إبداعات البوابة.. الطحان قصة لـ«محمد فيض خالد»

  • 10/23/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يقف شامخا فى ثيابهِ المغبرة بالدقيقِ، ترمقه عيون الصّبايا بإعجابٍ؛ رأين فى لطفهِ وحلاوةِ منطقهِ، وعذب حديثه، ودماثةِ خلقهِ، وشبابه الغضّ؛ ما يستحق.عرف طريقه للطاحونةِ صغيرا، يعمل مع والدهِ المعلم «حسانين»، وبعد موته أصبح خلفه.سبقته شهرته؛ ما جعلَ من قريتهم مقصدا لأهلِ القرى المجاورة، فترددوا على طاحونةِ «الحاج مندور» الذى اقتنع بهِ، ووثق فى أمانتهِ، اطلق يده فى كُلّ شىءٍ؛ بعد أن اكتشف خيانة «مرعى» الوزان، و«شحاتة» عامل القادوس، وتحايلهما فى سرقةِ الدقيق.لكن شعبية الشاب، وتحلق العذارى من حولهِ، أمر أزعجَ «صالح» وريث «مندور»، وفتى أمه المُدلل، الذى فشل فى دراستهِ، معتمدا على ثروةِ والده التى غرق بهِا فى سفهٍ، ففاحت رائحة عربدته، وليالى مجونه التى أضحت حديث القرية.لم يجد «صالح» من سبيلٍ إلا الطاحونة، يغرف من مالها ليسد عوزه. كانَ حُبا شريفا قد نبتَ بين «ربيع» و«وداد» ابنة «شاكر» شيخ الخفر، وجدت فى صاحبها القلب الحنون، وفى نفسهِ الحُبِ المنزه. ويوما بعد يومٍ يترعرع حبهما، وتشب جذوته.لاحظ صالح هذا الانجذاب، فاراد قطع الطريق أمامه، سريعا فاتحَ والده فى أمرِ زواجه من الفتاةِ. وأمام الثروة واغراءاتها وافق والدها، وعلى عجلٍ حُدد الزفاف، وصل الخبر «ربيع»، انزوى اسبوعا متعللا بالارهاقِ، ثم حمل أمه وهجرَ القرية دون إنذارٍ، أمّا «وداد» انقطعت عن الزادِ، وكرهت الحياة، حتى انزوى جمالها واصفرّ عودها وخفت شعاع الأمل من عينيها.لم يستطع صاحبها أن ينال منها منال الرجل من حليلتهِ، فهجر البيت وعاد أدراجه يُعاقر الرذيلة، يتخبّط أكثر من ذى قبلٍ فى الضّياعِ.انتكست حالتها، وغابت عافيتها، لم يجد والدها إلا أن يطوف بها المزارات وأعتابِ الأولياء ِ، فشل كُلّ شىء، كما فشلت يد الطبيب من قبل.صحا الدار يوما على صوتها؛ متوسلة رؤية «ربيع « قبل أن تُفارِق الدنيا.. الذى كان قد بدأ حياةً جديدةً مع «صفية» ابنة المقاول عبدالبر السوهاجى، وعند المساءِ اسلمت «وداد» الروح لباريها، فى الوقتِ الذى توسّط «ربيع» أصدقائه الذين قدموا ليباركوا زفافهِ.

مشاركة :