كانت الأنظار كلها منصبة على الصين لتحديد ما إذا كان البنك المركزي الصيني سيستمر في مسار التخفيض في محاولة لاسترداد الحصة التي كانت الصين قد خسرتها من النمو العالمي. وبعد بداية غير ثابتة في يناير/كانون الثاني، يبدو أن فبراير/شباط قد منح الأسواق بعض الهدوء، خاصة بعد صدور محاضر آخر اجتماع للجنة الفيدرالية للسوق المفتوح. أما عالمياً، فمع استمرار الفائض النفطي كسبب رئيس لبقاء أسعار النفط قرب أدنى مستوياتها، يبدو أن تسارع الاقتصاد العالمي هو الحل الوحيد لارتفاع أسعار النفط. وليس من المرجح، مع تخفيض صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية النمو العالمي وسط التباطؤ الصيني، أن ترتفع أسعار النفط في المدى القصير، وسيعود التوتر على الأرجح إلى الأسواق في 2016. يفضل واضعو السياسة تأجيل رفع أسعار الفائدة مع استمرار انخفاض التضخم العالمي. وفي بعض الحالات، كاليابان وأوروبا، تخفض البنوك المركزية أسعار الفائدة إلى النطاق السلبي في محاولة لتحفيز النمو في اقتصاداتها. وقد تحسنت مؤشرات اقتصادية مختلفة مجدداً هذا الأسبوع، مع أن يناير كان شهراً صعباً بالنسبة لأساسيات السوق، فسجلت طلبات البطالة الأولية 262 ألفاً مقابل توقعات بلغت 275 ألفاً، وسجل مؤشر التصنيع لمجلس احتياط فيلادلفيا 2.8- مقابل توقعات بلغت 3.0-. وتحسن المعدل المتحرك لأربعة أسابيع للطلبات، وهو أمر إيجابي جداً. وقد يستمر الجو الحالي الهادئ وينخفض التقلب في المدى القصير مع التوقعات بتأجيل رفع المجلس الفيدرالي لأسعار الفائدة إلى فبراير/شباط 2017. وتحولت كل الأنظار الآن نحو السلع، خاصة أسعار النفط، والتباطؤ الاقتصادي العالمي. اليابان يبقى الين متقلباً جداً ومتراوحاً ما بين 114.87 و112.31. ويستمر أداء الين مرتبطاً سلبياً بشكل كبير بمؤشر نيكاي، ويستمر المستثمرون بالبيع كلما ارتفع الدولار، فيما ينتظرون التحرك المقبل لبنك اليابان، الذي فشلت إجراءاته الأخيرة حتى الآن في تخفيض قيمة الين وبعثت بإشارات سلبية إلى أسواق الأسهم. اليورو خسر اليورو قليلاً مقابل الدولار هذا الأسبوع. ويستمر التدخل اللفظي للبنك المركزي الأوروبي، مع تعهد دراغي بالقيام بما يتطلبه الأمر لتحفيز النمو الاقتصادي الأوروبي. وتراجع اليورو إلى 1.1130 في نهاية الأسبوع. ورغم الأرقام الاقتصادية الجيدة في بريطانيا، والتقدم في المفاوضات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع، فإن عدم الاتفاق الذي كان سائدا أبقى الجنيه مقيدا، لينهي الأسبوع عند مستوى 1.4406 تقريباً. ويبقى اتجاه الجنيه في المدى القصير معتمداً بشكل كبير على تقدم المحادثات في بروكسل أو عدم تقدمها. الاحتياطي الفيدرالي قال جيمس بولارد، أحد أبرز الصقور في مجلس الاحتياط الفيدرالي، ورئيس مجلس احتياط سانت لويس، في استدارة كاملة لموقفه، إنه سيكون من غير الحكمة أن يستمر المجلس الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة نظرا لخفض توقعات التضخم والتقلبات الأخيرة في أسواق الأسهم. وكان بولارد السنة الماضية مع الرفع المبكر لأسعار الفائدة، ولكنه قال إنه يشعر الآن أن الافتراضات الرئيسة الداعمة لرفع أسعار الفائدة قد ضعفت. وقد تراجعت توقعات التضخم بشكل لا يبعث على الارتياح، ما يرفع احتمال تراجع التضخم نفسه واستمرار عدم بلوغه النسبة المستهدفة البالغة %2. وقال بولارد أرى أنه من غير الحكمة أن نستمر في استراتيجية تطبيع في جو من تراجع التوقعات الخاصة بالتضخم. وإضافة لذلك، فإن انخفاض أسعار الأسهم وغيره من تقييد الظروف المالية قد جعل فقاعات الأصول الخطرة أقل أهمية في المدى المتوسط. وبشكل مواز، تمسك رئيس مجلس سان فرانسيسكو، جون ويليامز، برأيه بأن الوتيرة التدريجية لسياسة التطبيع هي أفضل مسار. وقال ويليامز إن الاقتصاد الأميركي لا زال بحاجة لدفعة بسيطة من السياسة النقدية ولكن الاقتصاد بمجمله يبدو في وضع جيد. وبالنسبة لأسعار الفائدة السلبية، قال ويليامز إن فرص خفض المجلس الفيدرالي لأسعار الفائدة دون الصفر بعيدة جدا. المجلس الفيدرالي قلق بشأن الظروف المالية وسط بيانات اقتصادية ضعيفة أشار آخر استطلاع لمجلس احتياط فيلادلفيا لفبراير إلى أن التصنيع بحسب معهد إدارة الموارد سيبقى على الأرجح في نطاق انكماشي. فقد انخفض التصنيع في فيلادلفيا بعد تعديله بحسب معهد إدارة الموارد من 47.5 في يناير/كانون الثاني إلى 44.7 في فبراير/شباط وتماشى مع أدنى مستوى له كان قد سجّله في أكتوبر/تشرين الأول. وطالما بقي استطلاع التصنيع بحسب معهد إدارة الإنتاج دون 50، فإن المستثمرين سيبقون قلقين على الأرجح بشأن آفاق النمو الأمريكي. وانخفض أيضا هذا الأسبوع عدد مشاريع الإسكان التي بدأ العمل بها، ولكن ذلك قد تكون له، بحسب المحللين، علاقة مباشرة بالطقس السيىء الذي شهدته بعض أنحاء البلاد في يناير. وسجل الإنتاج الصناعي ارتفاعاً بنسبة 0,9% على أساس شهري مقابل توقعات بارتفاع نسبته %0.4. وارتفع هذا الرقم بقوة رغم خفضه بعد المراجعات في الشهر السابق. وأشار إصدار محاضر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوح في يناير هذا الأسبوع إلى أن المجلس الفيدرالي لا زال في وضعية انتظار وترقب، منفتحاً على كل الخيارات ولكن في حالة عدم يقين واضحة حيال توقع المستقبل. وتحول انتباه الأعضاء نحو العوامل التي تقف وراء الاضطراب في الأسواق، وأظهرت المحاضر أنه في حين أقر واضعو السياسة بالتأثيرات المحتملة للتقييد الذي تم للظروف المالية، ظن معظمهم أن مدى استمرار الظروف الأكثر تقييداً وما قد يعني ذلك بالنسبة للمستقبل ليس واضحاً، وبالتالي قرروا أنه من المبكر تعديل تقييمهم للمستقبل بشكل ملحوظ. هدوء الأسواق الصينية مع عودة الصين من أسبوع أعياد، كانت الأسواق الصينية أهدأ بعد تعليقات حاكم البنك المركزي الصيني، قائلاً إنه لم ير أساساً لاستمرار خفض العملة. ومن ناحية البيانات، انخفضت الصادرات بنسبة 6.6% على أساس سنوي في يناير بعد الارتفاع البالغة نسبته 2.3% في ديسمبر/كانون الأول، وكانت التوقعات لارتفاع نسبته %3.6. وكان هذا هو الانخفاض الأكبر في الصادرات منذ انخفاض يوليو 2015 البالغة نسبته 8.9%. وكان الانخفاض أكبر إذا ما قيس بالدولار، مع انخفاض الصادرات بنسبة 11,2% على أساس سنوي. وانخفضت الواردات أيضا بنسبة 18.8%. بعد أن انخفضت بنسبة 7.6% في يناير، مقابل توقعات بانخفاض نسبته 3.6%. مراجعة السياسةالنقدية لليورو لم تقدم محاضر اجتماع البنك المركزي الأوروبي هذا الأسبوع شيئاً جديداً، وكشفت أن المجلس الحاكم قرر بالإجماع أن السياسة بحاجة للمراجعة وربما إعادة النظر بها في اجتماع مارس/آذار، رغم وجود بعض التلميحات من بعض واضعي السياسة إلى أنه يفضّل التحرك بشكل استباقي بدلاً من الانتظار إلى ما بعد تحقق المخاطر تماماً. وتتوقع الأسواق أن يخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة على الودائع 10 نقاط أساس أخرى ليصل إلى %0.4- الشهر القادم، في حين يرجح أن يرتفع برنامج التسهيل الكمي البالغة قيمته 60 بليون يورو والذي بدأ العمل به منذ سنة. ولكن جين وايدمان، رئيس البنك المركزي الألماني، يبقى ضد تمديد برنامج البنك المركزي الأوروبي لشراء الأصول. تجميد الإنتاج المفاوضات التي حصلت في قطر لم تفض إلى تغير أساس في دعوة أوبك لتعاون الدول من خارج أوبك، أو توقعات السوق بنمو العرض هذه السنة. ومع توجه المحادثات من خفض إلى وقف في الإنتاج من المنتجين الذين لم يكن يتوقع أن يرفعوا إنتاجهم، مثل روسيا وفنزويلا والسعودية وقطر. صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تخفضان النمو العالمي للعام 2016. أصدر صندوق النقد الدولي تحديثاً لتقريره آفاق الاقتصاد العالمي هذا الأسبوع، قائلاً إن تحسن النمو العالمي كان ضعيفا ومتفاوتا بين الاقتصادات، ويتوقع أن يتباطأ النمو في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية. ويتوقع الصندوق أن يتراجع النمو العالمي من 3.6% في أكتوبر إلى 3.4% هذه السنة و3.6% في 2017. ويقدّر الصندوق أن يكون الاقتصاد العالمي قد نما بنسبة 3.1% السنة الماضية. وبحسب أحد مديري البحث، فإن هذه السنة ستكون سنة تحديات كبيرة، وعلى واضعي السياسات أن يفكروا في المرونة القصيرة المدى وفي سبل تعزيزها، وأيضا في آفاق النمو الطويل المدى. وخفضت أيضا منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بشكل مواز توقعاتها للنمو العالمي هذا الأسبوع.
مشاركة :