بلادي جزءٌ لا يتجزأ من الوطن العربي

  • 8/10/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

للمقارنة بين المواقف الوطنية التي ترفض الاستقواء بالأجنبي فلا تنزلق إلى مصيدة المغريات التي ثمنها خيانة الوطن، وتلك المواقف الانتهازية المتقاطعة مع القوى الخارجية والملتزمة أحياناً بمشاريعها المشبوهة خلافاً لمصلحة الوطن، فإن حركة هيئة الاتحاد الوطني في البحرين لم تكن قد تأسست في عام 1954 كحركة انقلابية لإسقاط الحكم الخليفي لذلك لم تعتمد في حركتها على أي دعم أجنبي، وإنما انطلقت بروح وطنية خالصة لوأد الفتنة الطائفية، التي تم افتعالها من قبل أعوان المستعمر الأجنبي بتحريض منه، مع المطالبة ببعض الإصلاحات الاجتماعية والسياسية، فنجحت في توحيد المكونات الاجتماعية تحت قيادتها في مواجهة الاستعمار البريطاني. وبهذا الموقف الثابت على الولاء للوطن رفضت قياداتها، حتى بعد نفيها للخارج، كل ما قُدم لها من المغريات، سواء التي حاولت أن تحتويها للتدخل في شؤون الوطن ومواصلة الهيمنة عليه، أوتلك التي أدّعت زوراً وبهتاناً بحقٍ ليس لها ترجو أن تحل به كقوة استعمارية أجنبية بديلة، نيابة عن الاستعمار البريطاني بعد رحيله، كما تبين في مطالبة إيران التي دحضت أباطيلها بتقرير الأمم المتحدة بعد تقصّي الحقائق في عام 1970. يقول عبدالرحمن الباكر سكرتير هيئة الإتحاد الوطني في مذكراته: قبل سفري من البحرين اتصل بي اللفتنانت كومندر انكلاند وهو ضابط بحري أمريكي ورئيس شعبة المخابرات الأمريكية في الخليج والشرق الأوسط ومركزه البحرين. وقال لي: علمت أنك مسافر الى بيروت وإني أودّ مقابلتك هذا المساء في بيروت في فندق أكسلسيور وسأكون في انتظارك في الساعة الثامنة والنصف......... التقيت به في المساء في بيروت، وأبلغني ان الحكومة الأمريكية مستعدة ان تدفع لي اي مبلغ اريد، وان لها مخططاً خاصاً في منطقة الخليج، وإذا أمكنني التعاون معهم فإنهم سوف يضغطون على الإنجليز للتسليم بجميع مطالب الهيئة وتنفيذها، فإذا كنت تريد أن تنجح قضية البحرين فضع يدك في يدنا فأجبته بالرفض وقلت لا أستطيع أن أجعل من قضية البحرين الداخلية سلّماً لمطمع شخصي أو تدخل أجنبي وأنا غير مستعد أن أبحث هذا الموضوع. هذا نموذج سني للمعارضة الوطنية التي لم تقبل المساومة مع الأجنبي في قضايا الوطن، أما النموذج الآخر فهو نموذج للمعارضة الوطنية الشريفة في الجانب الشيعي ومن شريحة رجال الدين بشكل عام، هو القيادي البارز بهيئة الاتحاد الوطني السيد علي كمال الدين الذي يذكر له الأستاذ راشد الغائب، تحت عموده تيارات بجريدة البلاد في عدد الثلاثاء الماضي الرابع من هذا الشهر، موقفاً وطنياً مشرفاً نقلاً عن نجله الاستاذ محمد حسن كمال الدين فيقول: أقتبس حواراً جرى في العام 1957 بين السيد علي كمال الدين، ومبعوث من شاه إيران في النجف الأشرف بالعراق: يا مولانا صاحب الجلالة الشاه يخصكم كثيراً بالسلام ويتمنى لكم دوام الصحة، يعلم الشاه ما أصابكم من الإنجليز لهذا يدعوك أن تأتوا الى ايران معززين مكرمين، إن الشاه سيكرّمكم بأن تكونوا عضواً في البرلمان الإيراني، بحيث تشغلون المقعد الشاغر الخاص بلواء محافظة البحرين، وبعد أن اعتذر السيد عن قبول الدعوة طلب منه المبعوث إبداء سبب الاعتذار أجابه السيد: إنني من حيث المبدأ لا أقرّ، ولا أعترف، أن البحرين تابعة للدولة الإيرانية، ولم تكن كذلك بأي شكل من الأشكال على مدى تاريخها الطويل، وبلادي جزء لا يتجزأ من الوطن العربي الكبير، فكيف يريد الشاه أن تصبح عن طريقي تابعة لإيران؟......... هذه هي المواقف الوطنية للمعارضة الشريفة، التي سطرها قادة هيئة الاتحاد الوطني في الخمسينيات من القرن الماضي، وهي ذات المواقف المبدئية التي لم تنحرف عنها لاحقاً كل القوى السياسية الوطنية، فتمسك بها شعب البحرين بالاجماع في السبعينيات عندما أدحض أباطيل الدعيّ الأجنبي متمسكاً بعروبته، بتأكيد مبايعة النظام العربي القائم بقيادة المغفور له سمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أمام لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق. تلك الروح الوطنية العربية هي التي كانت سائدة، وما عداها كان منبوذاً ومكروهاً ذلك الذي يتخبطه بها الشيطان. أما في هذه الايام فهناك قلّة ممن لعبت بعقولهم التخرّصات الأجنبية فانحرفت بهم رياح التيه في بحرٍ من الأوهام أضاعوا فيه طريق عودتهم إلى الصواب، فاصبحوا يبررون للأجنبي تطاوله على الوطن، تارة باعتبار ادعاءاته الباطلة نصيحة وإن حملتها خطابات وتصريحات عدائية على الملأ، متناسين بأن النصيحة لا تكون إلا بين الناصح والمقصود بها فقط، وتارة أخرى بمقارنة بغي الأجنبي علينا بما يقوم به الأشقاء لحمايتنا من ذلك البغي.

مشاركة :