حماس تعتبر التفاوض مع إسرائيل أولى من التفاهم مع عباس

  • 10/20/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لا تزال التفاهمات التي جرى التوصل إليها بين حركتي فتح وحماس في إسطنبول معلقة، حيث لم تقدم الحركة الإسلامية حتى الآن موافقتها الرسمية عليها بحسب فتح، في ظل إيلائها المفاوضات الجارية بينها وإسرائيل برعاية قطرية الأولوية. رام الله – حملت حركة فتح نظيرتها حماس مسؤولية التباطؤ في إجراء الاستحقاقات الانتخابية، من خلال عدم ردها رسميا على التفاهمات التي جرى بحثها بين وفدي الحركتين في إسطنبول التركية في 24 سبتمبر الماضي. يأتي موقف فتح بعد أن روجت قيادات في حماس لضغوط إقليمية تمارس على السلطة الفلسطينية لثنيها عن السير في خيار المصالحة الداخلية، وآخرها التسريب المنسوب لنائب رئيس حركة حماس صالح العاروري، الذي قال، بحسبه، إن ضغوطا خارجية كبيرة يتعرض لها الرئيس محمود عباس، لافتا في الوقت نفسه إلى صعوبة إعادة بناء الثقة مع فتح والسلطة. وتحتل المفاوضات الجارية مع إسرائيل برعاية قطر، الأولوية على ما يبدو بالنسبة لقيادات حماس على حساب المصالحة مع فتح والتي لا تزال محل أخذ ورد في أروقة الحركة الإسلامية، وهو ما ظهر بشكل واضح في تسريبات العاروري. وفيما بدا مسعى لوضع الحركة الإسلامية أمام التزاماتها أعلن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح روحي فتوح، في لقاء على التلفزيون الرسمي، “إننا في اللجنة المركزية للحركة وافقنا بالإجماع على التفاهمات التي جرى التوافق عليها في إسطنبول، وما زلنا ننتظر موافقة المكتب السياسي لحماس، وأن تخاطب الرئيس محمود عباس، لإصدار مراسيم من قبل سيادته بإجراء الانتخابات”. وأضاف فتوح، في المقابلة التي جرت مساء الأحد، “إنه حتى الآن ما زال أمامنا أمل في أن يتم إنجاز ما تم التوافق عليه مع الأخوة في حماس في إسطنبول، وتحركنا في أنه يجب أن نطرح هذه التفاهمات على القوى والفصائل الفلسطينية، وجميع الفصائل باركت هذه التفاهمات في دمشق ورام الله”. وقال إن “الجميع وافق على أن يشارك في الانتخابات التشريعية، ومن لا يوافق لا يضع عراقيل، في حين يشارك الجميع في الانتخابات الخاصة بالمجلس الوطني، ونحن ننتظر الجواب الرسمي من حركة حماس”. ويرى مراقبون أن خروج القيادي في فتح روحي فتوح عبر التلفزيون الرسمي والتلميح إلى مماطلة حماس في إعطاء ردها المكتوب على التفاهمات يهدف إلى إحراج الأخيرة، في ظل المؤشرات عن ترددها في السير في الانتخابات العامة. ويلفت المراقبون إلى أن موقف حماس الضبابي قد يكون في علاقة بالمفاوضات الجارية مع إسرائيل برعاية قطر، والتي تهدف إلى تحقيق هدنة طويلة الأمد بين الطرفين، في مقابل تقديم الدوحة مساعدات سخية للحركة الإسلامية. وكانت وسائل إعلام إسرائيلية على غرار صحيفة “معاريف” كشفت الجمعة عن برنامج مساعدات قطري مجز لقطاع غزة، سيتم بالتنسيق مع إسرائيل. وأفادت الصحيفة العبرية بأن تل أبيب تولي اهتماما خاصا للتوصل إلى تهدئة طويلة المدى وليس لفترة قصيرة فحسب مع قطاع غزة، مشيرة إلى أن قطر شريك أساسي في المحادثات التي تجري مع حركة حماس ودول أخرى. ويأتي تواصل حماس مع إسرائيل في وقت تشهد فيه العلاقة بين رام الله وإسرائيل شبه قطيعة، بعد إعلان السلطة في أغسطس الماضي عن وقف التنسيق الأمني بينهما، وليس من المستغرب وفق البعض أن تحاول حماس وراعيتاها الإقليميتان قطر وتركيا استغلال هذا الوضع لطرح الحركة كطرف مستقبلي قابل للتفاوض معه، في حال نجح الطرفان في التوصل إلى هدنة مطولة. ويشير المراقبون إلى أن محاولات حماس الإيحاء بأن التعثر الحاصل في المصالحة الداخلية يقع على فتح، هي مسعى للتملص من أي مسؤولية عن اخفاق في السير قدما في هذا المسار، لاسيما مع رهانها على وجود اعتراضات في داخل الأخيرة على جملة من التفاهمات لعل أبرزها الدخول في قائمات مشتركة معها في الاستحقاقات الانتخابية. وأوضحت مصادر فلسطينية لـ”العرب” أن التفاهمات التي جرى التوصل إليها بين الحركتين في إسطنبول تتمثل في إقامة الانتخابات على جميع الاقتراعات التشريعية والمحلية والرئاسية بشكل متتال، وتكون متدرجة في توقيتاتها الزمنية، من خلال قائمة مشتركة بين الجانبين، وهو أمر ترفضه قواعد حركة حماس، ويلقى معارضة من قبل قواعد في حركة فتح أيضا، في ظل اختلافات كبيرة في البرنامج السياسي لكل من الحركتين. وأشارت المصادر ذاتها إلى أن تفاهمات إسطنبول تعني التوصل إلى صيغة محددة حول آلية إجراء الانتخابات وأماكن إقامتها، وأنهما اتفقتا على أن تُجرى الانتخابات في القدس المحتلة، وفي حال تعثرها يكون الارتكان للتصويت الإلكتروني، وثمة توافقات كاملة داخل حركة فتح على هذا الأمر، وتعد الكرة حاليا في ملعب حماس التي ستكون مطالبة بتقديم موافقة كتابية قبل الانخراط في الترتيب للانتخابات. وكان صالح العاروري تحدث في التسريب المنسوب إليه مؤخرا عن أن هناك اتفاقا على قائمات مشتركة بين الطرفين، معتبرا أن الانتخابات ليست الحل للأزمة الفلسطينية بل هي إجراء للدفع نحو تحقيق هذا الهدف. وتحدث العاروري عن أن هناك عدم ثقة في قيادات فتح جراء الممارسات السابقة، وأن هناك مخاوف لدى حركته من عودة التنسيق الأمني بين السلطة وإسرائيل وما يعنيه ذلك من عودة التضييق على حماس لاسيما في الضفة الغربية. ولفت العاروري إلى أن الحركة الإسلامية تنظر إلى مسألة المصالحة الداخلية على أنها ضرورة فرضتها المتغيرات، لاسيما مع حديث خارجي عن بديل عن السلطة الحالية، ستكون حماس متضررة منه أيضا. وقال الناطق باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح عماد محسن إن بعض التوقعات تشير إلى اتفاق مبدئي بين الطرفين على تشكيل حكومة وحدة وطنية، وشراكة كاملة في أثناء الانتخابات وعقب نهايتها، واستعادة زمام المبادرة من جانبهما لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي عبر سلاح المقاومة الشعبية. وأضاف لـ”العرب” أنه لا خلاف بين الفلسطينيين على التفاهمات في شكلها الظاهري، غير أن خطورتها تكمن في التفاصيل، والأجندة التي سينفذها كل طرف بالتوافق مع الآخر، لأنها تخدم بطبيعة الحال القوتين الراعيتين للتوافق الجديد، وهما تركيا وقطر، ما يعني أن التقارب يستهدف تحقيق مخططات سياسية بعيدة عن جوهر القضية الفلسطينية. وتوقع أن يفشل الطرفان في المضي قدما في مسار ترميم العلاقات بينهما لاسيما في غياب الدور المصري، باعتباره الطرف الوحيد القادر على لملمة جميع الفصائل الفلسطينية، ولديه من الخبرات السابقة ما يجعله مؤهلا للقيام بهذه المهمة في الوقت الحالي، على حد تعبيره.

مشاركة :