مسجد (ابن طولون) في القاهرة، بدأ بتشييده أحمد بن طولون، في عهد الدولة الطولونية، وذلك سنة 263ه/ 876م، وأتمه في 265 ه/ 879م. يقع هذا المسجد في حي السيدة زينب، أما منارته فتعتبر من المنارات المتميزة والفريدة مقارنة مع المساجد المشابهة في مصر. تروي المصادر، أن مئذنة المسجد هي واحدة من أقدم المآذن الموجودة في مصر، حيث تسمى (المئذنة الملوية)، أما المسجد فغلب عليه الطراز السامرائي، نسبة إلى سامراء في العراق، لا سيما وأن الدولة الطولونية، كانت تابعة للخلافة العباسية في بغداد، وانفصلت عنها لاحقاً، وحين جاء السلطان ابن لاجين، قام بإصلاحات معمارية طالت المسجد وتفاصيله الداخلية، ومن ذلك تصميم ساعة تحتوي على 12 طوقاً صغيراً، على عدد ساعات الليل والنهار. شيّد المسجد على مساحة كبيرة، قدرت بستة أفدنة، ولبناء المسجد قصة يرويها المؤرخون، وتفاصيلها تعود إلى شكاية الناس من ضيق المسجد الوحيد وهو (مسجد العسكر) الذي كان يقومون فيه بتأدية شعائرهم الدينية، كان ابن طولون يقيم عند سفح جبل المقطم، حيث شيد المسجد في المنطقة الفسيحة التي تواجه قصره، وهو يعتبر ثالث المساجد في مصر بعد مسجدي عمرو بن العاص و العسكر غير أن تفاصيله أو تخطيطاته المعمارية سواء الداخلية أو الخارجية، هي الأوفر حظاً. في سنة 470 هجرية، الموافق 1077م قام وزير الخليفة المستنصر الفاطمي واسمه بدر الجمالي، بإصلاحات في المسجد، حيث ثبت لوحاً رخامياً في أعلى أحد أبواب الوجهة البحرية، كما شملت الإصلاحات تثبيت محراب من الجص على رواق القبلة، مع زيادة محرابين آخرين من الجص أيضاً، أحدهما بطراز طولوني، والثاني على الطراز الفاطمي. لحقت مسجد ابن طولون إصلاحات عدة، عبر تاريخه الطويل، وربما يعتبر أحدث إصلاح، هو ذلك الذي أمر به الملك فؤاد الأول سنة 1918، ضمن مشروع يشمل ترميم كل ما يتعلق بتفاصيل المسجد، بدءاً بإخلاء الأبنية التي تحوطه، وشمل ذلك تجديد بنائه وزخرفته. يبلغ طول المسجد 138 متراً وعرضه 118 كما طالت جهاته الثلاث (البحرية والقبلية والغربية) زيادات، عرض كل منها 19 متراً، وهو الذي جعل المسجد يبدو محمولاً على رقبة مثمنة الشكل، تستند الى قاعدة مربعة، بها أربع فتحات معقودة وبوسطها حوض للوضوء. زينت القبة الصغيرة في الجزء العلوي الذي يواجه المحراب بمادة الخشب، كما زينت الشبابيك التي تحيط بالقبة بمادة الجص المفرغ المشغول بالزجاج الملون، وبجانب المحراب يقع المنبر وهو مصنوع من الخشب أيضاً على هيئة أشكال هندسية تخللها حشوات زخرفية. يحيط بصحن المسجد أربعة أروقة أكبرها رواق القبلة، زينت بسور القرآن الكريم المكتوبة بالخط الكوفي، وفي المسجد شبابيك متنوعة الأشكال.
مشاركة :