تمثل رواية "رحلة الدم" للروائي المصري إبراهيم عيسى حالة سردية خاصة على قدر كبير من الثراء الجمالي والدلالي، فهي في تقديرنا واحدة من أهم الروايات العربية ثراءً على المستوى الفكري وفي تقديرنا كذلك أنه لا يمكن اختزال رسالات هذا الخطاب السردي في مقولة معينة أو قضية أو زاوية فكرية بعينها أو هدف دلالي محدد وصارم، فهي تطرح عديد الأسئلة والتصورات والآراء المتفاوتة بين المباشر وغير المباشر أو بين الصريح المعلن وما يتم الهمس به من بين السطور أو ما وراء الحكاية وبنيتها وعالمها المتشعب المتناثر.من الناحية الجمالية هي رواية مشهدية تستثمر بكل قوة طاقات تخييلية كبيرة تشكل منها سردا روائيا أقرب إلى التفصيل الدرامي التلفزيوني أو السينمائي أو التصوير والتسجيل بالكاميرا التي هي في غاية الوعي فيما يخص انتقاء التفاصيل والمشاهد الدالة وترتيبها أو رصها وصفها وفق بناء خاص هو جزء من رسالة الخطاب وجزء من الإستراتيجية التي يسير وفقها لتحقيق منجزاته الجمالية وبالتحديد ما يخص التشويق أو صناعة المفارقات وتكشُّف ملامح الشخصيات وأسرارها وتناميها بشكل تدريجي يظهر بعض المفاجآت التي تكسر توقعات المتلقي أو تغايرها.هي واحدة من أكثر الروايات تشويقا برغم اعتمادها على وحدات تاريخية حقيقية أو مترددة بكثرة في المرويات التاريخية، والمفاجآت والتشويق يأتي من التتبع النفسي العميق لتكوين هذه الشخصيات التاريخية التي تتجلى بملامح إنسانية كاملة ومرسومة بشكل تفصيلي ووفق ميزان خاص. والحقيقة أن هذه الرواية لتثير العجب فيما يخص موقف المتلقي العربي منها أو بالتحديد موقف قطاع عريض من المتلقين الذين يعبرون عن حال من الجمود والتطرف ويكشفون عن موقف سلبي من الثقافة والسرد والتخييل وموقفهم العام من الفن أو العقل. فهذه الرواية في تقديرنا تلتزم التزاما كبيرا بحقائق التاريخ، بل يمكن القول بأنها لم تغايره أو تخرج عنه في كل ما هو جوهري أو في الأحداث الكبرى والأساسية، حتى في كثير من التصرفات الشخصية لكثير من الصحابة، فهي مؤسسة بشكل كامل على المروي في كتب التاريخ، وقد أجاد الكاتب كثيرا حين أصر على التنبيه لكون ما ورد في الرواية هو الحقائق التاريخية التي في أهم كتب السير والتاريخ الإسلامي في صدر الإسلام. نعم يتجاوز خطاب الرواية الخطوط الرئيسية ولكن ذلك يتم لا للمغايرة أو الهدم بل لمزيد من التعمق في قراءة هذه الأحداث وتلك الشخصيات التاريخية واستبطانها من الناحية النفسية واستكمال الغائب من ملامحها في ضوء المروي والثابت أو المذكور من أفعالها وتصرفاتها، ليكون الناتج النهائي أنها تطرح علينا نماذج إنسانية كاملة الملامح وعالما روائيا نابضا وحيويا ومشوقا ومحفزا على إعادة قراءة التاريخ، وإني لأتصور أن أي قارئ كاره لهذه الرواية ربما يعجز عن تكذيبها أو تخطئتها في أي حدث تاريخي مهم أو بارز، فيبدو أنه ليس هناك من عمل للكاتب غير التشكيل الجمالي، وأن مساحة التخييل مقصورة على التفاصيل الحياتية والإنسانية الهينة، وأن الإنجاز الأكبر إنما هو في العودة إلى كتب التاريخ واستعادة هذه الحقائق والمرويات والعمل على استنهاض الملامح الكاملة لذلك العالم القديم وتفاصيله وبث الروح فيه ليعاد مرة أخرى ويكون صالحا للقراءة والتأمل فضلا عن أن يكون صالحا للمتابعة الجمالية، ويكون المتلقي مندمجا فيه إلى أقصى درجات الاندماج والتماهي مع تفاصيله وأحداثه وشخصياته.ولا يمكنني تصور أين تكمن الإساءة لشخصيات هذه الرواية التاريخيين وأين يكمن الحط منهم، فكل ما فيها من الأحداث المهمة والمفصلية هي أحداث حقيقية بحسب مقولات المرويات التاريخية المتواترة والتي لا يملك كثيرون من المتشددين إنكارها إلا إذا أنكروا ثقافة كاملة كانت قائمة على المرويات وكثيرا من النصوص الدينية التي جاءتنا من الطريق ذاتها. عموما مثل هذه الروايات الثرية والجريئة هي بالأساس مقياس على ما قد يكون العقل العربي قد وصل له من الجمود والعنف والصلابة والانغلاق، وهذا في تقديرنا واحد من منجزات هذه الرواية التي يبدو خطابها كاشفا ولو من قبل قراءته، حيث إنها تشكل حالا خاصة وتكشف المعاندة العقلية لمجرد كونها مؤسسة على عالم الصحابة والتابعين، ولهذا هي مبدئيا تستحق عظيم الاحتفاء لجرأتها في مواجهة جمودنا ولما يتجسد فيها من معيار ثقافي كاشف عن ظواهر سلبية في تلقينا للتخييل وإعادة قراءة التاريخ. هذا فضلا عن قيمتها الفنية العظيمة وقدر ما تمنح من متعة خاصة ببنائها وبمقولاتها الصغرى أو معطياتها الدلالية التي تتشكل بداخل الخطاب.هذه الرواية من الناحية الفنية تتأسس على عالم خصب وثري تتلاطم فيه الأفكار والآراء ووجهات النظر والرغبات الإنسانية ويبدو من البداية ذكاء منشئها في إحساسه بخصوبة الفترة التاريخية التي عاد إليها، فهي تذهب بصفة عامة إلى مساحة تاريخية فيها صراع على أساس عقدي أو ديني سواء عند المسلمين أو السميحيين، وتقارب نقطة التقاء الدينين تاريخيا في هذا الصراع الداخلي لكل دين أو بينهما معا. فهي مسألة أقرب لنقطة التقاء الماء العذب بالمالح أو بؤرة تشكل المفارقات بصفة عامة، وهذه المساحات التاريخية والحقب التي تتناطح فيها الأفكار أو تتلاطم وتتصادم هي الأكثر ثراء من الناحية الإنسانية لأن فيها تنكشف التكوينات النفسية العميقة للبشر ويتجلى فيها اختلافهم وتفاوتهم وتتعرى العقول والأفكار وتتجسد في أحداث كبرى مهمة والسارد الأكثر ذكاء هو ذلك الذي يستثمرها أو يقتنصها ليقيم عليها عالمه الروائي.هذه الرواية الفاتنة برغم التزامها بالأحداث التاريخية تبدو كما لو كانت مصنوعة وذلك لكونها تطرح علينا نماذج إنسانية فريدة، فكل شخصية هي دالة على فكرة أو دالة ورامزة لنموذج ما، الأمر أشبه بكتابة نجيب محفوظ حين كان يجعل من كل شخصية دالة على نمط معين، فهنا لدينا كذلك الشخصيات التاريخية من الصحابة والتابعين برغم حركية كثير منهم وتحولاتهم يبدون أنماطا ونماذج دالة ليست على طابع فردي بل على سمت إنساني عام، وقد يكون هذا هو الغاية الحقيقية لأي سرد أن يطرح نمطا إنسانيا عاما عبر نموذج فردي أو حالة شخصية. فكل حكاية أو قصة أو شخصية في أي سرد إنما تكتسب قيمتها الفنية من قدر انطباقها على العام أو قدر ما تمنح من معنى عام أو يتجلى فيها من معنى إنساني مطلق، ولهذا تكون مهمة للعربي أو لغيره وتكون صالحة للترجمة وصالحة لكل زمن فنرى فيها أنفسنا أو نرى فيها ذواتنا برغم اختلاف العصر واختلاف الحدث أو التفاصيل. شخصية عبد الرحمن بن ملجم المرادي مثلا هي الشخصية الأكثر أهمية في الرواية والأكثر ثراء برغم وجود عديد الشخصيات المهمة الأخرى، ونتصور أن أهمية شخصية المرادي لكونها كاشفة عن نمط ممتد في الفكر الديني عموما وفي الإسلام بشكل خاص، نموذج ذلك العقل السلفي الجامد الذي يفهم الدين فهما حرفيا ويختار الوصول إلى الله بالقسوة والعنف والدم وليس مجرد الوصول، يختار كل طريق صعبة ويفهم أن الإسلام هو دائما كل شظف وقسوة وترك للنعمة أو زهد فيها وأن الإسلام هو المعاناة، والحقيقة أن التأصيل الجذري والتاريخي للرواية لهذه الشخصية تجعلها نسيجا متكاملا ولوحة متسقة مع بعضها بلا أي ثغرات، فتبدو شخصية مقنعة إلى أقصى درجات الإقناع ليكون منطبقا مع النماذج التي نراها كثيرا في حياتنا الراهنة، تأخذ بظاهر النصوص وأحيانا تكون نصوصا خاطئة أو مكذوبة ومرويات ضعيفة وأحيانا يكون لديه قلة أو نقص في الأخبار والمرويات ويتصور نفسه الأكثر علما وإحاطة بالدين، ودائما ما يشاد الدين فيغلبه الدين، ويغلبه الآخرون بإحاطتهم وفهمهم برغم أن كثيرا منهم أميون لا يجيدون القراءة والكتابة وربما الحفظ مثله. يرصد خطاب هذه الرواية المدهشة التحولات المتدرجة وشديدة النعومة التي يمر بها المجتمع الإسلامي في تلك الحقبة الأولى، ويكشف عن الأسباب الخفية للصراع والاحتراب الداخلي وأسباب الفتن وأثر الأموال الطائلة والعوائد الضخمة للجباية والأمصار الجديدة، يرصد أثر هذه التحولات الاقتصادية على التحولات الإنسانية والسلوك الاجتماعي في طرائق العمران والمأكل والملبس واقتناء العبيد والجواري وأنماط البناء والزرع والقصور وغيرها الكثير من مظاهر النعمة، وكيف يمكن أن تتحول كل هذه الآثار في النهائية إلى حال من الصراع والجدل الفكري والديني والسياسي ومن ثم يمور بالأعماق صراع خفي وتصبح البيئة مهيئة لما حدث أو انفجر بعد ذلك من فتن وحروب بين المسلمين وبعضهم، ما يمكن أن تهمس به عديد الكتب التاريخية من حقائق وتصوير للأسباب والصراع والاحتراب جاءت به رواية "رحلة الدم" في خطاب سردي واحد اكتسب جماليات إضافية على السرد التاريخي بأن جعل كل ذلك يتبدى بمظهر إنساني وبصورة حياة كاملة متسلسلة ومترابطة ومتضافرة مع بعضها في نسيج كامل متسق مع بعضه وبرغم امتداد الرواية إلى حجم قد يبدو ضخما فهي في الأساس تعمل على الانتقاء والاختيار واستبعاد الكثير من التفاصيل، هي تركز على ما ورد في الكتب التاريخية وما في المرويات من العلامات التي قد تقود إلى تصوير واف للجمتمع الإسلامي الناشئ في هذه الحال من الامتداد والتمدد بسبب الفتوحات والانفتاح على الأمم والثقافات الأخرى، ومن هذه العلامات والإشارات والمرويات الرئيسة والمركزية يتجه الخطاب السردي ضمن استراتيجيته الجمالية إلى منحها لحما ودما لتكتسب نبضا إنسانيا وتبدو مشوقة وتتجسد في حياة كاملة يجسدها سردي مشهدي بانورامي لعالم مترام في جغرافيته بين مصر والمدينة والكوفة والبصرة والشام وغيرها من المدن والبلدان والبيوت والقصور وعديد الشخصيات وتظل اللوحة الحياتية التي يشكلها ويرسمها السرد متناسقة وحافلة بالحركة والحيوية وجاذبة للمتلقي.تتغير وجهات النظر وزاوية رصد الكاميرا من شخصية إلى أخرى ومن مكان إلى مكان ومن مظهر اجتماعي إلى مظهر اجتماعي أو بُعد حياتي وفق هذا المبدأ العام في الاختيار والانتقاء الذي يحكم العقل السردي بأن يركض وراء التحولات الاجتماعية وما طال المسلمين من تغيرات على المستوى النفسي والإنساني والتكوين العميق وليس فيما يخص المظهر، فحين يتجه السرد إلى حواء المدينة ويركز زاوية الرصد عليها فلا يكون ذلك بدافع الإسهاب في الفضائحية أو إبراز الشهوة لدى مجتمع الصحابة والتابعين كما قد يظن بعض القراء، ولكن ذلك يكون في تقديرنا لأجل إبراز التغيرات العميقة التي طالت أنماط المعيشة واللذة وكثرة الجواري والتغير العميق بين عصر عمر بن الخطاب وخليفته عثمان بن عفان الذي توسع في منح الأموال وفتح أبواب النعيم أمام الجميع حتى وإن حابى أقاربه من بني أمية أو أبناء مروان أو بني معيط أقارب عثمان.يتشكل عالم الرواية من تقاطعات الرغبة والشهوة والأفكار والمعتقدات والآراء ويتجلى الطابع الإنساني بثوابته وبنهمه، بعقله وذكائه أحيانا وحسن تصرفه أو بأخطائه وغشاوته أو جموده ومزالقه واجتهاداته في كثير من الأحيان لنكون في النهاية أمام عالم صاخب وثري على المستوى الإنساني وجدير بالمتابعة والاستمتاع وإعادة القراءة والنظر والتأمل فيما جاء به التاريخ، والرواية على هذا النحو محفزة للمتلقي على الاشتباك مع النصوص التاريخية ودافعة له للبحث والتنقيب والسؤال وإعادة قراءة كتب التاريخ والتفتيش عن بعض المرويات التاريخية حتى وإن كانت قليلة، ليكون المتلقي في النهاية أمام عالم متشكل من قطع ووحدات تتسم بالديناميكية وقادرا على التبديل بينها أو إعادة النظر فيها تصديقا وتكذيبا أو رفضا بعد أن تتحق لديه اللوحة الكاملة للعالم المسرود عنه وفق التشكيل الذي يعرضه عليه خطاب رواية "رحلة الدم"، فهي لكونها تتشكل من مصادر تاريخية عديدة فهي منفتحة على مصادرها وتتحاور معها أو تستمد دماءها من هذه المصادر التي هي كتابات أخرى في نهاية المطاف وفي عالم منفتح ومتداخل يمكنه أن يعود إليها بسهولة ويقارن أو يحكم عقله حذفا أو إثباتا أو تأويلا لبعض الأحداث التاريخية التي يستثمرها خطاب الرواية على طريقته الخاصة ولا يحاول التعسف في تأويلها، بل يعتمد على دلالاتها الأولية. فجدل كثير من الصحابة حول معنى الفتح أو الجهاد أو اختلافهم على الاستقرار في الأمصار أو الثبات على الحرب والجهاد واختلافهم على بعض الأحاديث أو تأويل أفعال النبي ومواقفه من أهل الذمة أو الأديان الأخرى أو تباين مواقفهم في توزيع عوائد الحرب بين قمة الزهد والامتناع وبين قمة الإغداق والتلذذ والاستمتاع، غيرها الكثير من الأسئلة مما لا يتطرف خطاب الرواية في تأويله أو توظيفه على نحو مبالغ فيه بل يعتمد خطاب الرواية على الدلالة الأولية والبدهية والمباشرة لكل هذه الأحداث. في خطاب هذه الرواية الكثير من الجماليات الخاصة باللغة وتقنيات السرد، ومنها مثلا فيما يخص اللغة ما يمكن تسميته باللغة الانفعالية النابضة التي تتشكل جملها في تدافعها أو تلاحق توابعها ومعطوفاتها وصورها أو انزياحاتها ومجازاتها بدافع من لغة عميقة أو نابعة من تبئير داخلي، فلا يتم السرد من منظور هادئ أو موقف يتسم بالبرود والمحايدة، بل من زاوية تتسم بالانفعال والتفاعل مع ملامح هذا العالم وتفاصيله فتأتي اللغة جامحة في آن ومندفعة منفعلة وصاخبة هادرة في أوصافها وصورها وتعديدها وحصرها أحيانا، وفي مرات أخرى تأتي وفق نغمات مستوية أو هابطة بحسب الموقف الملامح النفسية للشخصية أو مراحل التطور في المشهد المسرود، فمثلا ينفعل عمرو بن العاص فيجيب بغضب ويتراجع بعد قليل أو ينفعل شخص آخر وتعلو وتيرة كلامه وإيقاعه بحسب غضبه، ثم يتدخل عنصر آخر في المشهد ويحوله فتتغير اللغة وتهبط النغمة، وليس هذا خاصا بلغة الحوار فقط، بل هو سمت عام في لغة الرواية كلها، وفي تقديرنا الشخصي أن هذه الرواية الممتدة دون أدنى مبالغة يمكن وصفها بأنها أكاديمية لغوية قائمة بذاتها لما تحوي من أنساق لغوية جديدة تخص كافة مستويات اللغة من المعجم أو التراكيب أو الظواهر البلاغية وبخاصة ما يرتبط بالتصوير والبديع وتحديدا فكرة الجناس التي يبدو السارد مولعا بها، فيكون بين كثير من مفردات السرد جناس وتناغم صوتي يصبح في بعض الأحيان نموذجا في جماله وفي بعض الأحيان يكون سلبيا بعض الشيء وفيه نوع من التزيد، وربما تحتاج فكرة الجناس والتناغم الصوتي في الرواية وحدها لأن يتم درسها في رسالة ماجستير تبين أنماطه ونواتجه الجمالية وعلاقاته بالجملة السردية أو بالظواهر البلاغية الأخرى، ومثلها فكرة المعجم بين القديم والجديد، حيث يتم إحياء كثير من المفردات التي قد تكون قديمة بعض الشيء أو متروكة ودمجها في نسيج لغوي نابض وحيوي، وذلك بالنظر إلى اتساع مجال قراءة روايات إبراهيم عيسى بشكل عام وعدد طبعاتها بالمقارنة لنواتج مجمع اللغة العربية مثلا التي لا يسمع بها أحد. ففي تقديرنا أن رواية مثل هذه أكثر فائدة من عمل مجمع اللغة العربية عبر عقود من الجمود والركود وهي أكثر إحياء وتدليلا عمليا على حيوية كثير من المفردات وجمالها أو تنوع المفردات وثراء اللغة العربية. في الرواية كذلك كثير من التقنيات السردية الخاصة بترتيب المشاهد والنهايات والبدايات والتقنيات الأخرى الخاصة بالإرجاء والإخفاء أو التأجيل لبعض العناصر وأحيان التعمية لعناصر وأسماء وشخصيات إلى مشهد لاحق ليتشكل في النهاية لدينا سرد في غاية التشويق ويفيد كثيرا من فنون الدراما والسينما وتقنياتهما وطاقاتهما أو إمكانياتهما العظيمة ويبقى برغم كل هذا بهويته الروائية أو بطابعه الروائي الذي لا يشبه إلا نفسه ويعبر عن خصوصية خطاب إبراهيم عيسى الروائي وقدر ما يملك من القدرة على الإمتاع مع تحريك الراكد من الأسئلة والنواحي الفكرية المهمة في ثقافتنا العربية والإسلامية. والحقيقة هو خطاب سردي يحتاج إلى مزيد ومزيد من التأمل والبحث والاهتمام.
مشاركة :