الأنظار تتجه نحو أسعار الفائدة الأمريكية

  • 8/10/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تحوّل تركيز الأسواق العالمية سريعاً نحو مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بعد انحسار المخاوف الحادة بشأن خروج اليونان من منطقة اليورو، حيث تتأهب الأسواق حالياً لارتفاع أسعار الفائدة المرتقب مطلع شهر سبتمبر المقبل. وستحمل هذه الخطوة على المستوى الإقليمي تأثيراً يطال إلى حد كبير العملات المرتبطة بالدولار الأمريكي، ما يفضي إلى ارتفاع تدريجي لأسعار الفائدة المحلية. ومن شأن هذا الاحتمال أن يؤجج المخاوف القائمة فعلياً حول التوقعات الاقتصادية الإقليمية والتي تتعلق أساساً بتراجع أسعار النفط وتأثير الإجراءات الأخيرة الهادفة إلى تعزيز وضبط الأوضاع الماليّة. أشار صندوق النقد الدولي إلى تلك المعطيات ضمن ورقته الأخيرة التي نشرها الأسبوع الماضي بعنوان مشاورات المادة الرابعة والخاصة بدولة الإمارات. وأكدت الورقة أن تراجع أسعار النفط يضعف حجم الفوائض المالية والخارجية، وإن أي ارتفاع لأسعار الفائدة الأمريكية خلال المرحلة المقبلة قد يؤدي إلى تشديد الأوضاع المالية بشكل عام. علاوةً على ذلك، خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو خلال عام 2015 إلى 3.0% بدلاً من 3.2% التي رجّحها في إبريل الماضي، وهو معدل منخفض جداً عن حصيلة النمو المسجلة خلال عام 2014. كما أشار إلى أن خطط خفض الإنفاق التي أعلنتها الحكومة الإماراتية مؤخراً ستفضي إلى تراجع بنسبة 1% في النمو الاقتصادي السنوي بدءاً من الفترة الحالية وصولاً لعام 2020. واستناداً إلى ما شهدناه هذا العام، لا تبدو البيانات الاقتصادية الصادرة حتى اليوم داعمة لمواكبة هذا التباطؤ الحاد. ويعزى التعديل الأخير لتوقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي الإماراتي إلى دور قطاع النفط بالدرجة الأولى، خصوصاً وأن توقعات النمو غير النفطي بقيت دون تغيير عند نسبة 3.4%. ولغاية الآن على الأقل، ارتفع إنتاج النفط فعلياً خلال النصف الأول لعام 2015 بحسب توقعات مؤسسة بلومبيرج، حيث بلغ متوسط الإنتاج 2.4%، وهو أعلى من المتوسط المسجل لعام 2014؛ وما لم يحدث انخفاض مفاجئ في إنتاج النفط خلال النصف الثاني 2015، فإننا نرجح استمرار قطاع النفط بمساهمته الإيجابية في النمو خلال العام. وبالحديث عن القطاع غير النفطي، انحسر زخم النمو على مدار العام لكن دون مواجهة أي موجة انعكاس. وقد أظهر مؤشر مديري المشتريات (PMI) الصادر عن بنك الإمارات دبي الوطني تراجعاً تدريجياً للأنشطة غير النفطية في الإمارات منذ شهر أكتوبر 2014. ولكن قراءة المؤشر الأخيرة أكدت تسجيل مستويات طيبة في الأنشطة التي ارتفعت إلى 55.8 نقطة مقارنة مع 54.7 في شهر يونيو الماضي. وقد عكس المؤشر وتيرة نمو قوية عموماً في أعقاب تسجيل معدل متوسط بلغ 56.8 خلال الشهور السبعة الأولى من العام. وبالنظر إلى التوقعات المتعلقة بتباطؤ الاقتصاد، يبقى مدى حدوث ذلك موضعاً للتساؤل. وحتى لو لم يتراجع النمو وفقاً للمعدلات التي رجّحها صندوق النقد الدولي، فإن ذلك سيحمل نتائج كبيرة في أجزاء عديدة من العالم. ففي الأسواق الناشئة على سبيل المثال، تشهد الصين تباطؤاً حاداً ولا تزال روسيا والبرازيل في حالة ركود. وبالنسبة للعديد من الاقتصادات المتقدمة، يواصل مؤشر مديري المشتريات في الإمارات إظهار مستويات أداء قوية نسبياً ليبدو أكثر إيجابية قياساً بنتائج مؤشر مديري المشتريات في القطاع الصناعي العالمي الصادر عن جي بي مورجان والذي بقي عالقاً عند مستوى 51.0 تقريباً خلال الشهور الأربعة الماضية. وفي ضوء أسس الاقتصاد الكلي الصعبة في المنطقة والعالم، يشير المسح الأخير حول مؤشر مديري المشتريات إلى مرونة واضحة في الاقتصاد الإماراتي، وإحراز تحسّن بنسبة 1.1 نقطة مئوية في القراءة الرئيسية خلال يونيو الذي شهد أقوى المكاسب في 9 أشهر ضمن مؤشر مديري المشتريات. وفي غمرة هذا المشهد المتباين، لا ينبغي بالضرورة النظر بتشاؤم كبير إلى التشديد المحتمل للسياسة النقدية الأمريكية. وبدلاً من ذلك، يمكن التطلع بإيجابية إلى إجراءات تطبيع السياسة النقدية الأمريكية بالنظر إلى حالة الاقتصاد الأمريكي، وقد يكون ذلك مفيداً على المستوى الإقليمي وكذلك في أجزاء أخرى من العالم. فقد كان العالم يترقب منذ فترة طويلة رفع أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي علماً أن تداعيات ذلك شملت وقف أو تأجيل العديد من القرارات الاستثمارية. وغالباً ما كانت التوجهات الاستثمارية متأثرة بانعدام اليقين نتيجة ما يحدث في الولايات المتحدة؛ حيث خيّمت حالة من الشلل على المستهلكين والشركات نتيجة المخاوف التي قد تكون قاب قوسين أو أدنى من الحدوث. وعلاوةً على تأثير الصدمة الأوليّة لرفع أسعار الفائدة الأمريكية لأول مرة منذ عام 2006، سيكون التخلص من تلك الشكوك حافزاً للشركات والأفراد من أجل الإقدام على المخاطر وحفز النمو وليس الإضرار بمسيرته. تيم فوكس *رئيس الأبحاث وكبير الاقتصاديين في مجموعةبنك الإمارات دبي الوطني

مشاركة :