تبادل أسرى استعراضي يغطي على فشل غريفيث في إحياء مشروع كيري للتسوية في اليمن | | صحيفة العرب

  • 10/17/2020
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

عملية تبادل الأسرى التي تمت بين الحكومة اليمنية والحوثيين بإشراف الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي إنجاز جزئي في واحد من أقل ملفات الصراع اليمني تعقيدا، ويستبعد أن يكون مؤشرا على حلحلة قادمة في مسار التسوية الشاملة في اليمن التي يقودها المبعوث الأممي مارتن غريفيث من خلال خطته التي تحمل عنوان “الإعلان المشترك”. عدن - شهدت مطارات كلّ من سيئون بحضرموت شرقي اليمن، وعدن وصنعاء خلال اليومين الماضيين عمليات تبادل أسرى وصفت بأنها الأكبر بين الحكومة اليمنية والحوثيين بعد أن أقلّت طائراتٌ تابعة للصليب الأحمر الدولي في وقت متزامن الأسرى من الجانبين تنفيذا لما تمخضت عنه سلسلة من الاجتماعات التي عقد آخرها في سويسرا بمشاركة ممثلين عن أطراف النزاع في اليمن. واعتبر مراقبون أن العملية بالرغم من بعدها الإنساني، إلا أنّ حملة تضخيم سياسية وإعلامية رافقتها وحسّنت من صورة الجهود الأممية في اليمن التي فشلت في تنفيذ أي من بنود اتفاقات ستوكهولم الموقّعة بين الحكومة اليمنية والحوثيين أواخر العام 2018 بما في ذلك البند الخاص بتبادل الأسرى وهو الملف الذي يعتبره خبراء أقل الملفات تعقيدا بالرغم من فشل ثلاث جولات من الحوار في العاصمة الأردنية عمّان في التوصل لاتفاق يفضي لإطلاق جميع الأسرى والمعتقلين بحسب ما جاء في اتفاق السويد. وتزامنت عملية إطلاق ما يقرب من ألف أسير من الطرفين مع جولة جديدة يقوم بها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث تضمنت زيارة العاصمة السعودية الرياض بهدف تقديم آخر نسخة معدّلة من خطته الشاملة لوقف إطلاق النار في اليمن التي تحمل عنوان “الإعلان المشترك” والتي تشتمل على إجراءات لوقف إطلاق النار وإعادة بناء الثقة ونزع فتيل التوتر العسكري والسياسي وتطبيع الأوضاع الاقتصادية قبل الشروع في مرحلة انتقالية تسند، بحسب مصادر “العرب”، إلى خطة وزير الخارجية الأميركي الأسبق جون كيري والتفاهمات المتعثرة في مشاورات الكويت. ويعتبر مراقبون يمنيون أن صفقة إطلاق الأسرى التي رعتها الأمم المتحدة وبالرغم من كونها خطوة مهمة ساهمت في إنهاء معاناة المئات من الأسرى، لاسيما أولئك الموجودون في معتقلات ميليشيا الحوثي ومن بينهم مختطفون لم يحملوا السلاح، إلا أن العملية شابها الكثير من العيوب، كما يقول المحلل السياسي اليمني ونائب رئيس الدائرة الإعلامية في المجلس الانتقالي الجنوبي منصور صالح الذي لفت في تصريح لـ”العرب” إلى أنّ عملية التبادل أخذت طابعا سياسيا وحزبيا “بالتركيز على ناشطي وأسرى ميليشيا الإخوان في مقابل المنتمين للسلالة الحوثية وإهمال أبرز الأسرى المشمولين بالقرار الأممي 2216 وفي مقدمتهم الوزير محمود الصبيحي”. وردا على سؤال لـ”العرب” حول الأبعاد والدلالات السياسية لهذه العملية، أضاف صالح “لا أظن أن هذه العملية مرتبطة بعملية سياسية شاملة، وإنما يمكن النظر إلى نجاحها فقط من زاوية كونها تحقيقا لمصلحة حوثية بشكل أساسي، فكل أسرى الحوثي مقاتلون وقناصة تم أسرهم في الجبهات وسيعودون للجبهات، في حين معظم أسرى ما يعرف بالشرعية، باستثناء أسرى القوات المشتركة في الساحل الغربي وبعض الجبهات، هم مختطفون من الطرقات ومن منازلهم وليست لهم خطورة على الميليشيات”. واستدرك قائلا “التفاهمات السياسية قادمة لكنها ستكون تفاهمات دولية لوضع حد للحرب، ولن تكون الشرعية طرفا أساسيا فيها، ولذلك تبدو منزعجة وتعمل باتجاه التعطيل، وهذا لا يعني أنه لا توجد هناك تفاهمات بين الشرعية وميليشيا الحوثي، لكنها تفاهمات لا تخرج عن إطار مؤامرات ترعاها قطر وتركيا لتحقيق مصالح لا تصنع حلولا بل تؤسس لمشكلات أكثر خطورة على أمن واستقرار المنطقة”. ووصف المحلّل السياسي اليمني فارس البيل عملية إطلاق الأسرى بالخطوة المجزوءة، لكنه اعتبر تنفيذها هذه المرحلة بادرة حسنة مثنيا على التنفيذ الدقيق دون عراقيل كبيرة. إلا أنّه استدرك بالقول إنّه “لا يمكن التعويل على هذه الخطوة باعتبارها إنجازا كبيرا أو اختراقا مهمّا سيؤسس لحلول قريبة شاملة، ما لم تتغير منظومة التفاوض وأدواته وأطره المجتزأة”. ويبدي ناشطون مقربون من الحكومة اليمنية قلقهم من استمرار الميليشيات الحوثية بالتوازي مع عملية تبادل الأسرى في اختطاف واعتقال المدنيين في مناطق سيطرتها ومن ثم المبادلة بهم في عمليات قادمة. وتعليقا على العملية قال الصحافي اليمني رماح الجبري في تصريح لـ”العرب” إن عملية تبادل الأسرى بين الحكومة والميليشيا الحوثية تعد من الناحية السياسية “أول اختراق للمبعوث الأممي مارتن غريفيث في الأزمة اليمنية بعد عامين ونصف العام من توليه مهامه كمبعوث خاص”. وأضاف “بلغة المكاسب كانت الميليشيا الحوثية أكثر تحقيقا لأهدافها في عملية التبادل وأولها إعادة نحو 700 من مقاتليها وثانيا تجميل موقفها أمام العالم، وثالثا تأكيد موقفها أمام الرأي العام اليمني في مناطق سيطرتها على أنها لم تتخلّ عن مقاتليها في الجبهات على أمل استغلال هذا الموقف للتحشيد والتجنيد لتعزيز جهدها الحربي”. واعتبر الباحث السياسي اليمني سعيد بكران أنّ ملف الأسرى هو أقل الملفات صعوبة، وعمليا جرت عمليات تبادل بين أطراف النزاع خلال السنوات الماضية دون الحاجة لجهد دولي، مشيرا إلى “أن النجاح الدولي في اختراق حالة الجمود والانسداد التي تواجه جهود السلام هو إحدى النقاط المضيئة لهذه العملية”. ولفت بكران في تصريح لـ”العرب” إلى وجود نقطة أخرى تتعلق بشمول العملية للطرف الذي كانت ومازالت الشرعية تصر على استبعاده من أي حضور سياسي أو حضور في ملف المفاوضات وهو طرف المقاومة الجنوبية والوطنية في الساحل الغربي، حيث استطاعت هذه الخطوة، وفقا لبكران، أن “ترسم خارطة واضحة لأطراف الصراع الحقيقي وهم الشرعية والحوثيون والمقاومة الجنوبية والوطنية وهذا أمر هام واختراق جيد يحسب لجهود المبعوث الأممي ويجب البناء عليه لاحقا في الدفع بخطوات إيجابية جديدة”.

مشاركة :