قال السفير الدكتور محمد حجازى مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن انعقاد القمة الثلاثية بين مصر وقبرص واليونان للعام الثامن على التوالي يؤكد مدى استقرار ونجاح تلك الآلية منذ إطلاقها عام 2014، مشددًا على أن البلدان الثلاثة قدمت نموذجًا ناجحًا للتعاون يحتذى به في منطقة شرق المتوسط بإبرام اتفاقيات حول ترسيم الحدود البحرية وفقًا لقواعد القانون الدولي. وأوضح السفير محمد حجازي -في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الخميس، تعقيبًا على القمة الثلاثية التي انعقدت في العاصمة القبرصية نيقوسيا بين الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، والرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس، ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، حول التعاون بين مصر وقبرص واليونان، أن تلك الآلية الثلاثية أثبتت أن التعاون هو أساس للاستقرار الإقليمي والأسلوب الأمثل لإدارة الموارد بشكل مشترك يضمن تحقيق كل دولة لأهدافها في استثمار ثرواتها.ورأى أن توافق الرؤى بين الدول الثلاث انعكس، في المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقد عقب القمة الأربعاء، حيث أكد خلاله القادة الثلاث أهمية استمرار تطوير اتفاقيات التعاون السياسي والاقتصادي والعسكري ضمن هذه الآلية الثلاثية الاستراتيجية وتعزيز تنفيد الاتفاقيات الموقعة في مجال النقل البحري وإدارة الموانئ والصيد والزراعة وغيرها من الأنشطة التجارية والاستثمارية الهامة. وأشار إلى أن القمة ركزت أيضًا على إدانة ورفض الاستفزازات والانتهاكات التي تمارسها دول إقليمية في تعد واضح وصريح على القانون الدولي وعلى السيادة الوطنية لدول الجوار، مضيفًا أن تلك السياسة التصعيدية مارستها تركيا خلال الأشهر الماضية وأدت إلى زعزعة الاستقرار بالمنطقة وكادت تهدد باندلاع حرب مع اليونان في شرق المتوسط، بحانب تدخلاتها السافرة في ليبيا عبر دعمها للإرهاب والمليشيات المسلحة الأمر الذي كاد، لولا التدخل المصري، أن يؤدي إلى انفجار الموقف واستمرار الصراع بين أشقاء الوطن الواحد، ما يعد خرقًا لمسارات الحل السياسي التي اتفقت عليها الأطراف الدولية في برلين والتي دعمتها مصر بإعلان القاهرة.ونوه، في هذا الصدد، بأن تمسك مصر بخط سرت- الجفرة كخط فاصل بين الأطراف المتحاربة وتثبيت وقف إطلاق النار أدى إلى إطلاق العملية السياسية التي تحقق نجاحات في العديد من المدن والعواصم. ولفت إلى أهمية إدانة القمة الثلاثية لدعم التطرف والإرهاب ونقل المقاتلين الأجانب والمليشيات المسلحة عبر تركيا إلى مناطق النزاع من المسرح السوري إلى المسرح الليبي، مذكرًا بأن تصدي مصر لذلك قاد ليبيا إلى البحث عن الحل السياسي ورفض الحلول العسكرية، ونجحت مصر بالدبلوماسية الفاعلة الإقليمية والدولية في محاصرة الموقف التركي في شمال إفريقيا وفِي ليبيا تحديدًا.وأشاد حجازي برؤية مصر تجاه ترسيم الحدود البحرية كأساس للاستفادة من ثروات المنطقة حيث أثبتت كفاءتها ونجاحاتها وحققت من خلالها مصر وقبرص واليونان أهدافها، قائلاً : "ولم تتعد أي من اتفاقيات ترسيم الحدود على الحقوق التركية التي عليها أيضًا أن تبحث عن أسلوب للتواصل من خلال الحوار وإعمال قواعد القانون الدولي لاتفاقيات مشابهة مع جيرانها حتى يكون استفادتها من الثروات وفقًا لقواعد القانون الدولي وليست عبر الاستفزازت وانتهاك السيادة الوطنية لدول الجوار والدفع بالموقف لمزيد من التوتر".ونوه بأن مصر قادت، خلال الفترة الماضية، منتدى شرق المتوسط إلى وضع النظام التأسيسي لمنظمة غاز شرق المتوسط التي تضم العديد من بلدان المنطقة، مما دفع إطارًا جديدًا للتعاون أساسه القانون الدولي والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشئون الداخلية وتطبيق القرارات الأممية التي تقود للأمن والاستقرار في المنطقة.وتابع: "ومن هنا كان مناسبًا أن يتناول قادة البلدان الثلاثة الرؤية الشاملة لتسوية القضية القبرصية وفقًا لقواعد القانون الدولي ومقررات مجلس الأمن لتوحيد شطري الجزيرة كمدخل وحيد لتحقيق أمن واستقرار المنطقة والسماح لكل الأطراف بالاستفادة من ثروات المتوسط"، لافتًا إلى تناول ظاهرة الهجرة غير الشرعية خلال القمة الثلاثية والإشادة بجهود مصر لاستضافة نحو ٥ ملايين لاجئ على أراضيها.وقال إن تلك القمة الثلاثية التي تعقد بشكل مستمر كل عام تعكس اتفاق الأطراف على إطلاقها كآلية سياسية واسترايجية واقتصادية وعسكرية وثقافية، تعمل من أجل تحقيق النماء ودعم قطاع الزراعة والنقل والسياحة والطاقة.وأشار إلى تأكيد الزعماء الثلاثة التزامهم الاستفادة من ثروات غاز المتوسط من خلال التعاون واحتفاظ كل دولة بحقوقها السيادية على مياهها الإقليمية ، ليقدموا كذلك نموذجين ناجحين لتعيين الحدود البحرية وفقًا لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، مضيفًا أن تلك الاتفاقيات تعكس الإرادة السياسية لتحقيق الخير والتعاون والنماء من أجل الاستفادة المتبادلة بالثروات في إطار منظومة من التعاون الإقليمي.ورأى أنه كما كان الفحم والصلب أساسًا لبناء الاتحاد الأوروبي فمن الممكن أن يكون غاز المتوسط هو الأساس الذي تنطلق من خلاله منظمة غاز شرق المتوسط لتقود دولها لمزيد من التنسيق السياسي والتعاون الاقتصادي والأمني والاستراتيجي للتصدي للتحديات التي تواجه شرق المتوسط وجنوب أوروبا وشمال أفريقيا أو تهدد المتوسط في جملته على رأسها ظاهرة الهجرة غير الشرعية والإرهاب وممارسة بعض الأطراف لاستفزازات عسكرية وانتهاك سيادة دول الجوار.وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق ، أهمية تعزيز الاستفادة من قدرات المنظمة الجديدة والعمل المشترك من أجل مد أنابيب وتسييل الغاز الطبيعي كمحرك للتنمية ولتحقيق مزيد من التفاهم السياسي والاستقرار في الإقليم اللازم للاستفادة من تلك الثروة التي يجب أن تكون ملكًا للجميع وفقًا لقواعد القانون الدولي وفي إطار الاحترام المتبادل للسيادة الوطنية للدول وحسن الجوار.
مشاركة :