السيارات الذاتية القيادة لفترة طويلة ضربا من ضروب الخيال العلمي، لكن ربما يتحقق الآن الأمر على أرض الواقع، ونرى تلك السيارات على الطرق في بريطانيا ومناطق أخرى في العالم. والحكومة البريطانية مهتمة بضخ استثمارات في هذا المشروع، وتعمل ثلاثة تحالفات تضم شركات استشارات وجامعات على إنتاج نماذج من تلك السيارات في عدة مناطق، غرنيتش وبريستول وكوفنتري وميلتون كينز. لكن هناك بعض ما يجب أن يفعلوه، فخلال الأعوام الستة الماضية، جابت سيارات غوغل، الذاتية القيادة، طرقات وشوارع كاليفورنيا وتكساس، لكن كان هناك سائقون بداخلها مستعدون لتولي القيادة في حال حدوث أي طارئ. وقطعت السيارة أكثر من مليون ميل من تجربة القيادة الذايتة، ووقعت 14 حادثة (وقعت بصورة أساسية من الخلف بسبب سائقين غير منتبهين)، وكميات هائلة من البيانات حول هذا النوع من النقل. ويبدو بالنسبة للغرباء، ممن لا يعرفون ما يجري، أن غوغل اقتحمت مستقبل السيارات، بالرغم من وجود نموذج بدائي في متحف تاريخ الحاسوب في ماونت فيو، بوادي السليكون في كاليفورنيا، جلست داخلها الصيف الماضي. السيارات الذاتية القيادة لديها في الواقع إمكانيات هائلة، وهناك نظرية تشير إلى أن إبعاد البشر عن مقعد القيادة في السيارات يمكن أن يحد من وقوع الحوادث بصورة شبه كاملة، كما أن الأشخاص الذين لا يستطيعون القيادة يمكنهم استخدام هذه السيارة كوسيلة مواصلات. ويمكن لتلك السيارة أن تزيد الكثافة على الطرق إلى حد بعيد، وتنهي عناء البحث عن مكان لركن السيارة في الشارع، ويمكن بشكل كبير تقليل تكلفة النقل البري عن طريق استبدال سيطرة الكمبيوتر بسائقي الشاحنات. ويمكنها أن تحول طرقنا إلى قنوات كبيرة من الاتصال المخطط له بإحكام، من خلال مركبات تتحرك بالقرب من بعضها البعض في طرق وممرات تشبه تلك التي تتحرك خلالها المعلومات في أنابيب الألياف البصرية عبر شبكة الإنترنت. ودائما ما يقلق المتخصصون في تكنولوجيا المعلومات من الفوضى العشوائية للطرق العادية والسريعة، ويفكرون الآن في حاجة طرق النقل البري لتطوير رقمي حقيقي. عقبات قانونية وأحد أكثر المخططات اللافتة للانتباه يوجد في ميلتون كينز، حيث يهدف مشروع القيادة الذاتية لنشر مجموعة من المركبات الكهربائية الصغيرة الذاتية الحركة. فبعد الوصول إلى محطة القطار، تجد مركبة تشبه قمرة القيادة الزجاجية الصغيرة، تتسع لشخصين، وتسألك أين تريد أن تذهب (وذلك في نطاق عناونين محدودة بوسط المدينة)، وذلك باستخدام الهاتف الذكي وبدون أي تدخل في القيادة. وصممت المركبات الزجاجية لاستخدام الأرصفة الواسعة في ميلتون كينز، وليس الطرق، حيث لا يسمح القانون للمركبات الذاتية القيادة باستخدامها. وتكمن المشكلة في أن استخدام تلك المركبات الموجهة على الأرصفة سيتطلب تغيير القواعد المعمول بها أيضا. وإذا كان ركوب المركبات المتحركة على الأرصفة غير قانوني، فهو أمر غير قانوني على الطرقات، لكن ليس هناك شك في حل المشكلات القانونية المتعلقة بالمركبات الصغيرة. وتعد تلك المركبات الزجاجية الصغيرة جزءا من عمليات تهيئة وتعريف كبيرة، ضرورية لتمهد الطريق أمام قبول السيارات الذاتية القيادة، ليس فقط من جانب المستخدمين بالداخل، ولكن أيضا للمواطنين في الشارع وعلى الأرضفة. إنها قضية تتعلق بالثقة. ولكن ما هي القوانين التي يجب أن تتغير ليكون هذا ممكنا؟ وما هي اللوائح المحلية؟ وماذا سيكون دور شركات التأمين في عالم وسائل النقل الذي تكاد فرص وقوع الحوادث تختفي فيه، بسبب قيادة أجهزة الكمبيوتر الذكية؟ والسؤال الكبير هو من لديه الأفضلية لصناعة مركبات حقيقية ذاتية الحركة؟ هل شركات صناعة السيارات الحالية أو شركات التكنولوجيا التي تريد إيجاد موطئ قدم في هذا السوق، مثل غوغل أو تسلا مع القليل أو حتى بدون أي اسثتمارات في مجال تصنيع محركات السيارات؟ تغير تدريجي وسوف يستغرق الأمر - بنظرة موضوعية - وقتا أطول لتصبح السيارات الذاتية القيادة هي القاعدة، والجمع بين هذه السيارات وسائقين من البشر سوف يكون صعبا جدا. لذلك يجب التطلع أولا إلى الشاحنات الذاتية القيادة التي تقوم برحلاتها الروتينية بين المستودعات، وتوفر تكلفة النقل بالشاحنات العادية بنسبة 80 في المئة إذا كان بالإمكان الاستغناء تماما عن السائق البشري. وتعطي تجربة شركة فولفو لنموذج شاحنة ذاتية القيادة في غوتنبرغ بالسويد، المقررة في عام 2017، لمحة حية أخرى عن المستقبل. وهذه السيارات لن تتمكن من الذهاب لكل مكان لعدد من السنوات. ولكن قد يكون من السهل نسبيا معالجة الجزء الرئيسي من الرحلة. وسيقود السائق السيارة إلى الطريق السريع، ثم ستتولى بعد ذلك قيادة نفسها ذاتيا مما يسمح للسائق بالقراءة والنوم أو إعداد نفسه ليوم عمل طويل. وبالاقتراب من المدينة بفوضويتها، فسوف تعود السيارة لسيطرة السائق، أو تتوقف بأمان وتنتظر السائق ليتولي الأمر. وفي الوقت نفسه، ستتحول السيارات العادية إلى ذاتية القيادة جزءا وراء آخر، سواء بالتحكم بالتجول، ثم إلى المساعدة في ركن السيارة بالشارع والتحذير من الاصطدام. إنها تتجه لتصبح بمثابة أجهزة الكمبيوتر مرفقة بعجلات. وسيتطلب الأمر عقودا قبل أن تصبح السيارات الذاتية القيادة هي القاعدة، ولكن الأجزاء والقطع التي تجعلها قابلة للاستمرار تقريبا يمكن أن تظهر علينا على حين غرة تقريبا - مع انخفاض أقساط التأمين، كما يقولون.
مشاركة :