوضى ما زال قائماً وبقوة. ● واذا قرر عون اعتماد الردّ السياسي في الحكومة، لجهة الإمعان في تعطيل عملها من خلال التمسك بحق الوزراء في مشاركة رئيس الحكومة بوضع جدول الأعمال واللجوء الى التوافق الاجماعي على القرارات ورفض بت اي بند قبل التراجع عن قرار التمديد وإجراء تعيينات في هذه المناصب، فان ذلك سيصوّره وكأنّه «ينتقم» من اللبنانيين، ولا سيما ان امام الحكومة مجموعة ملفات داهمة أبرزها النفايات التي ما زالت «تُغرِق» عدداً كبيراً من المناطق والتي تم امس، إنجاز المناقصات المتعلّقة بها حتى في بيروت والتي يحتاج فض العروض فيها وتكليف الشركات الفائزة الى قرار في مجلس الوزراء، من دون إغفال مسألة تحذير وزير المال من امكان عدم القدرة على دفع رواتب القطاع العام بحلول نهاية سبتمبر من دون تغطية سواء من الحكومة او من البرلمان الذي بدا ان قرار التمديد قضى على حظوظ تسهيل عون امكان فتح دورة استثنئاية للتشريع فيه. الجسر لـ «الراي»: عون يتحمّل مسؤولية اللجوء إلى الشارع | بيروت - من آمنة منصور | في مقابل الضجة التي أحدثتها فكرة التمديد للقادة الأمنيين، جاء تنفيذها هادئاً ومفاجئاً بعد توقيع وزير الدفاع سمير مقبل قرار تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جان قهوجي، رئيس الأركان اللواء وليد سلمان والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير. فكَثُرت السيناريوهات عن تسوية من هنا وأخرى من هناك، في حين يتحدث البعض عن أن أجواء رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، الذي كان المعارض الأبرز للتمديد، توحي بأنه تعرض لخديعة بعدما طُرحت عليه تسوية برفع سن التقاعد للضباط، متهماً تيار «المستقبل» (يقوده الرئيس سعد الحريري) بإجهاضها من خلال معارضته لهذا الطرح. وفي هذا الإطار، استغرب عضو كتلة «المستقبل» النائب سمير الجسر في حديث لـ «الراي» «لماذا يُقال هذا الأمر عن «‪‬تيار المستقبل»، وهل تم التصويت على هذه المسألة في مجلس الوزراء، ولو تم التصويت هل كان بإمكان تيار المستقبل وحده تعطيل التسوية؟»، سائلاً: «مين حكي معنا أصلاً عن تسوية؟»، ومشدداً على أن «هذا الكلام غير دقيق أبداً». أضاف: «لسنا الفريق الوحيد في مجلس الوزراء، فأين فريق كل من الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط، الرئيس ميشال سليمان، الكتائب والمستقلين؟»، مؤكداً أن «محاولة«إلباس»هذا الأمر لتيار«المستقبل»خطأ كبير، ويدلّ على وجود نية مبيتة منها». واذ أوضح أنه «وفقاً للدستور بإمكان رئيس الحكومة تجاوز أي تعطيل محتمل من قبل العماد عون ما دام نصاب ثلثي أعضاء مجلس الوزراء متوافر»، قال رداً على سؤال حول ما لمسه وفد «المستقبل» في جولة الحوار الأخيرة مع «حزب الله» عن الدور الذي قد يضطلع به الحزب لإقناع حليفه «التيار الحر» بعدم تعريض المؤسسات لشلل إضافي: «لا أعلم صراحة، ولكن الحزب يقول إنه لا بد من إيجاد تسوية ومخرج، ونحن كنا كلنا نبحث عن مخارج ونطرح طروحات، وبصراحة علمنا بشأن توقيع وزير الدفاع للمراسيم عند خروجنا من جلسة الحوار». وتابع: «حتى لو اتفقنا مع حزب الله على صيغة ما، ماذا سيكون جدواها إذا لم تلقَ قبولاً من الآخرين؟»، سائلاً: «وفي حال تم تعطيل الحكومة، كيف يمكن للمطالبين برفع سن تقاعد الضباط وضع مشروع قانون داخل الحكومة وإرساله إلى المجلس النيابي ومروره باللجان ومن ثم التصويت عليه من الهيئة العامة؟». وتحدث عن آثار رفع سن التقاعد، موضحاً أن «رفع السنّ سيكون له تكلفة مالية رهيبة، فضلاً عن تداعياته على هيكلية المؤسسة العسكرية». الجسر وتعليقاً على إصرار «حزب الله» على رمي الكرة في ملعب «المستقبل» من خلال دعوة الأخير إلى محاورة العماد عون بما يوحي بأن «المستقبل» هو العقبة التي تعترض التوصل إلى تسويات للمشكلات القائمة، قال: «من المؤسف جداً، أن حزب الله يحاول دائماً تأكيد أننا نحن مَن يقرر وأن«المستقبل»يأخذ حقوق الآخرين، فيما هذا الأمر غير صحيح، فهل الرئيس بري والنائب جنبلاط يسيران بطروحاتهم؟»، مذكراً بأن «المستقبل ليس هو مَن يقرر، بل هو جزء من حكومة تضم 24 عضواً، وبالتالي يجب رمي الكرة في كل مجلس الوزراء». ورداً على سؤال عما إذ كانت لديه خشية من لجوء العماد عون إلى الشارع، أجاب: «من الممكن أن يفعلها فهذا شأنه وهو مَن يتحمل مسؤولية هذه الخطوة، التي لا أعلم ما الحكمة منها وبماذا ستفيد في هذا الظرف بالذات».

مشاركة :